عبد الباقي الظافر

ناس درجة ثانية ..!!


أتذكر دائماً مقترح صديقي الساخر.. مهندس كان ضمن عدد غير قليل أقلتهم طائرة إلى مطار الفاشر.. بعيد الوصول بحمد الله وفضله لاحظ صديقنا أن معظم ركاب الطائرة مضوا إلى صالة كبار الزوار.. التفت صديقي إلى زملاء الحظ العاثر مقترحاً تخصيص قاعة لصغار الزوار من أمثالهم .
يوجد ترحيل من الباب إلى الباب..هكذا كانت تروج وزارة الخارجية لمدارسها الخاصة .. فقرة أخرى تفيد أن هنالك منهج بريطاني .. وثالثة تؤكد أن أكاديمية السودان العالمية ليست مؤسسة ربحية، أنا أتفهم حاجة أبناء الدبلوماسيين لمدارس عالمية حين عودة الآباء لمناطق الشدة بالعاصمة الخرطوم..وهنالك دبلوماسيون يعرفون من أين تؤكل الكتف في الخرطوم .. بالتالي تتحول أيام شدتهم للرخاء حينما ينتدبون أنفسهم لمؤسسات سيادية ووزارات تكثر من السفر ..لكن هذا ليس موضوعنا.
ليست وزارة الخارجية وحدها التي انتزعت تخصصاً في مجال التربية والتعليم.. من قبل أنشات وزارة الداخلية جامعة الرباط الوطني ..ثم جاءت جامعة كرري التي تنتسب الى القوات المسلحة..ولم تكتب وزارة الصحة نفسها شقية ففكرت في إنشاء أكاديمية صحية..كان ذلك في مجال التعليم العالي.. لكن وزارة الخارجية بعد أن أسست المركز القومي للدراسات الدبلوماسية المتخصص في التعليم الدبلوماسي، مضت الى منابع التعليم وأنشأت اكاديمية للتعليم دون الجامعي..باتت الخارجية تتولى النشء من المهد إلى اللحد.
أين المشكلة ..التخصصية أهم أدوات النجاح..ولاية وزارة التربية على جميع المدارس أمر في غاية الأهمية.. ولكن عندما تشاهد مدرسة ابتدائية ينتهي نسبها إلى وزارة الخارجية فهذا ما يثير الاستغراب..المدرسة الدبلوماسية ستنافس القطاع الخاص منافسة غير شريفة..مثل هذه المدارس تعتبر الأقرب حظوة والأسرع خطوة.. بتصديق من وكيل الوزارة يصبح الأمر الصعب أكثر يسراً.
أما الجامعات المتنازعة بين العسكرية والمدنية فأمرها أكثر تعقيدا.. التعليم العالي له إرث طويل وأعراف صارمة ..كل مؤسسة تحمل تقاليد مختلفة..هنا وضع هذه الجامعات يكون متنازع بين قوانين العسكرية الصارمة وقوانين الجامعات المدنية ذات الطبيعة الخاصة..وحينما تلج هذه الجامعات ذات الخلفية العسكرية ميدان الاستثمار الأكاديمي وتقبل الطلاب مقابل المال يصبح العوار واضحاً..ستجد المؤسسات العسكرية أنها ولجت في ميدان شائك .
لن تتوقف الوزارات الغنية عن فرز عيشتها عن عموم المواطنين ..ظاهرة الأندية الفاخرة والمشيدة من أموال دافع الضرائب باتت تطل بأعين مستفزة..أندية الترفيه لا تمول من مداخيل أعضائها فقط..ولا تخصص لرفاهية الأعضاء بل تلج مباشرة إلى سوق الله اكبر و(الكاش يقلل النقاش).
بصراحة..احترام التخصصية أمر في غاية الأهمية..كما ننادي بولاية المالية على المال العام، والخارجية على الشأن الدبلوماسي ..نلتمس من المؤسسات المسنودة ترك عادة الرعي الجائر في مراعي الجيران.