محمود الدنعو

رئيس حتى بعد الموت


التشبث بالسلطة حتى الموت في أفريقيا ليس بالأمر الجديد ولا الغريب، ولكن أنصار الرئيس الزيمبابوي روبري موغابي عميد الرؤساء الأفارقة ذهبوا إلى أبعد من مطالبته بالبقاء في سدة الحكم حتى الموت، بل أن يحكمهم من المقابر أو كما تمنت زوجته جريس موغابي التي قالت أمام حشد من أنصار موغابي الذين تظاهروا في العاصمة هراري، مطالبين بضرورة أن يحكم موغابي البلاد حتى الموت، بحسب موقع (ايه بي سي نيوز) الأمريكي. وقال الموقع إن مؤيدي موغابي تدافعوا من حدب وصوب على ظهور الحافلات والقطارات والشاحنات من أنحاء البلاد المتفرقة إلى العاصمة في يوم عيد أفريقيا ليتظاهروا، مطالبين الرئيس الذي ظل يحكم البلاد من العام 1980، أي منذ استقلال البلاد وحتى اليوم بالاستمرار في الحكم حتى وإن بلغ من العمر عتياً (92) عاما، ومن الجبروت أن زج بجميع المعارضين في السجون.
وظل موغابي على سدة السلطة في زيمبابوي التي كانت تُدعى في السابق روديسيا منذ العام 1980، وبعد انتخابات العام 2008 التي شهدت تضييقا على المعارضين دفعهم إلى الفرار خارج البلاد واللجوء إلى جنوب أفريقيا المجاورة، وبعد فوزه كالعادة في آخر انتخابات في العام 2013 أبدى موغابي نبرة تصالحية مع منافسه الرئيس مورغان تسفانجيراي، ولكن عميد رؤساء العالم حاليا الذي احتفل بعيد ملايده الـ 92 مؤخرا، لا يبدي زهدا في السلطة، ولا يتوقع أن يتنحى أو يستسلم حتى الموت، والسؤال الآن ليس في استمرار موغابي كشخص لأنه على أعتاب المئة عام من عمره، ولن يعمر طويلاً، ولكن الإرث السياسي الذي تركه وحالة الاقتصاد المزرية التي تعيشها بلاده بسبب الحصار الغربي جراء سياسيات موغابي المناهضة للبيض عموماً، فضلاً عن مستقبل حزبه – الاتحاد الوطني الأفريقي الزيمبابوي – الجبهة الوطنية – هل ينتهي برحيله عن الحياة أو السلطة أم سينقسم إلى أحزاب متعددة؟
بالتزامن مع عيد ميلاده الـ 92 الذي احتفل به الشهر الماضي بشكل بذخي وجد الاستياء كون بلاده وشعبه يكابدان الفقر المدقع، نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية تقريراً سلطت خلاله الضوء على الجدل حول خلافة – أقدم زعماء العالم- الذي أصبحت حالته الصحية سيئة جداً، وسط مخاوف من انزلاق البلاد لحافة الفوضى مع اشتعال معركة الخلافة بين زوجته الحالية ونائبه. وكان الرئيس موغابي قد صرح هذا العام أنه سوف يظل يرأس زيمبابوي (حتى يتوفاه الله). وقالت الصحيفة، لكن نهاية الحقبة تلوح في أفق العاصمة، مع تزايد ضعف موغابي الذي أصبح واضحاً العام الماضي، الحديث عن وفاته أصبح يهيمن على المحادثات السرية للطبقة الحاكمة، مما يقود إلى بعض المناورات ﻹنهاء اللعبة.