مفوضية ضبط الدرجات العلمية..!!
الأستاذ عبدالرحيم حمدي وزير المالية الأسبق كان يروي لنا ذات يوم أنه فكر في نشر إعلان للعامة.. يفيد في إعلانه أنه العبد الرحيم لا يملك درجة الدكتوراة.. مشكلة الأستاذ حمدي أنه ما حل بقوم حتى أثقلوا كاهله بارفع الدرجات العلمية .. بعضهم لا يكتفي بإطلاق لقب دكتور على أستاذنا فيتوسم في كلمة بروفسور الفخامة وعلو المنزلة فيطبق بها على الأستاذ حمدي وهو لها كاره.
أمس حملت الزميلة الانتباهة خبراً في زاوية همس وجهر مصحوباً بصورة كبيرة.. خبر الانتباهة يفيد بأن البرلمان الدولي للتنمية البشرية منح درجة الدكتوراة الفخرية للأستاذ عوض حسن وذلك لجهوده في في تنمية قدرات الشباب العربي والأفريقي, ويمضي الخبر ويعرف المفخرة السودانية بأنه أمين عام مجلس الشباب العربي والأفريقي ..الغريب أن الخبر يفيد أن الدرجة الممنوحة جاءت من جامعة الحياة الجديدة.. ولا تكتمل الفرحة إلا بنهاية الفاصل الأخير الذي يقول “ جاء التكريم في حفل توقيع مذكرة التعاون المشترك بين البرلمان الدولي ومجلس الشباب العربي والأفريقي.. حينما سألت العم قوقل عن جامعة الحياة الجديدة أكد أنها جامعة افتراضية أسست في العام ٢٠٠٥.
بالطبع نحن لا نحسد ابننا عوض حسن على هذا النبوغ المبكر ..فقد بات الآن يجلس على ذات المقاعد العلمية التي يجلس عليها الدكتور أشرف الكاردينال والدكتور جمال الوالي والدكتور حمد الريح وجمع من السياسيين أشهرهم العقيد معمر القذافي .. بعض من النخبة الحاكمة في السودان اشتروا بحر مالهم وعميق نفوذهم السياسي درجات علمية من جامعات محترمة.
في ذات عدد البارحة من الزميلة الانتباهة التي يرأسها الصديق العزيز الصادق الرزيقي نقيب الصحفيين في السودان جاء أن المدربة الرياضية سلمى الماجدي اختيرت من ضمن أفضل مائة امرأة في العالم.. جاء ذلك بالبنط العريض .. وسارة لمن فاتهم الاستماع تشغل وظيفة مدرب نادي النهضة ربك.. السيدة الفضلى أكدت للصحيفة بأنها تحتفظ بالتقرير الذي جعلها في ذمرة المائة الأوائل في غرفة نومها وذلك لأهميته.
بين الحين والآخر اقرأ خبراً يفيد باختيار شخصية سودانية عادية ضمن قائمة أفضل البشر في مجال محدد.. وهذه صناعة ( بروبقندا) تستهدف الاستثمار التجاري عبر خداع بعض الشخصيات الباحثة عن النفوذ.. الغريب أننا نحتفي بهذه الألقاب دون أن نعرف مصدرها .. بل أحياناً تنهال التهاني على أصحابها من أهل الحظوة.. أما الذين يحملون درجات علمية وهمية فلا يسع المجال لذكرهم.. بعضهم بالكاد أكمل درجة الماجستير.. فيما البعض لا يملك حتى درجة البكلاريوس .. بعض من هؤلاء لا يلتفت لصوت المنادي إذا لم يسبق اسمه بلقب الدكتور الذي يطرب..
في تقديري .. أن موضة الدرجات العلمية الفخرية أو التي تتحصل عن طريق جهد محدود تحتاج إلى مراجعة ..هنالك بيوت متخصصة في إعداد البحوث المزيفة .. وهنالك أقلام مستعدة لبيع بحوث لا ينقصها إلا التغليف الفاخر.. الآن بلدنا باتت قبلة للباحثين عن دكتوراة بالأقساط المريحة والجهد المحدود خاصة من دول الجوار العربي.
بصراحة.. نحتاج إلى ضوابط تعيد للدرجات العلمية رونقها.. أما الأسس التي بموجبها تمنح الدرجات الفخرية فتلك قصة أخرى.