عبد الباقي الظافر

الصمت من ذهب ياهؤلاء..!!


عبد الطيف يروي قصته لآخر لحظة..شيء أشبه بالدراما ..عبداللطيف يضع القلم ويترك مهنة الصحافة ليلتحق بالعسكرية..في معركة في دارفور يسقط جريحا..احدهم حاول ان يرسله الى الدار الاخرى ولكن محارب اخر يمنعه ..حتى في الحرب هنالك أخيار وأشرار ..ينتهي به الامر أسيرا ..لكن الخبر يصل الى الاسرة بان ابنهم قد قتل في المعركة ..الحاج ادم نائب رئيس الحمهورية وقتها يزور صحيفة اخر لحظة مقدما واجب العزاء. بعد أشهر تصل اخبارية جديدة للاسرة تفيد ان ابنهم على قيد الحياة..ينتقل مقام الأسير الى راجا في دولة جنوب السودان..سنوات تمر..في احدى معارك الاشقاء في الجنوب يصبح السجن ميدان معركة..يفر عبداللطيف وزملاؤه الى جوف الغابة ..بعد ثمانية عشر يوما من التيه يصلون الى احد معسكرات الجيش..حينما يصل الشهيد الى اَهله في نهر النيل يتلقى التعازي فقد ماتت زوجته قبل عام او يزيد.
استبشر الناس خير بمبادرة (سائحون ) للافراج عن الأسرى.. قادة (سائحون ) تمكنوا من إقناع خصومهم في الميدان بالافراج عن (٢٢ ) أسيرا.. مضت الخطوات على ما يرام ..قيادة سائحون كانت في اثيوبيا تتابع تفاصيل عملية الافراج.. الصليب الاحمر ارسل طائرة الى مطار مدينة اصوصا الاثيوبية.. فجاءة حدثت تعقيدات وتم تأجيل العملية لأسباب اجرائية نتوقع ان تزول في اي لحظة.
هنا في الخرطوم كان هنالك من يشكك في نوايا مجموعة (السائحون)..مجموعة تسمى السائحون الوطنيون كناية من انتهاء نسبهم الى الحزب الحاكم سودت وسائط التواصل الاجتماعي بأحاديث سالبة.. السيد ادروب الناطق باسم هذه المجموعة حول ان يبخس بضاعة المجموعة المنافسة ..كان ادروب ادروب يلمح ان الأسرى تم إطلاق سراحهم بوسائل اخرى أشبه بأساطير السينما ..وبما ان الأسرى لم يصلوا للخرطوم تصبح مثل هذه الادعاءات أشبه بالنيران الصديقة التي تحدث ضررا على العملية الحساسة.
مثل هذه الاقوال يمكن ان تستفز الطرف الاخر الذي يحاول ان يسوق مسالة إطلاق سراح الأسرى في عمل سياسي ..ناتج الاستفزاز يمكن ان تعرقل العملية الى وقت اخر.. كما ان اجواء الحوار السائدة والمقرونة بقدوم شهر رمضان ومبادرة رئيس الجمهورية بوقف إطلاق النار في جنوب كردفان والنيل الازرق تحتم على الحكومة وانصارها الجنوح للتعامل الرزين والهادي..اغلب الظن ان محاولة التقليل من جهود مجموعة (السائحون ) تاتي في اطار الصراع داخل اجنحة الحركة الاسلامية الكبيرة .. لكن ضرورة النظر الى المشهد كاملا يحتم الصمت من جانب الحكومة وانصارها ان لم يكن الثناء على جهد يقلل من الاثار السالبة للحرب الأهلية في بلادنا .
في تقديري..من المهم النظر الى الميدان السياسي بعقلانية.. كل مبادرة إنسانية لها جوانب سياسية.. من حق الحركات المسلحة ان تسثمر في هذا الحدث حتى لو بالتقاط الصور التذكارية ..ذات الامر ينطبق على مجموعة (سائحون ) التي من حقها حصاد جهدها في التواصل مع إعداء الامس ..لهذا على المجوعات الاخرى ان تعمل بايجابية وتطرح مبادرات من شاكلة ان يشمل العفو المحكومين في قضايا ذات شبهة سياسية.
بصراحة.. حكومتنا هذه لا تعاني من ظاهرة تعدد الألسنة فحسب بل من تضارب الرؤى.. لم يصدر حتى الان بيان رسمي يرحب بجهود الوسطاء والخصوم في إطلاق سراح أسرانا .