النائب البرلماني “أبو القاسم برطم” من (على المنصة) (2ـ2)
حملت الانتخابات التشريعية والرئاسية الماضية، بعض المفاجآت أو المتغيرات. فإلى جانب تقلص مساحة الحزب الحاكم، بسبب تنازله عن بعض الدوائر، لقوى متحالفة معه، برزت كتلة من النواب المستقلين عن كافة القوى السياسية، لأول مرة خلال ربع القرن الماضي، وحملت معها آمالاً عريضة، بممارسة برلمانية جديدة، خاصة فيما يتعلق، بمراقبة أداء السلطة التنفيذية، والدفاع عن مصالح المواطنين الحيوية.
ولم يكن بروز كتلة المستقلين، منذ بداياته يخلو من مفاجآت. فقد أضفوا على الانتخابات قدراً كبيراً من الحيوية. وكان “أبو القاسم برطم”، هو أبرز نجوم كتلة المستقلين، خلال الانتخابات، مثلما كان أحد أبرز النواب الناشطين تحت قبة البرلمان. وكانت أطروحاته ومواقفه، مع زملائه الآخرين، وما زالت محل اهتمام أجهزة الإعلام والرأي العام.
“أبو القاسم برطم”، حل ضيفاً على الأستاذ “الهندي عز الدين”، في برنامجه (على المنصة) في فضائية (الخضراء)، حيث أجرى معه الحوار التالي، الذي استعرض فيه معالم تجربته السياسية كمستقل، وما يتصل بذلك من اهتمامات وقضايا. فيما يلي نص الجزء الثاني من الحوار:
{ يعني اقتصادنا.. الكثير من المحللين الاقتصاديين يرون أن الاقتصاد السوداني اقتصاد مستهلك.. يعني نحن الآن دولة تستورد ما يربو على الـ(10) مليارات دولار ونصدر نحو (3) مليارات دولار أو أقل ونحن اقتصاد مستهلك حتى على مستوى رجال الأعمال والبيزنس هنالك تسابق في الواجهات الاقتصادية واجهات مالية ربما أكثر من التركيز على عملية الإنتاج يعني في أوروبا نجد أن رجل الأعمال الضخم الذي يدير مجموعة شركات ضخمة ربما يسكن في بيت صغير ويقود دراجة في المساء سيارته ربما تكون عادية لكنه يدير مليارات.. نحن هنا نتسابق في البنيان ما رأيك في هذا الحديث؟
ـ والله هو بصورة أو بأخرى هو صحيح لكن أنا بخت الخطأ كله على الدولة والدولة وسياساتها الخطأ، تقود المجتمع يعني الليلة لو كان الدولة عندها سياسة واضحة قادت المجتمع للإنتاج يعني أنت الليلة في أقرب دولة دبي القريبة دي الدولة فرضت على الناس اتعلموا النضافة بصورة أو بأخرى إنو الناس ما ترمي الأوساخ في الشارع أو كدا، بعد شوية ببقى سلوك من المواطن، هنا الدولة بتاعتنا ما عندها علاقة بالمجتمع ولا المواطن ولا سلوكياته يعني الصراع الحاصل داخل المجتمع صراع عشوائي الدولة واقفة تتفرج فيهو ودا بخلي إنو المواطن بقى مواطن ما بقول ليك مستهلك، لكن ما منتج حتى البيزنس اللي بقى بشتغل فيه، بقى بمشي للحاجة الخدمية يعني بمشي للحاجة السريعة، الشغل الإنتاجي عادة بياخد فترة زمنية طويلة نسبياً، الدولة هي مسؤولة بقوانينها وغيرها.
{ لكن ألا تعتقد أن الطبقة يمكن أن نسميها رغم اختلافك معنا الرأسمالية أو الطبقة التي تملك المال في السودان أيضاً سلوكها سلوك تساهل في جلب هذا المال في أنها لا تريد الطريقة الصعبة؟
ـ السؤال في إنو المال دا جاء كيف، يعني المال اللي بجي بسهولة طبيعي ما ح يكون فيهو سستم، أنا ما عايز أقول ليك أغلب الأموال الآن ممكن تشوفها عند بعض الأفراد كرأسماليين نحن نرجع والله الأفراد ديل وصلوا المرحلة العالية دي كيف، هل بدوا بشغل مؤسس ولا شغل سمسرة شغلة تطلع ببنك بتاع قروش وبقى رأسمالي، دا هنا حتى اللي بقى طبقة رأسمالية ح تكون طبقة مشوهة، عشان كدا قبيل قلت ليك الطبقة الرأسمالية هي سلوك وليس تراكم أموال.
{ البعض يقول إن السيد “أبو القاسم برطم” ربما يكون من مجموعة الطبقة.. أنه رجل أعمال له ثروة بنى بيتاً سمي في الخرطوم بـ”البيت الأبيض” في ضاحية كافوري يعني أصبح رمزاً في هذه الضاحية الثرية.. الناس تتساءل إنها قبل دائرة دنقلا لم تكن تسمع بالسيد “أبو القاسم برطم” لو أننا شاهدنا تقريراً من الكنترول عن البيت الأبيض السوداني الذي بثته فضائية الحرة.. سيد “برطم” (5) آلاف متر مربع يقوم عليها البيت الأبيض.. ألم يكن مجدياً إقامة مصنع من نصف تكلفة هذا البيت؟
ـ لا دا حاجة براها ودي حاجة براها، أنا ما دولة أنا ملزم عليّ أوفر الإنتاج للدولة والمواطنين، أنا شخصياً عندي شغل إنتاجي وفيه مجموعة كبيرة من العمال والموظفين.
{ ما هو المجال الذي يعمل فيه السيد “أبو القاسم برطم”؟
ـ أنا بشتغل في مجال البترول وخدمات البترول، والحمد لله من بدري من سنة 97 أو أقل مع ظهور البترول، وأحمد الله إنو البيت اتبنى واتعمل قبل المجلس الوطني وإلا كان ح تبقى تهمة استغلال السياسة بالسلطة.
{ نحن نتحدث بصفة عامة هذا مال عائدات البترول السوداني وهنالك اتهام مثل.. هو اتهام لك الآن فيما يتعلق بالبيت الأبيض الأمريكي.. في اتهام للدولة بأنها أسرفت في الصرف على مال البترول ولم يتحول إلى بنيات أساسية كبيرة طبعاً حينما نقول هذا الحديث في الصحافة يرد قادة الدولة بأن سد مروي.. الطرق.. الكباري كلها جاءت على ضمانات البترول ولكنه على ضمانات البترول وليس من عائدات البترول.. ماذا تقول هل السلوك “أبو القاسم برطم” حول البيت الأبيض الأمريكي هو صورة مصغرة لسلوك الدولة؟
ـ لا أبداً أنت ما تقارن سلوك دولة بمواطن، المواطن دا في النهاية دا ماله الخاص وبعد داك هو عنده الحرية الكاملة، لكن الدولة هي الوصية على المال العام دا مال الـ(30) مليون مواطن وأنا بحاسب الدولة على سلوكها، لكن ما بحاسب مواطن على إنو بنى ليهو بيت فيهو (10) آلاف متر أو (5) آلاف متر.
{ هل تعتقد بأنه مشكلة في ثقافتنا.. يعني تحدثت الوزير في بريطانيا يسكن في بيت طابق أو طابقين وحديقة صغيرة يشابه بيت جيرانه من المواطنين العاديين.. هل هذه مشكلة في ثقافتنا نحتاج إلى تغييرها أم سلوك.. سلوك التباري في البنيان ليس بيت “أبو القاسم برطم” فقط حينما ندخل أي ضاحية.. ضاحية كافوري نفسها أو الرياض أو الطائف أو روضة في أم درمان ستجد أن هنالك تطاولاً كبيراً في البنيان.. هنالك قصور وفيلات لا تتناسب مع المشهد العام.. مع حالة الاقتصاد السوداني؟
ـ طيب شوف هو بالنسبة للبيت الأبيض البسموه الشباب هو عبارة عن أربعة طوابق اللي هو إنت لو مشيت أي حتة في السوق العربي يعني كتكاليف، الناس شوية زودتوا وزادت ليه حبة، لكن هو كتكاليف لا يتجاوز عمارة (3) طوابق، ولكن نرجع تاني للكلام بتاع إنو وزير أو رئيس وزراء البريطاني عايش في بيت صغير دا هنا الثقافة بتختلف يعني ثقافة المجتمع البريطاني مجتمع متوفر ليه كل السبل من حياة كريمة، ما عنده هموم تعليم، هموم صحة، هموم مرض، ما عنده مشاكل زي المجتمع السوداني، وبالتالي ما بقارن، لكن في بريطانيا في مستوى بيوت قصور (10) آلاف و(20) ألف متر.
{ سيد “أبو القاسم” وأنت نائب رئيس تحالف النواب المستقلين الآن كيف تقيم الممارسة البرلمانية داخل المجلس الوطني بقيادة البروفيسور “إبراهيم أحمد عمر”؟
ـ طيب، من ياتو ناحية؟!
{ هل ممارسة حقيقية أم أنها تمثيليات ومسرح كما قال أحد النواب النائب “عسيل” قبل أيام وهو نائب من كتلتكم من تحالف المستقلين قال للصحف “نحن كومبارس ونحن جينا نتسلى” قال كدا؟
ـ هو الأمر ما بالصورة دي، لكن برضو كلام أخ “عسيل” لا يخلو من الحقيقة في إنو الليلة لمن أجي البرلمان ما في صوت غير صوت الحزب الحاكم والصوت الواحد، وبالتالي بمشي كل القرارات اللي بتجي من الجهاز التنفيذي للحزب دا أنا بعتبروا برلمان صوري.
{ أليست هذه الديمقراطية أن الحزب الحاكم لديه الأغلبية الميكانيكية؟
ـ هي دي ديمقراطية، نحن ارتضينا هذه الديمقراطية وشاركنا فيها الآن، نحن الآن نعتبر جزءاً لا يتجزأ من هذه المنظومة، لكن نحن بنرفض الممارسات دي، يعني المفترض يكون دا افتراض خيالي إنو النائب دخل القبة، المفروض يتعامل مع الكل، ما يتعامل بنظرة حزب وبس، يعني حزبه عايز كدا ويبصم بس، ممكن تكون نظرة شوية خيالية، لكن نحن نسعى الآن نحاول..
{ أنت لديك وجود يومي في البرلمان تتاح لك الكثير من الفرص واسمك ظاهر ومتداول في كل الصحف بصورة مستمرة أن النائب “أبو القاسم برطم” قال كذا وانتقد وزير المالية وهاجم وزير المالية.. يعني ألا تعتقد أن هذه مساحة كافية قياساً بعدد النواب المستقلين (18) نائباً من (426) نائباً مجموع البرلمان؟
ـ النواب المستقلين الآن في البرلمان، أنا شايف إنو قدروا يحركوا المياه الراكدة، قدروا بصورة أو بأخرى صوتهم يكون صوت مسموع وأنا هنا تاني بأكد إنو المجلس ممثل في رئيسه البروفيسور “إبراهيم أحمد عمر” نحن كنواب مستقلين فرصنا بناخدها بعدالة، وممكن تكون بزيادة أكتر من الآخرين، نحن الآن نمثل الصوت الآخر، إنت سميتو معارضة، سميتو..
{ هو ليس معارضة.. غريب في شكل هذا المجلس أنه ليس فيه زعيم معارضة يعني المجلس السابق كان فيه رئيس معارضة هو “إسماعيل حسين” عن كتلة الشعبي مع أنهم كانوا أربعة كنا نسميهم في الصحف زعيم المعارضة البرلمانية الآن ربما اللائحة لا تسمح بتشكيل كتلة من النواب المستقلين لذلك لا نقول “أبو القاسم برطم” زعيم المعارضة.. هل تعتقد أن يأخذ قليلاً أو كثيراً من الممارسة وشكلها وأنه برلمان غريب ليس فيه زعيم معارضة برلمانية؟
ـ شوف أقول ليك كلام يا “الهندي”، الليلة في أي برلمان المعارضة حتى لو كانت في حزب عضوية من تلاتة لكن في النهاية رأي المعارضة عنده قيمته، مقيّم، ودا الفرق هنا إنو هنا رأي المعارضة أو الرأي المخالف لو سميناه.. حتى الليلة برة في أمريكا وبريطانيا محل الديمقراطية اللي أخدنا منها تجاربنا دي بتلقى معارضة رأي بيؤخذ في الاعتبار حتى لو كان أقلية، يعني الفكرة اللي هازمة المجلس فكرة الأغلبية والأقلية، يعني أنت أغلبية معناها خلاص الباقين يسكتوا، طبعاً دا كلام ما صحيح، يعني الشخص الواحد بمثل الآلاف من المواطنين المفروض عندهم قيمتهم المجلس، فيه مشاكل بتاعت لوائح يعني مفروض يعاد النظر في لوائح بتاعت المجلس الوطني، في تكوين الكتل في تفاصيل كتيرة جداً نحن معترضين عليها، هي بترسخ الممارسة الموجودة الآن، يعني رغم الحاصل دا كله نحن بنحاول ننتزع الكلمة انتزاع اللوائح بتقيد الناس يعني الليلة في المجلس دا عندك (426) عضو، المؤتمر الوطني بمثل منهم نسبة عالية جداً لكن في الأحزاب التانية دي بعتبرها للأسف أحزاب ما بنافسوا، يعني لو الأحزاب، يعني أنا في النهاية بفترض أي رأي بصب في مصلحة المواطن، رأي صادر من المؤتمر الوطني، من حزب الأمة أنا بقيف معاه إذا كان دا الفهم ببقى شوية البرلمان بحصل ليه نوع من التطور.
{ سيد “أبو القاسم” المتداخل الأستاذ “ساطع الحاج” المحامي أحد وجوه المعارضة المعروفة ينتقد هذه الممارسة البرلمانية ويعتقد أنكم تحرثون في البحر؟
ـ أنا ح أبدأ من حيث انتهى الأستاذ “ساطع” فسأل سؤال طبيعي بسأله أي مواطن، النسبة دي اللي ح يغيرها منو؟ مع كل احترامنا للإرث السياسي السوداني، لكن أنا بفترض إنو سلبية الأحزاب وعدم وجودها الحقيقي الفاعل داخل المجتمع هو اللي بخلي المؤتمر الوطني بقول والله ح أقعد (100) سنة لأنو الطرف التاني ما موجود، وبعدين أنا قاعد في السلطة كحزب حاكم ما ح تنازل من السلطة وأقول تعال يا “ساطع” ويا أي حزب تاني السلطة دي تنتزع انتزاع. أنت الليلة كحزب سياسي موجود مفروض يكون عندك دورك، عندك ممارساتك، عندك نشاطك الأساسي اللي بحرك المجتمع، لكن إنت واقف وتقول لي والله النسبة (90%) مؤتمر وطني السنة الفاتت الدورة الفاتت المستقلين كانوا واحد في البرلمان الآن (18) يعني دا تطور ما شوية، يعني من واحد لـ(18) نسبة ما ساهلة، وبعدين لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم الليلة بفترض المعارضة فوتت فرصة ممتازة جداً وتاريخية في الانتخابات الفاتت دا كان ممكن حدث تغيير كبير في الخارطة السياسية السودانية أذا هم اتعاملوا معاها بطريقة مختلفة، لكن السلبية أنا بعتبرها سلبية طبعاً بعدم المشاركة وما كان قرار سليم، وتاني بقول إنو وجودنا في المجلس الوطني لسنا ديكور أو تجميل للانتخابات لكن في النهاية بنوصل الرأي البنشوفوا رأي صحيح، ودي بعتبرها مساحة من الحرية ما كان موجودة في العشر سنوات الفاتت، شايف إنو في تطور حاصل وانفراج نسبي، أنا كإنسان سياسي مفروض استغل أي تطور أو أي فرقة بتاعت حرية أؤكد بيها وجودي في حزب سياسي، وأنا بطلب من المعارضة إنو تكون فاعلة داخل المجتمع تنزل ما تكون معارضة من بعيد، المتفرجين للأسف هم اللي بخلوا المؤتمر الوطني يتبجح أنو ح يقعد (100) سنة و(50) سنة.
{ سيد “أبو القاسم” ونحن في خواتيم هذا الحوار نريد منك وأنت من تحت القبة البرلمان أن تقيم لنا المستقبل السياسي للبلاد الآن نحن في نهايات الحوار الوطني المجلس الوطني الآن يجيز بعض القوانين.. كيف تنظر إلى مستقبل العمل السياسي في المرحلة القادمة؟
ـ والله بفتكر إنو الحوار ممكن يكون الحل للأزمة الموجودة الآن، لكن البرلمان مفترض يغير ممارسته، الآن المفروض البرلمان حقيقي يمثل، هنالك لوائح لابد من تعديلها، أفكار..
{ هل طالبتم بتعديل اللائحة لتصبح للمستقلين كتلة؟
ـ أنا ما بتكلم عن المستقلين ككتلة، إنو حتى كمعارضة الآن نحن وغيرنا صوت المعارضة داخل البرلمان لازم يكون صوت مسموع ومقيم حتى لو كان شخص واحد، في النهاية رأي مخالف إنت بتتكلم إنك عايز تحكم بحرية وديمقراطية، وكونك تلغي الآخر دا هنا بنسف المبدأ من أساسه أنا بطالب إنو الصوت الآخر داخل البرلمان يكون صوت مسموع وعنده قيمته كرأي.
{ هل أنت راضٍ عن أداء مهمتك رسالتك كنائب عن أهالي دنقلا الدائرة الثانية؟
ـ والله نسبياً ما راضي تماماً، لكن نسبياً…
{ ماذا تقول لأهلنا في دنقلا من هنا؟
ـ بقول ليهو كل سنة وإنتو طيبين.. وأنا تاني بأكد إنو سأظل أدافع عن حقوق المواطن ليس في دنقلا فقط وإنما في السودان ككل.
حوار ــ الهندي عز الدين : صحيفة المجهر السياسي