منى سلمان

كبرنا وكبرت احزانا

[JUSTIFY]
كبرنا وكبرت احزانا

كانت أمهاتنا إذا ما أردن وصم احدى النساء كبيرات السن، بانها تعاند الزمن وتصر على تقليد اساليب الشابات اليافعات أو المتزوجات حديثا في اللبس المبهرج والعنكشة بالحلي ونقش الحنة، يقلن عنها:انها مثل (جهولة أم سْكاسِك) !
حقيقة لا أدري من هي (جهولة) مضرب المثل، وهل هي شخصية واقعية أم أنها رمز لـ (حالة كون) أن تلك المرأة المعنية (قاعدة تتجوهل) اي تعتقد أنها (صغيرة وجاهلة)، ولعل لقب (أم سْكاسِك) كناية عن كثرة لبسها لـ (السُكسُك) و(الخرز) وهما من ضمن الحلي التي تتحلا بها نساء زاك الزمان .. الله اعلم !
عموما مصطلح (جهولة) يطلق على المرأة (المتصابية) التي تنكر تقدمها في السن وتتمسك بالشباب عن طريق تقليد الشابات في المظهر والحركات، ويمكن تميزها ايضا من طريقة كلامها ومحاولتها زج (صغرتها) في الكلام زجا .. فعندما تصادف سيدة خمسينية أو ستينية وهي تضع المانكير وتمتطي الكعب العالي فـ (احتمال كبير) أن تكون (جهولة) ولكن عندما تحدثك بأن:
الناس ما مصدقين اني بقيت حبوبة .. ولمن أمشي مع بتي بيفتكروها أختي !!
فحينها تأكد بأنك قد (كتلتها) وياها (جهولة أم سكاسك بي ذاتا وصفاتا).
يعرّف علم النفس الاجتماعي (التصابي) بأنه العودة إلى مرحلة الصبا، وذلك من خلال ( تصرفات وسلوكيات) غالباً ما تكون مَرضية وموجودة عند الجنسين، وهي تكاد تكون عند الرجال أكثر خطورة وشذوذا .. روّقوا ده كلام العلم ما كلامي !!
وللحقيقة، يحتاج منا (المتجوهلين) و(المتجوهلات) التفهم والحنان بدلا عن السخرية والتندر بتصرفاتهم، فالعلماء يعتقدوا أن (التصابي) نوع من التعويض لمراحل عمرية لم يحظى فيها المتصابي بإشباع الرغبات والحاجات الجسدية والنفسية والاجتماعية، كما يمكن أن يكون نتيجة خلل في منطقة في الدماغ مسؤولة عن التصرفات اللاواعية ..
وحتى لا نظلم ذرّية (بت أم سكاسك) ظلم (الحسن والحسين)، نقر بأن هناك نوع يمكن أن نسميه (التجوهل الإيجابي) أو (شباب الروح) وذلك بأن يحاول كبار السن العيش بروح متفائلة مليئة بالمرح والنشاط يستحضروا فيها الأيام الغابرة:
(زمن زهر الحياة النادي .. وزمن الحبيب راضي .. وزمن الهوى الصافي).
وهناك جانب آخر ذي صلة، فكما نعلم أنه لا يوجد منعطف عمري يحدد السن الذي يتوقف بعده الانعام على المرأة بلقب (بت) وتتحول إلى ملة الحريم، سوى الزواج .. فالمرأة غير المتزوجة تظل تحمل لقب (بت) حتى ولو كانت في الأربعين، أما المتزوجة فهي (مرة) ولو كانت لا تزال في ربيعها الخامس عشر.
وبالتالي ينقسم المجتمع النسائي إلى (مجتمعات البنات) و(مجتمعات الحريم)، وتختلف تلك المجتمعات في معاملاتها وموضوعات ونساتها وما تمتلكه من صلاحيات الخوض في الأمور الحساسة .. كما أن هناك عرف يمنع جلوس أو اختلاط البنات بمجتمعات الحريم ، يقابله حكم يمنع الحريم المتزوجات من مخالطة أو مصادقة البنات غير المتزوجات، ويعتبر من تتجاوز ذلك الحكم (متجوهلة) أو متصابية رغم أن المجتمع لا يستنكر مصاحبة وصداقة متزوجة في الخمسينات مع أخرى في العشرينات .. أظن كده وقعت ليكم الـ (ذي صلة) !!
ما علينا .. نرجع لمرجوعنا الأولاني الا وهو (تجوهل) الحريم ونجمل أسبابه في الأتي:
– طيارة عين الازواج هي من أكثر أسباب انخراط الزوجات في منظومة (المتجوهلات)، فعينا الزوج التي تضرب (ورا وقدام) بحثا عن البنات السمحات، هي خير حافز للزوجة في السعي لـ (تقصير) مدى رؤية عينيه وذلك بمحاكاة أؤلئك البنات.
– الاهتمام بالمظهر أصبح من البديهيات، وخاصة مع ما يرسمه لنا الإعلام لصورة الأم المتشببة، فالأمهات في المسلسلات ولنأخذ (رجاء الجداوي) مثلا، يتفوقن في زينتهن وبهرجتهن (جهولة أم سكاسك) ست الاسم في زمانها ..
وللانصاف فإن من حق المرأة المتقدمة في السن أن تجتهد لتكون جميلة بكل الوسائل المشروعة، ولكن المبالغة في ذلك تحول الأمر إلى (تجوهل) .. وبعيداً عن االأحكام المجتمعية والأعراف التي تدين المرأة الراغبة في الحفاظ على مظهر الشباب، نؤكد على إن هذه الرغبة تمثّل جزءاً من الحرية الشخصية، مع مراعاة ان ما زاد عن حده انقلب إلى ضده .. لا بشتنة ولا تصابي
مخرج
عموما، فان سنوات العمر التي تمر .. تخط بقلمها (القاسي) وترسم على ملامح الذكور والاناث – مهما اجتهدوا في الحفاظ على الشباب – لأنه كالماء حتما ولابد – سيتسلّل من بين الايدي ليتركهم أمام مرايا الحقيقة التي لا تكذب بـ:
كبرنا وكبرت احزانا وانتو كبرتوا زدتو حلا
[/JUSTIFY]

منى سلمان
[email]munasalman2@yahoo.com[/email]

‫3 تعليقات

  1. أستاذة منى تحياتي .. هل استخدام بعض الكتاب و الصحافيين لصورهم القديمة ( أيام الشباب ) و وضعها في البروفايل ؛ يعتبر نوعاً من التصابي و ( الجوهيل ) ؟؟

  2. أجمل شئ أن تعيش كل مرحلة بى تفاصيلها حتى لا تفوتك نكهة المراحل أنا الان فى الاربعين والحمدلله أعيش مرحلتى مدكما هى ولا اتجوهل ولا اسكسك لأن لكل مرحلة طعم خاص وربنا يكبر العقول

  3. [SIZE=3]يا جماعة منى سلمان دي والله مرة ظريقة وورحها رياضية وبتتحمل النقد الهادف، ومن كتاب الأعمدة القلائل الذين يمكن أن تقرأ لهم كل يوم، أما حكايةصررتها بتاعة الشهادة السودانية دي مع البمبي الفاقع اللي (هدّ) من كترة الغسيل، فهي في النهاية (أنثى) وحكاية التجوهل دي بيكون عندها منها نسبة وحتى لو كانت بسيطة (يعنى زي ما قال المثل : جحر الضبعة ما بيخلى من العضام ) أكيد دايرة تتطمن بيها أبو الوليدات عشان كل ما يقرأ ليها مقال يتذكر الأيام الخوالي ، أما أميرة محمود، فهي تعيش المرحلة وهذه قناعة ليت تتبعها كل من في سنها، بش المشكلة لو (الراجل) جاب سيرة العرس، الحكاية دابة ح تجوط وهاك يا جري للحنانات ومحلات التياب وشاطئ أبروف !!!! لهن التحية والود .[/SIZE]