احمد المصطفى ابراهيم : الشرطة والمتظاهرون!
لم يقولوا: “سقطت سقطت مايو”
ولم يقولوا: “يسقط يسقط نميري”
لم يصيحوا: “فاشل فاشل يا نظام مايو”.
قالوا: “نريد ماءً والأنهار تجري من حولنا”.
إلى خبر الصيحة (أغلق مواطنون غاضبون بأحياء القوز والحلة الجديدة والرميلة شارع الغابة بالخرطوم لعدة ساعات احتجاجاً على استمرار قطوعات المياه لقرابة العشرة أيام وتدخلت قوات مكافحة الشغب وقامت بفض التظاهرات وإعادة حركة السير للشارع الرئيسي دون وقوع إصابات وسط المواطنين.. وروى عدد من المحتجين لـ(الصيحة) معاناتهم مع انقطاع المياه عن أحيائهم وقالوا إنهم يجدون صعوبة بالغة في توفير مياه الشرب وإنهم ناشدوا المسؤولين بحكومة ولاية الخرطوم بضرورة التدخل لإنهاء الأزمة وأشاروا إلى أن كافة مناشداتهم باءت بالفشل وأن لا جهة قامت بالاستماع إلى مشاكلهم وإيجاد الحلول لها. وأضافوا أنهم لجأوا إلى توفير المياه عن طريق أصحاب “الكارو” إلا أن ارتفاع أسعار برميل المياه قد أثقل كاهلهم، منتقدين ما وصفوه بالصمت المحيِّر لهيئة مياه ولاية الخرطوم وتجاهل انقطاع المياه بتلك الأحياء برغم توسطها للعاصمة الخرطوم، مناشدين والي الخرطوم الفريق ركن عبد الرحيم محمد حسين والجهات المختصة بالتدخل الفوري لحل الأزمة، خاصة وأن عيد الفطر على الأبواب وأن الحاجة للمياه تزداد).
لم أكن هناك حتى أسمع ما رددوا في تظاهرهم وهل فعلاً أغلقوا الطريق – شارع الغابة – وهل يكفي سبباً العطش ونقص الماء الذي جعل الله منه كل شيء (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) وهل يحتاج عاقل لأن يذكّر بأهمية الماء واستعمالاته؟
هل للشرطة خيارات؟ أم كلمة مظاهرة لا يقابلها إلا العنف الرسمي ومُسيلات الدموع وصاعقات الأعصاب والعصي؟. ماذا لو بحثت الشرطة في مثل حالة عطشى القوز والرميلة عن حل آخر مثلاً تحرك كل سيارات الدفاع المدني وتملأها ماء وتوزعه على البيوت وهذا ليس حلاً نهائياً ولكنه يساهم في عودة الحياة إلى طبيعتها إلى أن تذهب جهات أخرى وتقول لهيئة المياه ما المشكلة؟ وما الحل؟
قبل أن تستعمل الشرطة الإرهاب الرسمي لماذا لا تتصل برئاسة الولاية الوالي والمعتمد ومدير المياه ما المشكلة؟ وكيف الحل؟ هل جفت أنهارنا أم جف الفعل الإداري وكيف تعطش مدينة تشقها ثلاثة انهار؟ ومن خطط لهذه المدينة أحياءها وأدخل أموال الخدمات في ميزانية لم تعد على المواطن تنمية ورفاهية ولكنها ذهبت للسياسيين وجعلت فطامهم مستحيل.
نعود للشرطة، هل قدرت الشرطة ظرف المتظاهرين في هذا الشهر الفضيل وهذا الصيف (العليل) وهم يدخلون بيوتهم ولا يجدون ما يغسلون به وجوههم ولا ماء وضوء ولا ماء شرب كيف تطاق هذه البيوت بلا ماء؟ وبعضها صمم على أن الماء دائم لا ينقطع وكيف حال دورات المياه بلا ماء. قبل أن يرفع الشرطي المؤسسة والفرد عصاه أو مسيل الدموع ليوجهها إلى مغبون فليتذكر أن هذا ليس عدواً وإنما مواطن أخرجه عجز إداري. فليمسك من الحل الوحيد ويبحث عن حلول ترضي الطرفين.
الشئ الذي يدعو للعجب أن هذه المياه لاتقطع الا في المناسبات المهمة كالاعياد مثلاً.. لدينا يقين كامل أن هنالك من يتعمد قطع المياه عن المواطنين.. المشكلة ليست هندسية فقط أو ادارية… هنالك من يتلذذ بإمتهان الناس وإذلالها خصوصا في رمضان والاعياد…لعدد من السنين هناك مناطق في الخرطوم تنقطع عنها المياه قبل شهر رمضان وتأتي وتتدفق بعد العيد, بصورة متكررة…
ليس لدينا خيلة إنما نشكو الى الله كل من تسبب في عطش واهمال المواطن المسكين, والعجب العجاب أن يدفع المواطن الغلبان فاتورة مياه أصلاً غائبة وقسريا مع فاتورة الكهرباء , شاء أم أبى… نسأل الله المنتقم الجبار أن يلعن ويخسأ وينتقم لنا من كل مسئول مهمل متسبب في شقاء البلاد والعباد, إنه ولي ذلك والقادر عليه.. آمين آمين آمين