بيوت سودانية تحكي قصة اقتصاديات العيد.. زيادة في الدقيق و (عيشتين) بجنيه… تشطيبات المنازل تكلفة إضافية
شهدت الأسواق المختلفة بالخرطوم حالة من الحراك الدائب في الفترة التي سبقت حلول العيد، ولكن بعد العيد صدقت التوقعات بركود تام أصاب الأسواق في وقت قال فيه بعض التجار إن زيادة الإقبال على الشراء كانت في اليومين الأخيرين من رمضان، وكشف تجار تحدثوا للصيحة أمس أن الإقبال على الشراء بعد العيد يبدو معدوماً بشكل كبير، فيما وصفه بعضهم بالجيد، مؤكدين أن الأعياد هي موسم لتصريف البضائع، مقرين في حديثهم للصيحة أن ضعف الوضع الاقتصادي للأسر وقلة الأجور تسهم في التقليل بشكل بائن من حجم الإقبال على الشراء لكافة مستلزمات العيد، في وقت يعمد فيه بعض المواطنين على شراء المستلزمات الأساسية ويترك الكماليات التي يمكن التنازل عنها تحت ضغط عدم توفر الميزانية وضآلة حجم الرواتب والمداخيل الشخصية وضعفها مع تعدد متطلبات العيد، لا سيما وأن ارتفاع الأسعار أصبح سمة ظاهرة لكل السلع، فيما يقول بعض المواطنين أن الأسعار بشكل عام تشهد ارتفاعاً غير مبرر مع ثبات الرواتب ومصادر الدخل .
وفي سوق الستائر والمفروشات المنزلية وصف التاجر بسوق بحري موسى الإقبال على شراء لوازم العيد بالمتوسط في الأيام الأخيرة من رمضان لكنه قال إن أيام العيد وما بعدها لا حركة فيها وقال للصيحة أن الأسعار عندهم عادية وليست مرتفعة كما يظن المواطنون مشيرا إلى أن جوز الملايات المخملي يباع بـ 80 جنيهاً، والفايبر بـ 100 جنيه، وقال إن البضائع تأتي من السوق المحلي والإقبال عليها في فترة الأعياد جيد، كاشفاً عن وجود أنواع أخرى وتشكيلات مختلفة من الستائر، لافتا إلى أن الأسعار تتراوح ما بين 600 جنيه للعادية وحتي 1300 جنيه للستائر التركية، وقال إن بعض البضائع تأتي من مصر عبر وادي حلفا وهي تكون أرخص ثمناً مقارنة بالموجود في السوق المحلي، فيما بلغ سعر المراتب الأسفنج 200 جنيه للجوز في بعض المحال وأكثر بحسب النوع والسمك، وبلغ سعر جوز المساند 60 جنيهاً.
أما السراير فبلغ سعر الجوز 1400 جنيه للنوع الجيد، وأقل للأنواع المتوسطة، وقال صاحب محل أثاثات بسوق الشجرة أن السراير الخشبية هي الأكثر جودة والأغلى ثمناً، أما سراير الحديد فقال إنها بحسب نوع الحديد وجودة التشكيلة المصنعة بها، وقال إنها تحتاج للمزيد من المنصرفات للطلاء والبوهيات.
الدقيق .. زيادات كبيرة في الأسعار
شهدت أيام العيد زيادات كبيرة في أسعار الدقيق تسببت في اتجاه أصحاب المخابز بولاية الخرطوم إلى بيع قطعتي الخبز بواحد جنيه بدلاً من ثلاثة أرغفة، وقال صاحب مخبز الرحمة بالكلاكلة عبد الرحمن الشيخ إن مواصلتهم لبيع 3 أرغفة بواحد جنيه يعني تكبدهم خسائر فادحة، مشيراً إلى أن ذلك لن يغطي حتى تكاليف الإنتاج دعك من التطلع لهامش ربحي. وقال في حديثه للصيحة إنه لا مفر أمامهم سوى تقليل عدد الأرغفة وإلا سيكون البديل إغلاق محالهم والبحث عن عمل آخر ريثما تستقر أسعار الدقيق .
والثابت أن زيادة أسعار الدقيق تسببت في تذمر قطاع واسع من المواطنين حيث لا يكتمل العيد عن الأسر السودانية بدون تجهيز المخبوزات التقليدية التي تميز العيد في السودان، وكما يحدث في كل عام شكا مواطنون من ارتفاع في أسعار المخبوزات والمعجنات الخاصة بعيد الفطر، في وقت أبدى فيه بعض أصحاب محال الحلواني تخوفهم من حدوث زيادات في أسعار الدقيق، خاصة بعد تضارب الأنباء حول زيادات وشيكة في أسعار الدقيق بواقع 15 جنيهاً على كل جوال، وكان ممثل وكيل توزيع الدقيق بمحلية جبل أولياء نفى صدور أي قرار رسمي بزيادة أسعار الدقيق وقال ان الأسعار حتى الأمس ما تزال كما هي، وترك الباب مفتوحاً حول حدوث الزيادة من عدمها في مقبل الأيام وهو ما حدث بالفعل مما أثر بلا شك على أسعار الخبائز وأسهم في رفعها، وقال صاحب محلات حلواني البحيرة الحديث بالخرطوم جنوب إن أسعار المخبوزات تبدو معقولة وفي متناول أيدي المواطنين، مشيرًا إلى أن الإقبال لا بأس به في الأيام الماضية وتوقع أن تشهد الأيام المقبلة المزيد من الإقبال على شراء المخبوزات ، وقال إن جردل الخبيز الصغير يباع بـ 60 جنيها فيما يباع المتوسط بـ 90 جنيهاً والكبير بـ 120، ووصلت أسعار بعض المخبوزات حتى 250 جنيهاً وقال بوجود نوع من الكيك الناعم يباع الجردل المتوسط بـ 110 جنيهات، مردفاً أن التوقعات التي أشارت لارتفاع أسعار الدقيق في اليومين الماضيين لا علم لهم بها مؤكداً أن الدقيق ما يزال يصلهم بنفس الأسعار السابقة، بيد أنه قال إن حدوث زيادات في أسعار الدقيق أمر متوقع ولا يستطيع نفيه أو تأكيده، ولكن ظل المواطنون يتحصلون خلال أيام العيد على عيشتين بجنيه.
فيما قالت المواطنة مريم إن شراء المخبوزات والمعجنات جاهزة من محال الحلواني تبدو مكلفة مادياً بشكل كبير، وقالت من الأفضل أن تتولى صناعة الخبيز في منزلها ولكنها شكت أيضاً من ارتفاع في أسعار المواد وقالت: في الحالين الأمر مكلف ولكن تجهيزه بالمنزل أخف ضرراً وأقل تكلفة، وقالت إن جردل الخبيز المتوسط يباع بـ 120 جنيها ويرتفع الثمن لبعض الأنواع لأكثر من 250 جنيهاً، وفي حال رغبتها في شراء 4 جرادل بالإضافة إلى بقية المستلزمات فهذا أمر يكلف مالاً فوق طاقة العديد من الأسر .
وفي ذات السياق شكا عدد من تجار الملابس بالسوق العربي من تراجع القوة الشرائية بصورة كبيرة مقارنة بالعام الماضي الى أقل من 50%، وكشفوا عن ارتفاع في الأسعار في بعض الملابس واستقرار البعض الأخر، وأوضحوا أن معظم التجار لم يستوردوا بضاعة جديدة وأن أغلب البضاعة متوفرة قبل شهر رمضان لارتفاع أسعار الدولار، وأكدوا أن الأسعار في السوق في متناول الأيدي، وأوضحوا تدني حركة الشراء وركود كبير في الإقبال على الشراء وأضافوا أن من كل مئة شخص يشتري واحد، واستبعدوا تأثير التجارة الإلكترونية أو تجارة الأقساط على السوق وأبانوا أن المجتمع السوداني ما زال مجتمعاً تقليدياً فضلا عن ارتفاع أسعار الدولار، وكشفوا عن انخفاض في نسبة البيع مقارنة بالعام الماضي بلغت 60%، وأضاف أن التجار يعانون من ارتفاع تكلفة الخدمات من الضرائب وارتفاع الإيجارات وملاحقة الرسوم والنفايات من قبل المحليات.
وفي سوق ملابس الأطفال أكد عبد الباقي حافظ (تاجر) انخفاض القوة الشرائية في ملابس الأطفال بصورة نسبية، وذكر في إفادته أن الأسعار شهدت ارتفاعاً طفيفاً قبل شهر رمضان لجهة ارتفاع سعر الصرف للدولار وانخفاض أجور الموظفين التي لا تغطي الزيادة التي حدثت في السوق، وأضاف أن ضربة البداية في الشراء تكون للأطفال ثم الشباب فيما تشهد الأيام الثلاثة الأخيرة انتعاش حركة البيع لفئة الكبار، وقال إن الموظف حالياً في صراع بين شراء ملابس العيد أو الزي المدرسي الذي تزامن مع عيد الفطر المبارك، وأشار إلى أن اللبسة الفاخرة للأطفال 350 جنيهاً والمتوسطة 200 جنيه والعادية 100جنيه، موضحاً أن سعر اللبسة لا يحددها العمر وإنما الخامة، ولفت الى ارتفاع أسعار ملابس الأطفال أقل من 12 عاماً مقارنة بملابس الكبار لجهة أن الخامة والتصميم افضل، وقال إن أغلب الملابس الموجودة في السوق مستوردة من الصين وايضاً ملابس صينية مستوردة من السعودية وتعتبر الأجود من المستورد مباشرة من الصين مما يدل على ضعف الرقابة من قبل إدارة ضبط الجودة مما يؤثر علي اقتصاد البلاد.
من جانبه شكا محمد خالد تاجر ملبوسات نسائية من ضعف القوة الشرائية بنسبة 45%، مشيراً الى أن الملابس النسائية تبدأ بـ 100جنيه فما فوق .
وفي سوق المراكيب أوضح أحد التجار أن سعر المركوب تصنيع الجنينة بلغ 150 جنيهاً بنسبة زيادة بلغت 10%، فيما بلغ المركوب أصلة غير المبطنة بين 160-180 جنيها والظاصلة المبطنة 220 -280 جنيها، ويبلغ الدبيب بين 280-300 جنيه، وتباع الجزم المشكلة لمرضى السكري بين 80-120جنيها، وبلغت الشباطة 120 الى 180جنيها، وأكد أن الأسعار متقاربة فضلاً عن التصنيع محلياً والتي تشهد إقبالاً كبيراً من قبل الزبون الذي يفضلها على المستورد، وقال إن الإقبال على الشراء بدأ في التحسن قليلاً مع قرب حلول العيد وتوقع زيادة في حركة البيع في اليوم الأخير من شهر رمضان .
وفي أسواق التحف والهدايا تفاوتت أسعار بوكيه الورد بحسب الأنواع ما بين 60 و 90 و160 جنيها وحتى 200 جنيه، أما التحف فأسعارها تبدأ من 200 جنيه فما فوق وعلى حسب رغبة المشتري .
في سوق البلح ذكر مالك عوض موسى (تاجر) في إفادته للصيحة أن الصنف الرئيسي في السوق هو القنديلة الذي قال إنه الأكثر رواجاً ويجد إقبالاً كبيراً، وقال إن المستورد غير مرغوب، وأكد انخفاض أسعاره مقارنة بالأعوام الماضية عازياً السبب في ذلك لأن البلح في الماضي كان يصدر الى الجنوب عبر تجارة الحدود والتي أغلقت في الفترة الأخيرة مما أدى الى ركوده في أم درمان وحدوث ضعف في القوة الشرائية، وقال إن ملوة القنديلة 35 جنيهاً، وبلغت الملوة لكل من العجوة والبركاوي 30 جنيهاً، وبلغت ملوة البلح المهجن العراقي 40 جنيهاً.
تجديد المنازل وطلاؤها للعيد
بأدواتهم ومعداتهم المميزه يفترش فنيو الحرف الصناعية الصغيرة بضاعتهم بالأسواق الكبيرة وأماكن التجمعات الرئيسية عارضين خدماتهم لمن يرغب فالعيد موسم لهم يكثر فيه الطلب عليهم لترميم المنازل وإصلاح بعض الأعطاب المنزلية والكهربائية وتعد أعمال السباكة والنقاشة والتوصيلات الكهربائية في طليعة الخدمات التي يقدمونها وترغب فيها الأسر خصوصاً في فترة ما قبل العيد حيث يعمد الكثيرون إلى تغيير شكل منازلهم وإكسابها حلة جديدة فيما تتباين وتختلف أماكن تجمعاتهم من الأسواق الكبيرة وأماكن التجمعات المعروفة إلى التقاطعات العامة بالشوارع ويعتمد غالبهم في تنفيذ مقاولاته وأعماله على الزبائن المعروفين له من خلال الهاتف الذي يقولون إنه اختصر لهم الوقت والجهد في البحث عن عمل ما يقومون به وفي الفترات السابقة للعيد لا يتغبر الحال بالنسبة لهم فهم متواجدون دائماً بأماكنهم سواء بمواقع ثابتة ومعروفة أو كعمال متحركين .
ويقول فني النقاشة محمد عبد العظيم ان فترة العيد تشهد حدوث بعض الانتعاش في الطلب عليهم في الأيام القليلة التي تسبق الأعياد، وقال إنه يعتمد بصورة أساسية على الهاتف في الحصول على عمل نسبة لعدم استقراره في مكان معين كالسوق مثلاً فقد يكون بالمنزل وتأتيه مقاولة ما من سكان الحي أو معارفه فالعلاقات تفيد هنا في جلب العمل، وعن استعداداتهم لفترة ما قبل العيد كشف عن قيامهم بممارسة أعمالهم بصورة اعتيادية فأغلب العمل في هذه الفترة يكون بالأحياء السكنية لتلبية رغبات وطلبات المواطنين، مشيراً إلى أن موسم العيد جيد بنسبة لا بأس بها وقال انهم لا يختلفون في الأسعار مع المواطنين لتجديد طلاء المنازل وإكسابها شكلاً جديداً يتماشى مع حلول العيد، ويؤكد ضرورة حصول الفني على رضا الزبون عن طريق تقديم خدمة جيدة ومتميزة، ويوضح أن ذلك يحسب في رصيده حيث سيستعين الزبون مجدداً بنفس الفني وهو ما يسهم في تقوية العلاقة مع الزبائن حيث سيحصل فني النقاشة على العمل نتيجة للثقة التي حصل عليها من الزبون في الأعمال السابقة .
فيما يرى المواطنون أن رغبة الأسرة في تغيير شكل المنزل في العيد تحتاج لميزانية إضافية تضاف لميزانية مستلزمات العيد المختلفة ويصعب عليهم توفيرها لجهة تعدد المطلوبات ومحدودية الدخل في ظل واقع اقتصادي ليس جيداً لأغلب الأسر لا سيما وسط شريحة الموظفين وأصحاب الدخل المحدود فقد يستغني عنها بعضهم باعتبارها من الكماليات التي لا ضرورة قصوى لها مكتفين ببعض الأساسيات المتعلقة بتجهيز وشراء ملابس الأطفال وبقية المستلزمات المهمة .
ويقول العديد من المواطنين إن هذه التكاليف مقتصرة فقط على توفير لوازم العيد ، مؤكدين على حاجتهم لادخار بعض المال لمقابلة منصرفات الأيام الأولى من عطلة العيد التي تتزامن مع بداية موسم المدارس الذي يحتاج هو الآخر لميزانية إضافية لتوفير مستلزمات أبنائهم.
الخرطوم: جمعة عبد الله
صحيفة الصيحة