محمود الدنعو

سندات خضراء ولكن


بالأمس تحدثنا عن سقوط القوى الناهضة، وهي نعني بها مجموعة دول (البريكس) التي باتت مشغولة بأزماتها الداخلية، وتراجعت طموحاتها قبل عقد من الزمان تقريبا عندما برزت على الساحة الدولية عقب انهيار الاتحاد السوفيتي كتكل يناهض الهيمنة السياسية والاقتصادية للولايات المتحدة، ولكنه الآن بحسب مراقبين سينتهي إلى أحد خيارين، إما التحالف مع الولايات المتحدة، وإما في أفضل الأحوال عند سقوط الهيمنة الأحادية في العالم فإن هذا التكتل يعزز من فرص صعود الاتحاد الأوروبي كقوى عظمى برغم أن أحد أهم أعمدة التكتل، وهي روسيا من مناهضي الاتحاد الأوروبي، حيث الاختلاف بينهما بسبب الأزمة الأوكرانية والعقوبات التي يفرضها الغرب عموما على روسيا بسبب التدخل في أوكرانيا.
تشكل مجموعة بريكس ما يبلغ 42 في المئة من سكان العالم، كما يقطن مواطنوها على نحو ربع مساحة الكرة الأرضية، وبذلك تمثل البريكس سبعة وعشرين في المائة من الناتج الإجمالي العالمي، ويتوقع بحلول عام 2050 أن تنافس المجموعة، اقتصادات أغنى الدول في العالم حاليا، حسب مجموعة (غولدمان ساكس) المصرفية.
بشكل رئيسي، تستهدف مجموعة (بريكس) خلق توازن دولي في العملية الاقتصادية، وإنهاء سياسة القطب الأحادي، وهيمنة الولايات المتحدة على السياسات المالية العالمية، وإيجاد بديل فعال وحقيقي لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، إلى جانب تحقيق تكامل اقتصادي وسياسي وجيوسياسي بين الدول الخمس المنضوية في عضويته، وتنمية البنى التحتية في بلدان المجموعة، وتحقيق آليات مساهمة فعالة بين الدول الخمس في وقت الأزمات والتدهورات الاقتصادية بدل اللجوء إلى المؤسسات الغربية، وإيجاد طريقة فعالة لمنح وتبادل القروض بين دول المجموعة بشكل لا يؤثر ولا يحدث أي خلل اقتصادي لأي من دول المجموعة رغم مساعدة الدولة المتضررة. إلى جانب تعزيز شبكة الأمان الاقتصادي العالمية بالنسبة لتلك البلدان وتجنيبها ضغوط الاقتراض من المؤسسات الغربية وتكبيلها بالفوائد.
ولكن هذه المجموعة بكل الإمكانيات التي تتوفر لديها وفرص نموها كتكل اقتصادي وسياسي كبير في العالم إلا أنها تواجه حاليا تحديات كبيرة تشل قدرتها على النهوض. ويرى المراقبون أن تباطؤ اقتصادي في الصين وركود في كل من روسيا والبرازيل من شأنه أن يحد من نفوذ المجموعة على الساحة الاقتصادية العالمية التي تهمين عليها الاقتصادات الغربية الكبرى.
وأمام قمة بريكس المزمع انعقادها منتصف أكتوبر المقبل في الهند تحديات البحث عن سبل تعزيز دورها على المستوى الاقتصادي والسياسي، ومنع التراجع المخيف لها في الفترة الأخيرة رغم إشارات النجاح المتمثلة في إصدار بنك التنمية الجديد التابع لدول مجموعة (السندات الخضراء) بقيمة 3 مليارات يوان (نحو 448 مليون دولار) في السوق الصينية وتستخدم السندات الخضراء في توفر التمويل اللازم لمشاريع الطاقة النظيفة والنقل ومشاريع أخرى منخفضة الانبعاثات الكربونية في دول بريكس.