منوعات

الأعراف والتقاليد تحرم الأفغانيات من استكمال تعليمهنّ

في جنوب أفغانستان، كثيرات هنّ الفتيات الصغيرات اللواتي يقصدن المدارس للتعلّم. تظهر المشكلة حين تُمنع هؤلاء من الدراسة الجامعية، أمّا المشكلة الكبرى فتكون حين لا يُسمح لهنّ حتى باستكمال مرحلة التعليم الثانوي.

تكثر الصعوبات والعقبات أمام تعليم الأفغانيات ويتفاقم الوضع الأمني المتأزّم في الأساس، إلا أنّ هؤلاء الفتيات يتوجّهن بأعداد كبيرة إلى المدارس في جنوب أفغانستان. أمّا معاناتهنّ الحقيقية، فتبدأ بعد انتهاء مرحلة التعليم الثانوي أو حتى قبل ذلك، إذ إنّ العادات والتقاليد تحول دون التحاق أعداد كبيرة من هؤلاء بالجامعات وأحياناً دون إكمال المرحلة الثانوية. فتلازم نسبة كبيرة من خريجات الثانوية منازل أهلنّ ولا يتمكّنّ من مواصلة دراستهنّ وتحقيق أحلام مرتبطة بالتعليم ولعب دور في مجتمعهنّ.

الفتيات اللواتي يشكّلن 30 في المائة من مجموع تلاميذ مدارس قندهار، متفوّقات بأغلبيتهنّ، بحسب ما تفيد مسؤولة إدارة الشؤون النسائية في الحكومة المحلية في إقليم قندهار (جنوب) رقية أتشكزاي. تضيف لـ “العربي الجديد” أنّ “المؤسف هو عدم تمكّن بعضهنّ من إكمال الدراسة الثانوية، فيما كثيرات لا يلتحقن بالجامعات بسبب أعراف البلاد وتقاليدها”. وتوضح أنّ “الآباء أو أولياء الأمور يمنعون بناتهم في أغلب الأحيان من مواصلة تعليمهنّ بعد إنهاء المرحلة الابتدائية، بذريعة أنّه من غير المسموح لهنّ أن يعملن لاحقاً، بالتالي لا جدوى من مواصلتهنّ عملية التعليم”. وتشير إلى أنّه “في حال أكملن الثانوية، فإنّ كثيرات منهنّ يُمنَعن من الالتحاق بالجامعات ومواصلة دراستهنّ للأسباب نفسها، ولأعراف متّبعة في أفغانستان عموماً وفي جنوب البلاد خصوصاً”.

وتتابع أتشكزاي أنّ “الوضع في حاجة ماسة إلى التغيير، وهو الأمر الذي يتطلّب توعية الآباء حول الدراسة التي لا تهدف فقط إلى الحصول على عمل أو أداء وظيفة، بل هي حاجة إنسانية للمرأة والرجل على حدّ سواء”. وتبيّن الإحصائية الأخيرة التي أجرتها الإدارة أنّ أربعة آلاف فتاة أفغانية يُحرَمن سنوياً من مواصلة تعليمهنّ الثانوي في إقليم قندهار وحده، مؤكدة أنّ فتيات كثيرات يرغبن في مواصلة تعليمهنّ ولهنّ أحلام كثيرة، إلا أنّ ضغط الآباء يمنعهنّ من التعليم فيدفنّ بالتالي أحلامهنّ.

فوزية (18 عاماً) من مدينة قندهار، تخرّجت بدرجات عالية من المرحلة الثانوية في العام الماضي. كانت تحلم في أن تصبح طبيبة أطفال، إلا أنّ والدها أصرّ على زواجها من أحد أقاربها الذي كانت قد خُطبت له مذ كان عمرها ستّ سنوات. حُرمت من التعليم، شأنها شأن كثيرات من أترابها. كذلك فقد اختير شريك حياتها من دون رضاها، وهو ظلم آخر يمارس في حق الأفغانيات، بحسب ما تشير الناشطة في مجال حقوق المرأة نسرين عادل.

تقول عادل لـ “العربي الجديد” إنّ “المرأة الأفغانية ضحية العادات والتقاليد، ليس لأنّها محرومة من التعليم فقط، بل لأنّها تواجه تحديات كثيرة في حياتها بسبب التقاليد المتبعة التي يعارض بعضها الشريعة الإسلامية والتي لا تتماشى مع التطور العلمي والحضاري في العالم”. وتلقي اللوم إلى حدّ ما على الحكومة والمجتمع الدولي “اللذَين لم يعملا كثيراً لتحسين وضع الفتيات على مستوى البلاد عموماً، وفي جنوب أفغانستان خصوصاً، حيث الحالة الأمنية سيئة وحيث الأعراف والتقاليد تثقل كاهل المرأة”.

وتطالب عادل “مثقفي البلاد وكذلك الحكومة والمجتمع الدولي بالعمل الدؤوب من أجل تحسين وضع المرأة وإتاحة فرص التعليم أمامها، إذ إنّ تغيير وضعها غير ممكن إلا بالتعليم وبثّ الوعي حول حقوقها”. كذلك تسأل “الآباء منح بناتهم الحياة نفسها التي يمنحوها لأبنائهم، فهنّ لهنّ الحق في التعليم كما الأنباء”، وتشدّد على “ألا يكون الزواج المبكر عائقاً أمام تعليم الفتيات”.

ليست الأعراف والتقاليد وحدها العائق في وجه تعليم الفتيات، بل أيضاً الفساد المالي والإداري في قطاع التعليم. وتشير مصادر قبلية في إقليم بكتيكا (جنوب) إلى أنّ مدارس الفتيات في الإقليم وهمية، لا وجود لها على أرض الواقع بل فقط على الورق. وفي حين يقول رئيس إدارة التعليم المحلية في الإقليم زازي كوتشي إنّ 30 ألف فتاة يدرسن في الإقليم في نحو 31 مدرسة خاصة بالفتيات، إلا أنّ سكان الإقليم يؤكدون أنّ كل تلك الأرقام موجودة على الورق فحسب.

عبيد ولي من سكان مدينة خرنه عاصمة الإقليم، يشير إلى “توفّر الأمن نسبياً في العاصمة، فيما لا نجد مدرسة للفتيات. فما بالك بالمناطق الريفية النائية التي تواجه مخاطر أمنية جمة؟”. يضيف لـ “العربي الجديد” أنّ “الأعراف والتقاليد مترسّخة هناك أكثر بالمقارنة مع العاصمة، والتي يُمنع بموجبها تعليم الفتيات”. ويتّهم عبيد “المسؤولين المحليين بالفساد الكامل في ما يخصّ تعليم الفتيات، وهم يستغلون الوضع العام في الإقليم”.

العربي الجديد