مؤتمر الشيوعي السادس.. ساعة الحقيقة تدق الآن
د.”الشفيع” يؤكد قرب حديثه.. و”قطان” يلوذ بضريح “عثمان دقنة”
الخرطوم: محمد إبراهيم الحاج
ربما توضح حالة القيادي الشيوعي العتيق “حاتم قطان” ما يجول بنفسه وهو ينشر صوراً على صفحته الخاصة بالفيس بوك من أمام ضريح القائد التاريخي الكبير “عثمان دقنة” الذي (دوّخ) الاستعمار البريطاني، وربما وجد “قطان” في سيرة البطل التاريخي ما يشبه حالته بعد فصله من الحزب الشيوعي الأيام السابقة، فقد كتب “قطان” معلقاً على صوره أمام الضريح: (زيارتي لضريح البطل الأمير عثمان دقنة بأركويت، ذلك البطل الذي خاض ضد الإنجليز أكثر من 14 معركة ودوخ قادتهم، وكانت نهايته أسيراً بعد أن خانه أحد المقربين وقال قولته المشهورة ..أنا انقبضت إن شاء الله تكون بعتني بالغالي يا ود علي.. ستبقى البطولة والجسارة وستظل الخيانة باقية ولن تهزم البطولة)، وتظهر كلمات “حاتم” المخبأة خلف غضبه الذي أطلقه بتصريحات نارية بعد فصله، حنقه على ما آل إليه الوضع داخل الحزب خاصة وأن تلك الزيارة تأتي بعد حديث قاله “حاتم” ذاته لموقع الراكوبة وجاء فيه:هناك مجموعة تسعى لاختطاف الحزب عن طريق التكتلات، وأوضح أنه تم تبليغه بالفصل عن طريق الهاتف لأنه موجود خارج العاصمة وطلبوا منه الحضور لاستلام خطاب فصله، ووصف ذلك بأنه كيدي ولا يستند إلى أي لائحة، وجزم بأن هناك اختراقاً أمنياً، وأكد على أن تهمته بالمشاركة في اجتماع خارج الأطر التنظيمية مجرد فرية، وأن هناك من تواجدوا معه من أعضاء اللجنة المركزية حتى العاشرة والنصف مساءً وقام بإيصالهم إلى منازلهم وقد أدلوا بشهاداتهم في هذه القضية، وقال المضحك في الأمر أن التهمة التي وجهت لي أنني شاركت في اجتماع انعقد في تمام السابعة والنصف مساء نفس اليوم وحينها كنت في قلب اجتماع اللجنة المركزية).
وغضب “قطان” الذي أطلقه عبر الأسافير أحياناً وعبر الصحف السيارة أحايين أخرى، يقابله صمت طويل من د.”الشفيع خضر” القيادي الذي صوبت نحوه الأبصار منذ سنوات طويلة لقيادة الحزب الشيوعي خلال المرحلة القادمة، وهو صمت لم يقطعه د.”الشفيع” رغم تتابع الأحداث داخل الحزب وتسارعها، بيد أن فترة صمت د.”الشفيع” لن تطول أكثر من ذلك، فقد أوضح لـ(المجهر) أن وقت حديثه عن كثير من القضايا التي تدور داخل الحزب قد اقترب.
وحديث د.الشفيع سوف يفتح بالتأكيد كثيراً من القضايا ويرد فيه على كثير من الاستفهامات داخل الحزب الشيوعي، قد يكون أقل تلك القضايا التي تنتظر حديث “الشفيع”، هو ما ظل يواجه به من تهم من قيادة الحزب من أنه يقود صراعاً فكرياً خارج الأطر التنظيمية للحزب، وسوف يكون أهمها بالتأكيد هو مناقشة أفكاره التجديدية داخل الحزب الشيوعي، التي ظل يجهر بها طوال الفترة السابقة، وعد مراقبون الصراع الفكري الذي يقوده “الشفيع” داخل الحزب هو ما أدى إلى إبعاده بغية المحافظة على الشكل التنظيمي والفكري القديم داخل الحزب الشيوعي.
الأكثر حظاً للسكرتارية العامة بعد فصل “الشفيع” بعد رحيل “محمد إبراهيم نقد”، كان د. “الشفيع” من أقوى المرشحين لخلافته على سكرتارية الحزب الشيوعي، وبرزت إلى جانبه عدة أسماء منها “يوسف حسين”، إلا أن الجميع تفاجأوا باسم “محمد مختار الخطيب” الكادر العمالي الذي اشتغل وسط الفلاحين وخبر المعتقلات والرجل التوفيقي الذي يحظى باحترام كثير من القيادات والقواعد، وبالمقابل فإن “الشفيع” كان له معارضون، وذات الأمر ينطبق على “يوسف حسين”، ولكن من سيخلف “الخطيب” على سكرتارية الحزب وسيتم اختياره في سكرتارية اللجنة المركزية؟
مع استبعاد اسم “الخطيب” السكرتير الحالي المؤقت للحزب، لأن المؤقت لا يأتي رئيساً، كان يتصدر قائمة الترشيحات د.”الشفيع خضر” الرجل الذي لديه اتجاهات نحو تحديث الأطر الفكرية والتنظيمية داخل الحزب (الشيوعي)، والذي سعى جاهداً قبل ذلك لتغيير اسم الحزب (الشيوعي) وتغيير قضايا ذات طابع فكري وفلسفي خاصة تلك المرتبطة بانهيار المعسكر الشرقي، بالإضافة إلى أنه يتمتع بنفوذ قوي للغاية وسط الفئات الشبابية والطلابية، كما أنه كادر جماهيري ومفوه في الخطابة وفكري ويتمتع بعلاقات واسعة مع بقية الأحزاب، ولديه قدرات تنظيرية وكاريزما من نوع خاص، وظل لفترات طويلة مرشحاً استثنائياً لهذا المنصب، وخرج من المنصب خلال المؤتمر السابق بسبب قيادته وتكتل داخل الحزب مع مجموعة شبابية، ورغم أن حظوظه كانت تبدو الأكبر والأقرب للمنطق، إلا أنه تلقى ضربة موجعة له ولمناصريه في الحزب بعد أن تم فصله قبل أيام قلائل، ويبدو أن ثمة شخصية يعرفها العالمون ببواطن الأمور داخل الحزب (الشيوعي).. شخصية يبدو أنه تم إعدادها بعيداً عن أعين الإعلام لتقلد المنصب، وتبدو حظوظه قوية وهو “فتحي فضل” الذي يلقى دعماً واضحاً من مجموعة (براغ) التي تنشط داخل الحزب (الشيوعي)، وهي مجموعة درست بجامعة (براغ)، وتعتقد المصادر أن “فتحي فضل” يحظى بتأييد واسع من الرجل القوي في الحزب “علي الكنين” الذي يشغل وظيفة السكرتير التنظيمي داخل الحزب، و”فضل” غير معروف في الأوساط الإعلامية المحلية، وهو كاتب راتب بصحيفة (الميدان)، تقلد عدداً من المناصب الحزبية بالخارج، واشتغل في العمل العلني والتنظيمي.
*تحديات المؤتمر القادم
إن التحدي الماثل أمام الحزب (الشيوعي) طوال العقود السابقة، هو عقد مؤتمره الخامس الذي يبدو أنه جاء دون تطلعات قاعدته التي كانت تنتظر منه مناقشة عدد من القضايا القطرية الملحة والماثلة، ولكنه اهتم بالتفاصيل السودانية وغلب عليه طابع (الترضيات) والحل الجودي لكثير من المشاكل، ولم يعمل فيه الحزب أدواته الناقدة التي عرف بها، وربما أن ما ينتظر المؤتمر السادس القادم من قضايا لا تبتعد كثيراً عن تلك التي كانت في مؤتمره السابق، فعلى عاتق أعضاء المؤتمر السادس بحسب المتابع والمحلل “تيسير حسن إدريس” تقع مسؤولية جعله محفلاً حقيقياً لمناقشة المسكوت عنه من قضايا، وعلى رأس هذه القضايا، قضية علاقة الحزب بالجماهير، وعلاقة الجماهير به، من أجل تقديم رؤية جادة للاقتراب من هموم الفئات الشعبية، الحاضنة الرئيسة للحزب والدرع الواقي له من غدر قوى اليمين المتطرف، ولا تقل أهمية عن موضوع علاقة الحزب بالجماهير؛ قضية بعث وإعادة الاعتبار لمنظمات الحزب الجماهيرية من اتحاد نسائي واتحادات شباب وجباه ديمقراطية وغيرها من المنظمات التي كانت ترفد الحزب بالكادر النوعي، هذا الأمر يتطلب فتح حوار صريح يعري مكامن الخلل في التجارب السابقة ويؤسس لعودة الحزب إلى الشارع وسط جماهيره، ولا مناص كذلك من إعادة نشر الكادر المتفرغ على طول حزام الهامش في القرى والنجوع، والانفتاح على تلك الأطراف بالحوار الجاد والطرح العقلاني؛ ومناقشة التحولات الإقليمية وفتح منافذ للحوار بينه والجماهير، وعكس عجز القيادة عن ابتداع سبل استقطاب تتماشى وإيقاع العصر، مما باعد بينها وبين الأجيال الشابة، وخلق نوعاً من الجفوة وعدم الفهم، وزاد من إضعاف الثقة المتبادلة بين الحزب والجماهير في الشارع، كذلك داخل أروقة الحزب قاد لحالة من التذمر المتبادل؛ أدت لانصراف أعداد من الكوادر الشابة وابتعادها، أما التي صبرت فقد أصيب بعضها باليأس واللا مبالاة، مما يستدعي ضرورة مراجعة العلاقات الداخلية المتوترة للوصول لحد معقول من التفاهم والتوافق يتيح الفرصة أمام ممارسة صراع فكري منضبط؛ فمن البؤس أن يتمحور الصراع في حزب ثوري حول القيادة والمناصب؛ بينما تهمل قضايا النضال الأساسية؛ هذا الواقع يتطلب النظر لقضية الديمقراطية ومدى ممارستها فعلياً داخل أطر الحزب؛ كما يتطلب وضع قضية توسيع نسبة مشاركة وتمثيل الشباب والعمال في الهيئات القائدة في صدر أجندة المؤتمر القادم، مع الحرص التام على التوافق على رؤى تنظيمية ونظرية ترضي طموحات الجميع، هذا إذا ما أريد تضييق هوة الخلاف، المحافظة على وحدة الكيان؛ توسيع مساحة الحوار والقبول بالرأي الآخر وتصعيد الكوادر الشابة على أسس سليمة ومعافاة من الأهواء.
*ظروف بالغة التعقيد
ينعقد المؤتمر القادم للحزب الشيوعي في ظروف بالغة التعقيد تتمثل في فصل قياداته القوية التي اشتهرت بمواقفها النضالية عبر تاريخ طويل، واختبرت السجون والمعتقلات إبان عهود التضييق على الحزب، وقد يشهد صراعاً قوياً بين التيارات المحافظة والتيارات التجديدية رغم إبعاد أهم دعاة التجديد، كما أن هناك قضية الاختراق التي لا يفتأ “حاتم قطان” من الإشارة لها، والتي اعتبرها بحسب حديثه، السبب الرئيسي في فصله من الحزب، لأسباب مجتمعة ربما يكون المؤتمر العام القادم أخطر المؤتمرات في تاريخ الحزب الشيوعي، وبدا أن ساعة الحقيقة سوف تدق أمامهم الآن.
المجهر
الرؤس الخاوية دائما ما تختفى عند المواضيع المصيرية اين انتم يا ابو احمد والسلفى وابو محمد وساخرون وغيره من الفاقد التربوى لماذا هذا كل السقوط فى امتحان الوطنية لابد هنا من طرح الاسئلة الصعبة ولا الوطن يعنى لكم رفع علم ونسيد وطنى وأهازيج ورقيص وفزاعة جديدة واختزال الدولة بين النيلين فقط وان تصبح امدرمان القريبة فيها اكثر من محطة اسمها اخر مكالمة ….أين انتم اخرجو