عبد الباقي الظافر

ليلة القبض على المجهول..!!


في ذاك المساء زار وزير رفيع التمثيل أستاذنا عثمان ميرغني في مشفاه..جاءت الزيارة في إطار الاطمئنان على الأستاذ الذي تعرض لغارة رمضانية منظمة ومرتبة..العناصر المعتدية استغلت انشغال الناس بوجبة الإفطار وأقلتها سيارتان لا تحملان لوحات تبين ملكيتهما..الوزير طمأن أسرة الأستاذ بأن الجناة لن يفلتوا من العدالة، وأن (كل حاجة) تحت السيطرة .. في نهاية المطاف انتهت القضية المثيرة إلى بلاغ ضد مجهول .
* قبل أشهر قابلت موظفة حكومية كانت تحكي قصة مؤلمة..السيدة الأربعينية كانت تسير وراء زوجها باطمئنان..دون سابق إنذار اقتربت منها دراجة بخارية لا تحمل لوحات..ظنت السيدة أن السائق وصاحبه يسألان عن عنوان محدد..دون مقدمات خطف أحدهم الحقيبة التي تحملها..استمسكت السيدة بحقوقها فتم جرها على قارعة الطريق مثل الذبيح..حينما انتبه الزوج والمارة كانت الحقيبة المستهدفة قد باتت في خبر كان..وصلت السيدة إلى مخافر الشرطة وقيد بلاغ آخر ضد مجهول.
* أمس لاحظت أن الشرطة تحكم طوقاً على جسور الخرطوم ..كان هنالك تركيز عال على الدراجات البخارية المخالفة للقانون..من نظرة أولى تبين لي الحجم الهائل للمخالفات..بعض (البخاريين) كانوا يملكون جرأة في تحدي القانون ومناكفة رجال الشرطة.. بل منهم من يدخل يده في جيبه راجياً حصانة تخرجه من مطب مواجهة القانون.. المهم أن المنظر يشي بأن أمبراطورية الظلام بدات تسلط عليها أضواء كاشفة .
* في كل تجوالي على ظهر البسيطة لم أجد استهتارا بالقانون المنظم للسير كما في السودان ..مثلاً السيارات المظللة مخصصة للأغنياء والحكام ..العلة في تحريم التظليل أنه يستر ما بداخل السيارة وبالتالي يقلل من المخالفات.. لكن العلة تسقط عن الأثرياء الذين يستطيعون دفع ثمن التظليل، والذين بيدهم القلم بحكم وظيفتهم..هنا القرينة دالة على أن المجرمين هم من فقراء بلادي فقط.. القوي في بلادي من يقود عربة بدون لوحات أو حتى ترخيص.. ومع ازدراء القانون تظهر معالم القوة وملامح الطغيان.
* إذا زرت مطار الخرطوم تجد لوحة مكتوب عليها السيارات الدستورية.. هؤلاء معفيون من رسوم تخزين السيارات.. فيما عامة الناس والذين يدفعون من حر مالهم يحاسبون بالدقيقة.. في طرق المرور السريع يتم إفساح الطريق للعربات الحكومية وما ماثلها، فيما تعامل سيارات العامة ببعض الغلظة وتدفع الرسوم في التو..في كل العالم القانون يطبق على كل الناس.. بل إن الرموز يحاسبون بمقياس أكثر حساسية، مخالفتهم ثمنها أكبر، خاصة إذا ما وصلت إلى مسامع الصحافة أو عيون الإعلام..لهذا تجد أهل السلطان أكثر الناس حذراً في مخالفة القانون.
* في تقديري ..أن الشرطة وغيرها من أجهزة إنفاذ القانون تستحق دعماً في معركتها ضد الفوضى.. بل من الأفضل تكوين فريق متكامل من الشرطة العسكرية التي تعنى بإنفاذ الانضباط وسط الجيش والشرطة الأمنية، وكذلك عدد من مستشاري وزارة العدل.. أمام هذا الفريق المتباين يمكن إحكام السيطرة على مخالفات المرور في الشارع العام..على أن يصاحب ذلك تنشيط الرقابة الالكترونية .
* بصراحة.. مطلوب فرض هيبة القانون..الاستثناء دائماً مؤشر لاختلال موازين العدالة..نحلم بشارع تتساوى فيه الكتوف.