تحقيقات وتقارير

في مواجهة على الهواء إبراهيم محمود والصادق المهدي.. الغوص في بحر الأزمة السودانية

إبراهيم محمود: الحركة الشعبية أشعلت الحرب وتسببت في الأوضاع الاقتصادية الحالية
نريد حوارا سودانيا لا يطمع فيه أحد في السلطة

المهدي: الإنقاذ تسببت في تدهور البلاد بانتهاجها سياسة الإقصاء
أسباب بقائي في الخارج انتهت وعودتي تقررها أجهزة الحزب

ليس هناك حديث يطغى في عالم السياسة الأيام الماضية كما طغى اجتماع قوى نداء السودان الأخير.. لذلك لم يكن مستغربا أن يستضيف أحمد البلال الطيب في برنامجه الشهير في الواجهة مساء أمس كلا من الأستاذ إبراهيم محمود مساعد رئيس الجمهورية والإمام الصادق المهدي، الحلقة أجابت على الكثير من الأسئلة التي تدور حول الوضع السياسي الراهن، أهمها لماذا قبل المؤتمر السوداني بالتوقيع على خارطة الطريق؟ هذا التوقيع الذي وصفه إبراهيم الشيخ عضو المجلس المركزي للمؤتمر السوداني بأنه أربك المعارضة، ولماذا اجتمعت نداء السودان في باريس؟، وما هي حقيقة الخطاب الذي بعث به إبراهيم محمود إلى أمبيكي؟، وهل يمكن أن يعود الإمام قريبا إلى البلاد؟

إبراهيم محمود كان واضحا عندما قال إن خارطة طريق أمبيكي جاءت بعد جولات ومفاوضات استمرت سنين عددا حتى استقرت على مقترحات قدمت من قبل الحكومة ومقترحات من جانب المعارضة أخذها الرئيس أمبيكي لتظهر بعدها خارطة الطريق، وكشف محمود عن أسباب قبولهم التوقيع على خارطة الطريق بعد تفهم أمبيكي للتحفظات التي سردها والتي في مقدمتها في البدء فورا في وقف الحرب، إضافة إلى أن يكون الحوار شاملا مع التشديد على أن خارطة الطريق ليست اتفاقا بل خارطة للسلام، وأكد محمود أن خريطة طريق أمبيكي بها أشياء إيجابية تتمحور في أنها تحل كل الخلافات والنزاعات بالسلم والحوار الوطني لكل أهل السودان لا أن تكون مفاوضات جزئية بأطراف معينة.. إضافة إلى وقف العدائيات فور التوقيع على خارطة الطريق، بمعنى أن تتم الترتيبات الأمنية متزامنة مع الترتيبات السياسية، ويتم الوقف الفوري لإطلاق النار، أما بالنسبة لما يخص المنطقتين ودارفور -قال محمود – إن قضاياها ينبغي أن تحل حسب المسودات التي سيتم طرحها، والاعتراف بالحوار الوطني الذي دعى له رئيس الجمهورية وجلوس مجموعة 3 + 1 مع آلية 7+7 ..

رفض توقيع الخارطة في مارس
الإمام الصادق المهدي شرح وجهة نظر نداء السودان في عدم التوقيع على خارطة طريق أمبيكي في شهر مارس الماضي فقال إن موقفهم من عدم التوقيع كان لأسباب موضوعية منها طريقة أمبيكي لعرض الاتفاق بطريقة (خذه أو دعه) إضافة إلى ضرورة الاعتراف بالجبهة الثورية والاعتراف بإعلان باريس ووقف الحرب والاعتراف بأن وفد نداء السودان للحوار ينبغي أن يكون شاملا، وأكد الإمام الصادق أنهم لاحقا قدروا استعجال أمبيكي لأن مهلة الآلية كان قد تبقى لها 20 يوما ولم تحل قضية السودان الأمر الذي كلف الآلية مبلغ 35 مليون دولار منذ تكليف أمبيكي بمهامه إضافة إلى الخطاب الذي أرسله إبراهيم محمود إلى الرئيس أمبيكي ..

شرح الخطاب
وشرح إبراهيم محمود اهم ما جاء في الخطاب الذي بعثه إلى الرئيس أمبيكي، وقال إنهم أخبروه بتوضيحاتهم مما حدى بأمبيكي لدعوة نداء السودان بأن يجتمعوا بباريس ويقرروا موقفهم، مشيرا إلى أنهم قالوا لأمبيكي في الخطاب أن الأولوية لوقف الحرب، مشيرا إلى أن خارطة الطريق أبانت أن الترتيبات السياسية ستكون متوافقة ومتزامنة مع الترتيبات الأمنية إضافة إلى عودة أتيام المفاوضات واجتماع 3 + 1 مع آلية 7+7 .. وبعد هذا الاجتماع – قال محمود – سنقرر بعدها الجلوس مع البقية في أي مُسمى كان سواء (مؤتمر دستوري) كما يقول الإمام الصادق أو (لجنة دستورية)؟ أو (وثيقة وطنية). وشدد محمود على أن التسميات غير مهمة بقدر ما هو المهم الخروج بالبلاد إلى الاستقرار والسلام الدائمين عبر اتفاق يجمع كل أهل السودان من اجل الانطلاق لرفعة هذه البلاد.

اتهامات متبادلة
ولم تسلم الحلقة من الاتهامات المتبادلة بين مساعد رئيس الجمهورية، إبراهيم محمود، والإمام الصادق المهدي، رئيس حزب الأمة، حول من اوصل البلاد إلى هذه المرحلة المتدنية التي أوصلت إليها البلاد سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي، حيث اتهم الإمام الإنقاذ بأنها سبب التدهور لأنها اتبعت اسلوبا اقصائيا اعتمد على المفاوضات الثنائية سواء من صلب نيفاشا ومرورا بأبوجا وانتهاء بالاتفاق الإطاري (اتفاق نافع/ عقار)، وقال الإمام إن هناك من الحركات من أسر إليه في أبوجا أن الحكومة لو لم تمارس الإقصاء في ذلك الوقت لوقعت كل من العدل والمساواة وحركة تحرير السودان وزاد الإمام (كنا محرومين من أي مساهمة في القرار الوطني، وكنا إما في المسجن أو المنفى، وعلى النظام أن يسئل عما فعل)، من جهته رفض إبراهيم محمود حديث الإمام، وقال إن الحركة الشعبية هي التي أوقدت الحرب في العام 1983 وحتى بعد مجئ الانتفاضة ثم سوار الدهب في المرحلة الانتقالية ثم الإمام وحكومته المنتخبة.. حكومة الإمامة هذه – يقول محمود – رفض جون قرنق الجلوس إليها كما أنه اصر في نيفاشا على بقاء الفرقتين التاسعة والعاشرة وهي التي توقد الحروب الآن.

اغتنام الفرصة
الضيفان في برنامج في الواجهة اتفقا على أن الفرصة مواتية الآن وعلى جميع الأطراف أن تتمسك بها وأكد الإمام الصادق في حديثه على ضرورة اغتنام اللحظة وقال ( لقد فاتت على البلاد فرص كثيرة وينبغي أن لا نفوت هذه الفرصة ونحن حريصون على موقف موحد يجمعنا جميعا للتحول الديمقراطي)، من جهته قال إبراهيم محمود إنهم يريدون أن يتفقوا على حوار لا يسعى فيه أحد للسلطة بالقوة ولا أن يفرض أجندة سياسية بالقوة، وزاد (نريد حوارا سودانيا سودانيا) داعيا الإمام للعودة للوطن، مشيرا إلى أنهم بدأوا الإصلاح داخل حزب المؤتمر الوطني وقد ارسوا مبدأ التداول السلمي للسلطة والشراكة الوطنية الذي يؤكد على إعطاء مساحة للعقل الوطني وقال (نحن لا نسعى لقسمة السلطة ولكن نسعى لإنتاج وثيقة وطنية لقضايا إستراتيجية رئيسية ومنها ننطلق لبناء البلاد).

عودة الإمام
وعن عودته جدد الإمام القول بأنه خرج من السودان حتى يجتهد في إعلان باريس وذلك لأن الجبهة الثورية ابدت استعدادها لحل قضايا السودان بالسلم لا بالقوى .. وقال (عندما ابدوا ذلك ذهبنا لباريس وتطور اللقاء لنداء السودان.. وبدلا من أن ترحب بها الحكومة اتهمتنا بأنه مسألة إسرائيلية وتم تجريمنا، وكان هذا أول عدوان علينا) وقال الإمام إنه اتصل بكل الأطراف ليشرح لهم الأمر لكن لم يتفهم إلا القليلون هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإنه يمتلك عددا من القضايا في الخارج لو كان في السودان لما تابعها كمنتدى الوسطية، مشيرا إلى أنه وزملاءه هناك يريدون التخلص من المصطلحات الشائعة والتي تضر اكثر مما تنفع كالعلمانية والشيوعية وغيرها وأكد الإمام بأنه مستعد للعودة متى قررت أجهزة الحزب بالداخل ذلك، وقال “أنا مستعد أن أعود بعد أن تقرر أجهزة الحزب ذلك” مشيرا إلى أنه أخبر المعارضة بالخارج وقال لهم إن عودته ليست ثنائية ولكن ضمن مصلحة البلاد وكان ينبغي أن يصحبني معهم أشخاص إلى الداخل، وجدد الإمام القول بأن أسباب البقاء في الخارج انتهت، مشيرا إلى أن الزمن سيحدد ذلك في التشاور بين أجهزتهم (يقصد أجهزة الحزب) وزملائه في المعارضه لأنه لا يتحرك فرديا – كما قال – مؤكدا على أنه يتحرك بطريقة شوروية، وقال الإمام (هم يتهموني بالتردد – في إشارة منه للحكومة – ولكنني اريد أن تكون هناك مشاركة حقيقية وقريبا سوف يعلن هذا الحديث عن طريق الأجهزة بالداخل لأنها ليست عودة من كان في السياحة ولكن من كان.

تقرير: عطاف عبد الوهاب
صحيفة الصيحة