عثمان ميرغني

الثغرة.. هندسية..!!


وزارة التخطيط العمراني بولاية الخرطوم؛ محط الأنظار هذه الأيام.. حملة إزالة كاسحة تجتاح بعض المنشآت في مدن العاصمة المثلثة.. حديقة التجاني يوسف بشير الشهيرة بالخرطوم “2” .. حديقة “الزوادة” بالخرطوم بحري.. وصالة أفراح ضخمة أسفل كبري الحلفايا من ناحية أمدرمان.. وصالة أفراح أخرى جوار خور شمبات بشارع الوادي.. ولا تزال قائمة الإزالة تضم منشآت كبيرة ليس أقلها صالة “مارينا” للأفراح في حدائق أبريل بالمقرن.. وصالة “نيلتون” بنادي التنس بالخرطوم..
وقبل أن يبدأ الفريق مهندس حسن صالح؛ وزير التخطيط العمراني حملة الإزالة سبقه رفيق السلاح الفريق أحمد علي (أبو شنب) معتمد الخرطوم، بحملته الشهيرة التي دمرت مئات المحلات التجارية بمنطقة وسط الخرطوم “موقف كركر” و”جاكسون”.
أنا لا أميل – مطلقاً – لإدانة مواطن استثمر ودفع من حر ماله في هذه المواقع؛ بقدر ما أحمل الخطأ للجهة الرسمية التي منحته الموقع وفق إجراءات رسمية ودفع الرسوم وكل ما طلبته سلطات المحلية.. وهذا هو الوضع تقريباً في كل المرافق المزالة..
واضح تماماً أن هناك فوضى ضاربة في أعماق المحليات تجعل القانون مجرد نصوص كطبق “السلطة” تختار منها ما يناسبك.. فوزارة التخطيط العمراني هي الجهة المفوضة بالتخطيط العمراني وتخصيص استخدامات الأرض؛ حسب القانون.. لكن المحليات كانت تبدع في التلاعب في هذا التخصيص حتى أفرغت قوانين التخطيط العمراني من سلطانها تماماً..
ففي حالة حديقة “الزوادة” بمدينة بحري – مثلاً – هي حديقة ومنتزه معروف باسم “حديقة أركويت” منذ عقود من الزمان مساحتها حوالي(3500) متر مربع.. حسب شهادة البحث الرسمية، خصصت حديقة عامة مفتوحة للمواطنين، ويمنع تشييد مبان ثابتة فيها.. لكن محلية بحري في العام 2008 منحتها لمستثمر مقابل أجرة شهرية زهيدة للغاية قدرها(2000) جنيه فقط في الشهر.. وفي ظل ارتخاء القانون شيد المستثمر فيها صالة أفراح ومطاعم وصالات أخرى.. هذا مجرد مثال..
كان واضحاً أن المحليات في سياق نهمها الشره وبحثها عن المال بأي وسيلة، راغبة وقادرة على بيع أو إيجار أي موقع؛ لأي غرض، غض النظر عن توفر التصديقات الرسمية من الوزارة المختصة..
والأشنع من ذلك.. أن أصحاب الحظ السعيد فقط هم من ينالهم من الطيب نصيب.. توزع هذه الغنائم على أهل المغانم.. وعلى بقية الشعب المسكين أن يضرب رأسه بأقرب حائط متاح..
وعلى كل حال، أدرك أن(الثغرة) الهندسية التي نعاني منها ليست حصراً على ذلك.. فالفضيحة الهندسية بجلاجل؛ هي التي كشفتها الأمطار الأخيرة في شوارع الخرطوم.. إذ اتضح أن شوارعنا مرسومة بالحبر السائل.. ذابت مع أول(مطرة)..!!


‫2 تعليقات

  1. كلها ممنوحة للمحاسيب .. وقيل قديما ان يوسف عبد الفتاح كان يوزع امثال هذه الغنائك على المتبرعين لدعم الدفاع الشعبى وانشطة الحكومة الاخرى … وعندما اصبحت الحكومة تغرف من الخزينة العامة مباشرة اصبحت مثل هذه الغنائم توزع على المحاسيب .. من نوع شيلنى واشيلك … يشيلكم الشال امى ..