غاغ غاغ.. ق م
* ضحكت – وشر البلية ما يُضحك- حينما قرأت خبراً يتحدث عن إقدام ولاية الخرطوم على تخصيص رقم الهاتف المجاني (1956)، لتلقي شكاوى مواطني الولاية حول النفايات.
* رمزية الرقم لا تخفى على أحد، لأنه مرتبط بتاريخ استقلالنا.
* لو كان المجلس الأعلى للبيئة والترقية الحضرية بولاية الخرطوم جاداً في سعيه، ومجتهداً في ربط الرقم بالواقع لوضع أمامه حرفي (ق. م)، لأن حال عاصمة البلاد هذه الأيام يشير إلى أنها تعيش في العصر الحجري، أو ما قبله، بقذارتها البائنة، وأطيانها ونفاياتها المنتشرة في كل الأرجاء، بلا استثناء.
* (الخبوب) سيد الموقف، وبعد أن ملأت مياه الأمطار الساحات، وتحول لونها إلى الأخضر.
* الخضرة هنا لا تدل على النماء، ولا علاقة لها بالخير بتاتاً، بقدر ما تشير إلى أن تلك البرك الآسنة تعفنت، وتحولت إلى حواضن مثالية للبعوض والذباب وكل هوام الأرض بلا استثناء.
* مواطنو محليات الولاية السبع غارقون في الوحل، ويعانون الأمرين من غياب أي عمل جاد يستهدف تجفيف البرك، وتصريف المياه الراكدة.
* مياه المستنقعات تملأ الشوارع والميادين، تركتها سلطات الولاية للشمس، كي تجففها على مهل.
* العربات تخوض مع الخائضين، وتتقافز لتخرج من حفرة وتقع في أخرى أخفتها المياه عن العيون، والمشاه يتحركون في مساراتٍ متعرجةٍ مثلما يفعل رجال السيرك، ليتجنبوا السقوط في الوحل، ويكفكفون ثيابهم، خوف البلل.. وهيهات!
* هذه الأيام تنافس محليات الخرطوم نفسها في تنغيص حياة سكانها، بعد أن بدأت جيوش الذباب والبعوض هجمتها السنوية عليهم، لتنشر المرض، وتمنع النوم، هذا بخلاف الروائح المنتنة التي تفوح من البرك المتعفنة، والضفادع التي تنتظر مغيب الشمس، كي تؤدي معزوفتها السنوية المزعجة.. (غاغ غاغ غاغ)!
* مواطنو الولاية ليسوا بحاجة إلى رقم هاتف مجاني، لأن ما فعله الخريف بهم لا يحتاج إلى بلاغات، ولا يستلزم اتصالات.
* الجواب يكفي عنوانه، والشوارع تتحدث بلسان الحال، لتحكي قصوراً مريعاً في التعامل مع مآسي الخريف السنوية في عاصمة البلاد، ناهيك عن الأصقاع البعيدة والأطراف المنسية.
* تتعاقب السنوات، ولا يتجدد الحدث إلا ليحمل في جوفه المزيد من الأسى للناس.
* لا جديد يحمل الفرحة، ولا مؤشر يبعث على التفاؤل، بخلاف بعض محاولات تجميل القبح، ومساعي تخفيف الآلام.. بمعسول الكلام.
* عن أي هاتف يتحدث سعادة اللواء عمر نمر، رئيس المجلس الأعلى للبيئة والترقية الحضرية؟
* مع تقديرنا التام لمجهوداته، وتصريحاته المتفائلة التي تحدث فيها عن أن نسبة نقل النفايات سترتفع إلى (65 %) خلال الأيام المقبلة، وعن دخول شركات أجنبية من المغرب وإيطاليا وتركيا على خط نقل النفايات، إلا أن تفاؤله يهزمه الواقع المؤلم الذي تعيشه العاصمة هذه الأيام.
* جُلْ يا سيدي في نواحي الخرطوم، وتفرج بعينيك، وقل لنا، ماذا سيفعل هاتفكم، وعن أي أسى يبلغ مواطنوكم؟
* نناشد سكان العاصمة أن يستخدموا الرقم المذكور للإبلاغ عن أي شارع يخلو من النفايات ومياه الأمطار.. لو وجدوه!
تضحك واللا ما تضحك فهذا لا يهمنا وان شاء الله عمرك تاني ما تضحك – ان يكون الاعلاميون محبطون ومسيخون كما هذا المزمل – كان واجبا عليك بدل التريقه هذه والسخرية ان تشكر البادرة وتناشدهم اخرى واخرى – ولكنكم يا صحافيي اخر الزمن تسترزقون من ذم الغير ومدح انفسكم – لم تخطىء الدولة في مراقبة قبلية لما يتناوله اقلام المخذلون من امثالك وكثير ما هم