خطاب مفتوح لوزير الارشاد والاوقاف بخصوص منع الحديث الديني في الاماكن العامة.. سيؤدي الى نتائج لا تحمد عقباها
اخاطبكم اليوم عبر هذه الصحيفة وكان بودي ان التقي بكم في مكتبكم بالوزارة ولكن لظروف تواجدي خارج البلاد لن اتمكن من لقاءكم
وكم كنت اتمني الا يكون اول تعارف بكم من خلال هذه الصحيفة وانما عبر طاولة تبحث عن هموم العمل الدعوي والتحديات المعاصرة في ظل ظهور جماعات التكفير والتفخيخ
ولكن قراركم الاخير الرامي الى منع الحديث الديني في الاماكن العامة عجل بمخاطبتكم عبر هذه الصحيفة
سعادة الوزير
كمراقب لم افهم سر مصوغات منعكم لهذه الحلقات التوعوية و التي امتدت لعشرات السنين لم نسمع عنها يوما أنها كانت سببا لتفريق المسلمين وتشتتهم بقدر ما كانت منابر من نور واستقامة على امر الله فكم من ضال اهتدى وكم من متمرد على اخلاق المجتمع صوبوه وكم من عادة ضارة في المجتمع تصدوا لها فكانت جزء من الماضي، وكم من شارب للخمر نقلوه الى محبوب الله فاصبح مثالا يحتذى به في الاخلاق والاستقامة؟
وكم من شاب يتسكع في الطرقات لأجل معاكسة النساء فاصبح من اخوة سمية يصون عفافها وشرفها؟ وكم من ماجن اصبح قارئا لكتاب الله وداعيا للفضيلة؟ كما ان هذه المنابر كانت تدعو لطاعة السلطان وتحذر من مغبة الخروج عليه
لا ادري يا سعادة الوزير لماذا تخطيت كل تلك المحاسن؟ فحملت سيف السلطة لتقضي على تلك الاشراقات واراك قد خلطت الحابل بالنابل وحفرت حفرة لا ادري الي اين سينتهي عمقها والفتنة اذا ايقظت لا ندري الي اين ستنتهي؟!
كان الواجب يا سعادة الوزير اذا نما الى سمعكم ان هناك من يسلك في الحلقات غير طريق الوسطية في الدعوة ان تحاسبهم الجهات المختصة ولكن ان تعمم العقوبة فهذا من الظلم الذي يولد الاحقاد ويشيع الفتنة في البلاد فيختل ميزان العدل فيصبح المجرم كالبريء وهذا لا يقول به عاقل يقول تعالى : “وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُوا”
ان هذه الحلقات يا سعادة الوزير تعاقبت عليها حكومات متعددة ما بين حمراء وديمقراطية وطائفية و ديكتاتورية لم تمسها بسوء لفوائدها المتعددة في السلم الاجتماعي والامن القومي فلا يعقل في حكومة ترفع راية الشريعة تسل سيفها لإيقاف هذه الحلقات المباركة التي تخدم خط الوزارة في التوعية والارشاد
واني اعجب يا سعادة الوزير ان تمتد يدكم لمنابر الدعوة الاسلامية التي تقدم الخير للناس بينما يغض الطرف عن الانفلات الاخلاقي وانتشار المخدرات و الدجل والشعوذة واكل اموال الناس بالباطل باسم الدين والصلاح
اخشى يا سعادة الوزير ان يفهم من هذا القرار انكم تستغلون السلطة في تحقيق مآرب حزبية في تصفية حسابات مع جماعة معينة وبخاصة انها جماعة مسالمة ولها جهود ومشاركات في الحكومة علما بان هذا المنصب منصب قومي كان الواجب استغلاله فيما يصلح الاسلام والمسلمين ولا تتسرعوا في اصدار هذا القرار الذي يفسد ولا يصلح وان تستشيروا العلماء وطلبة العلم ولاسيما هيئة علماء السودان او عرضه على الاقل على البرلمان لإجازته كما ان قراركم هذا سيكون له تبعات خطيرة على مستقبل الدعوة الاسلامية في السودان وقد يستغله اعداء الاسلام في الحد من العمل الدعوي استناد على قراركم هذا وبذلك تكونوا قد سنيتم سنة سيئة تتحملون وزرها الى يوم القيام كما في الحديث (ومن سنَّ في الإسلام سنَّة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء) فهل انتم ستتحملون هذا الوزر ؟ كما أخشى أن ينطبق عليكم حديث( من كتم علما نافعا الجمه الله بلجام من نار)
يا سعادة الوزير ليس من المنطق اصدار قرار مثل هذا القرار الذي يمكن ان يلحق ضررا بالسلم والامن الاجتماعي ويفتح المجال لجماعة التطرف ان تنشط في الخفاء فتثير الشغب وتجيش العامة ضد الظلم الذي يلحق بالإسلام في ظنهم وهذا امر خطير هل حسب الوزير له حساباته؟ الا يمكن ان يفضي هذا القرار الى تحول الجماعات من السلمية الى العنف والعنف المضاد؟!
الا يعلم سعادة الوزير ان هذا القرار يحد من الحرية المسؤولة التي نص عليها الدستور وحددت عقوبات من يتجاوزها؟ لماذا القفز على الدستور بقرارات غير دستورية قد تؤدي الى نتائج مدمرة ولا ندري لمصلحة من تثار مثل هذه القرارات؟!
يا سعادة الوزير ما زالت الفرصة مواتية لإعادة النظر في هذا القرار المتسرع الذي لم يحسن طبخه واذا كان لسعادتكم ملاحظات على هذه الحلقات كان بالإمكان وضع دراسات لتجاوز السلبيات واذا رأيتم ان هناك مهددات امنية فان القانون هو الذي يتولى امر المخالفين اما ان يمنع الخير عن الناس بسب حفنة لا يلتفت اليها المجتمع فان هذا سيؤدي الى نتائج لا تحمد عقباها
وعليه ارجو يا سعادة الوزير طي هذا القرار وعدم سريانه حفاظا على سلامة المجتمع ومنعا من اثار قد لا تكون في مصلحة البلد ونحن نعيش اجواء الحوار الوطني ولم الشمل
بقلم د محمد فضل محمد
monzer90@hotmail.com
السلام عليكم
لا فض فوك ،، مقال جميل ،، ونصيحة في محلها ارجو ان يسمعها الوزير ويستجيب لها ايجابا. والله الهادي الى سواء السبيل.