عبد الباقي الظافر

الوالي في إجازة ..!!


«الثلاثاء.. متأخر جداً» كان ذلك مرشح الرئاسة الأمريكي ترامب وهو يوجه نقداً للرئيس باراك أوباما الذي زار لويزيانا يوم الثلاثاء الماضية.. وكانت بعض أنحاء واسعة من تلك الولاية قد تعرضت لفيضانات قتلت نحو ثلاثة عشر مواطناً بجانب خسائر أخرى في الممتلكات طالت ما يزيد على مائة ألف أسرة.. الرئيس رغم الفاجعة أصر أن يكمل إجازته الأخيرة في منتجع (مارتا فاين يارد) القريب من مدينة بوسطن في الساحل الشرقي للولايات المتحدة.. معسكر الرئيس الذي كان ينظر لحظوظ هيلاري كلنتون في الانتخابات الأمريكية أكد أن الرئيس كان يتابع الأزمة يوماً بيوم.. لهذا كانت أول مهمة لأوباما بعد نهاية الأزمة أن يذهب لخط النار في لويزيانا .
منذ فترة تعيش ولاية الجزيرة حالة من الفراغ الإداري والسياسي ..الوالي محمد طاهر إيلا في إجازة ..نقلت صحيفتكم آخرلحظة غضب نواب في المجلس التشريعي من توقيت الإجازة الذي تزامن مع الكوارث ونقص الأنفس والثمرات الذي تعيشه الولاية بسبب الأمطار والفيضانات .. قناة (إسكاي نيوز) التقطت خبر آخرلحظة وصنعت منه قصة خبرية ربما كان افضل عنوان لها (أين والينا).. ولاية الجزيرة تعيش أيضاً أزمات سياسية.. حتى أن بعض نواب المجلس التشريعي هددوا بسحب الثقة من الوالي الغائب.
مساء الثلاثاء الماضي كان اللواء عمر نمر يتحدث لقناة أم درمان حول ذات الخبر.. الوزير بحكومة ولاية الخرطوم ألمح إلى أن إيلا في إجازة طبية خارج السودان.. رواد مواقع التواصل الاجتماعي تناولوا القضية.. معظم فرسان هذه المواقع أبدوا تعاطفاً مع الوالي إيلا بسبب إنجازاته السابقة في البحر الأحمر ونواياه الحسنة في الجزيرة.. الملاحظة الأولى أن السودانيين لديهم حساسية عالية تجاه أي إنجاز حقيقي ..كما أن قلوبهم بيضاء خاصة في ساعات المحن.. يتم تجاوز الخصومة السياسية بكل يسر .
بالطبع من حق الوالي إيلا وغيره من المسؤولين أن يستمتعوا بإجازة مدفوعة من فقرنا.. الإجازة مهمة حيث مع كل انقطاع عن العمل الراتب تتجدد الهمة .. كما أن في الإجازة سانحة لاختبار فعالية المؤسسات.. مشكلة الوالي إيلا وغيره من الحكام أنهم لا يتحدثون بشفافية عن ملفاتهم الصحية.. كل من يشغل منصباً عاماً من المفترض أن يدرك أن خصوصياته لاتتجاوز حدودها غرفة النوم كثيراً.. من حق الناس أن يدركوا كل صغيرة وكبيرة قبل أن يصطفوا من وراء قائد.. كما في كرة القدم الاعتماد على لاعب مصاب ليست فكرة جيدة.
في تقديري.. كان على الوالي إيلا أن يصدر تصريحاً صحفياً وربما من الأفضل أن يظهر على شاشة تلفزيون الجزيرة ليطمئن شعب الولاية على صحته.. وفي ذات الوقت يستأذن الناس للسفر بغرض المعاودة الطبية المعتادة.. بل كان من الواجب أن يقطع الوالي إجازته إن أمكن ذلك ليقف على الأحوال على الطبيعة ثم يعود لمواصلة رحلة العلاج.. هنا سيشعر الناس أن واليهم يستشعر آلامهم ويقدمها على آلامه.
بصراحة.. كان بإمكان إيلا أن يستثمر سياسياً في ظروفه الصحية لو كان شفافاً مع الناس.. وقتها سيقول الناس من العيب أن يفكر برلمان الجزيرة في الإطاحة بوالٍ هو في رحلة علاجية .. ولأن حكامنا يظنون أنهم ليسوا كسائر الناس فيستكبرون حتى على المرض.