هل يلغي مسلمو أميركا صلاة عيد الأضحى بـ”الخلاء” لتزامنها مع ذكرى 11 سبتمبر؟
في كل عام، يستطلع المسلمون في جميع أنحاء العالم الهلال لتوقع موعد واحد من أهم الأعياد، عيد الأضحى المبارك – عيد الأضحية.
عندما بدأ حبيب أحمد قبل نحو شهرين في التخطيط لهذا اليوم المبارك، لاحظ مصادفة غير سارة: عيد الأضحى يمكن أن يوافق يوم الحادي عشر من سبتمبر/أيلول.
تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، الأحد 28 أغسطس/آب 2016، نُقل عن أحمد، الذي انتُخب مؤخراً رئيسَ المركز الإسلامي في لونغ آيلاند بالولايات المتحدة الأميركية، قوله: “ربما يحاول البعض استغلال هذا الأمر”، مضيفاً أنه يمكن التنبؤ بسهولة كيف أن البعض قد يسيء فهم هذه الاحتفالات، ويقول: “انظروا، هؤلاء هم المسلمون؛ يحتفلون في ذكرى الحادي عشر من سبتمبر/أيلول”.
أثارت احتمالية موافقة العيد للذكرى الخامسة عشرة لهجمات سبتمبر/أيلول مخاوف المسلمين في مدينة نيويورك وجميع أنحاء البلاد، في وقت أججت فيه أعمال العنف التي يرتكبها المتطرفون الخطاب السياسي الملتهب، وساهمت في اندلاع موجة من جرائم الكراهية ضد المسلمين.
في نيويورك، كثفت احتمالية موافقة العيد ليوم 11 من سبتمبر/أيلول المخاوف الأمنية، وتزايدت المخاوف بين أفراد المجتمع المسلم بعد مقتل إمام ومساعد له في كوينز في شهر أغسطس /آب 2016.
البعض يسترجع أيضاً ذكريات مراقبة الشرطة التي استهدفت المسلمين في السنوات التي تلت الهجمات.
وقالت ليندا صرصور، المديرة التنفيذية للجمعية العربية الأميركية في نيويورك: مجتمعنا يتساءل “ماذا يفترض بنا أن نفعل؟”، وقالت إنها حضرت اجتماعات مكثفة مع قادة آخرين لمناقشة أفضل طريقة للاستعداد لذلك.
وأضافت: “لا ينبغي أن نضطر للتفكير في ذلك، ماذا يفترض أن أخبر أطفالي؟”
فرصة للتكريم
عيد الأضحى هو ذكرى خضوع نبي الله إبراهيم لأمر الله في التضحية بابنه إسماعيل. يقول عبدالعزيز بويان، الأمين العام لمجلس الشورى، ومجلس القيادة الإسلامية في نيويورك، أن اليوم يعتبر أيضاً بمثابة فرصة لتكريم ضحايا أولئك الذين قتلوا يوم 11 سبتمبر/أيلول 2001. وأضاف “إنه يوم للذكرى والاحتفال”.
احتمال موافقة عيد الأضحى ليوم 11 سبتمبر/أيلول من هذا العام (2016) لا يزال غير مؤكد، ففي كل عام، يحدد يوم العيد بعد رؤية الهلال الجديد في بداية شهر ذي الحجة، ويكون يوم العيد بعد الرؤية بعشرة أيام، وفقاً للتقويم الإسلامي، و يبدأ الشهر عندما يظهر الهلال الجديد، ومن المتوقع أن يبدأ هذا العام في 1 أو 2 سبتمبر/أيلول.
في الماضي، وافق عيد الفطر مرةً تاريخاً قريباً من يوم 11 سبتمبر/أيلول، ولكن لم يحدث حتى الآن أن يتزامن فعلاً مع هذا التاريخ.
وقال روبرت ماكو، مدير الشؤون الحكومية في مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير): “الأمر يخطر ببال كل قائد مسلم في البلاد في الوقت الراهن. “نشعر بالحزن مثل أي شخص آخر”، مشيراً إلى هجمات 11 سبتمبر/أيلول. وأضاف “علينا أن نتذكر هذا اليوم ليس لأننا مسلمون، ولكن لأننا أميركيون”.
قال عبدالعزيز بويان “يحث المسؤولون المسلمون المحليون والوطنيون؛ الأئمةَ وغيرهم من القيادات على إجراء محادثات مع السلطات؛ لضمان توفير الأمن في أماكن الاحتفال. في مدينة نيويورك، قامت الشرطة بالفعل بتوفير مزيد من الأمن في العديد من المساجد منذ ارتكاب جريمة القتل في كوينز.
صلاة بالداخل
ودفع احتمال موافقة العيد ليوم 11 سبتمبر/أيلول بعض المساجد التي كثيراً ما تقيم صلاة العيد في الهواء الطلق، مثل مسجد حمزة في فالي ستريم، نيويورك، لونغ آيلاند، إلى جعل الصلاة بالداخل لتجنب التجمع في مكان عام.
وقال كريم مزاولة، أمين مسجد حمزة، إن المصلين كانوا يتجمعون في حديقة عامة لأداء الصلاة في السنوات الماضية. أما هذا العام، فستقام عدة صلوات بعدد أصغر داخل المسجد.
قال أسامة جمال، الأمين العام لمجلس للمنظمات الإسلامية في الولايات المتحدة، أن المجلس خطط لبدء حملة لتسجيل الناخبين المسلمين أثناء فترة العيد، كفرصة للوصول إلى حشود كبيرة من المسلمين.
وقال طاهر كوكيقي، الإمام بالمركز الثقافي الإسلامي الألباني في جزيرة ستاتين، إن المخاوف من رد فعل محتمل أثناء العيد لها صدى على المستوى الشخصي: ففي يونيو/حزيران 2016، دخل رجل المسجد وأخذ يصرخ ويقول “أنا سأقتلكم.. أنتم هنا لتهزمونا”.
ثم قام الرجل بأخذ أنبوب من على الحائط وحاول تهديد الإمام. اتصل الإمام بالشرطة، فترك الرجل الأنبوب وهرب. بعد ذلك، قامت الشرطة بالقبض على متهم ووجهت له تهمة جريمة كراهية.
يقول كوكيقي: “توجد الكثير من الكراهية هنا.. الكثير من الجهل كذلك”. ويضيف أن خطبة العيد هذا العام ستكون مختلفة عن الأعوام الماضية. يقول “سنصلي من أجل ضحايا 11 سبتمبر/أيلول ومن أجل خير بلادنا”.
في ديربورن، ولاية ميشيغان، موطن لأحد أكبر تجمعات العرب الأميركيين، يقول إبراهيم كازروني، إمام المركز الإسلامي الأميركي، إنه على المسلمين أن يحتفلوا كما يفعلون عادةً، ويقيموا الصلوات، ويتبرعوا باللحوم أو المال للفقراء ويتناولوا وجبة مع العائلة والأصدقاء.
أما بالنسبة للتاريخ، قال “نحن بحاجة إلى أن نأخذه في الاعتبار، ولكن في نفس الوقت لا يمكن أن يشغلنا لدرجة أن يشل المجتمع”.
وقال شمسي علي، إمام بمركز جامايكا الإسلامي في كوينز، إن المصلين لا يزالون يعتزمون إقامة الصلاة في الهواء الطلق، ومن المتوقع أن تستقطب 20 ألف شخص، في واحدة من أكبر التجمعات في مدينة نيويورك.
ينوي علي أن يدعو بعض الجيران من غير المسلمين ليشهدوا الصلاة ويتعرفوا على أهمية ذلك اليوم ورمزيته لدى المسلمين، وأيضاً أن يصلي من أجل ضحايا 11 سبتمبر/أيلول.
يقول علي “إذا أراد الناس أن يبنوا أسواراً، فسنقوم نحن ببناء الجسور، هذه هي الروح الحقيقية لمدينة نيويورك”.
هافغنتون بوست