عبد الباقي الظافر

شرطي وراء كل مواطن..!!


*قبل أسابيع كادت إحدى صالات مطار الخرطوم أن تتحول إلى هشيم تذروه الرياح..الحكاية بدأت بفوج من حجاج بيت الله الحرام جاءوا في موعد مع (سودانير) و كالعادة تأخرت ( ستهم) عن الإقلاع ولقب (الست ) يطلقه المصريون تهكماً على ناقلنا الوطني..المهم أن التأخير امتد من ساعة إلى نصف يوم ثم إلى يوم إلا قليلاً..كل ذلك والحجاج يفترشون الأرض ويلوكون الصبر في انتظار معلومة قد لا تأتي أبداً..حتى دنت لحظة الانفجار حينما هدد الحجاج بالخروج إلى شارع المطار واحتلاله.. هنا تحسس الحراس أسلحتهم ونشطت الهواتف في رصد حالة التوتر.. عندها فكرة الإدارة في الحل السهل جداً وقامت باستئجار طائرة بديلة وكفى الله الحجاج شر المظاهرات.
* قرأت بتمعن تصريح للأستاذ بحر إدريس أبوقردة وزير الصحة بدا بين دفتي التصريح حكمة مطلوبة .. الوزير أكد أن وجود الشرطة داخل المستشفيات غير مرحب به، والأفضل أن تكون في واجهات المداخل..جاء التصريح بعد أن أبدت قيادة الشرطة استعدادها لتوفير شرطة خاصة لحماية الأطباء والمشافي .. السيد الوزير كان يخشى أن يتسبب التوافر الشرطي فوق الزائد إلى احتكاك مع الكادر الطبي.. والحقيقة أن دفاتر الرصد قد حوت غير قليل من هذه الاحتكاكات السالبة.. حيث حملت الصحف غير مرة خبر اعتداء نظامي على طبيب..بالطبع لايحدث الاعتداء من فراغ بل هو نتيجة تنازع على الحدود بين المهنتين.
* وقبل أسابيع انتشرت الشرطة في بعض الجامعات السودانية.. بل تم تكوين فرع شرطي جديد حمل اسم شرطة الجامعات، يجلس على قمته ضابط عظيم برتبة اللواء..جاء التطور بعد تزايد حالات العنف في الجامعات..لا أحسب أن الانتشار الشرطي سيخفف من حدة العنف داخل المؤسسات التعليمية، بل على نقيض ذلك ربما يكون الحصاد .. أغلب منتسبى الشرطة الذين ستوكل لهم مهمة تأمين هذه المؤسسات من قليلي الخبرة وحديثي العمر.. بل إن أعمارهم ربما تكون مقاربة للطلاب..بحكم التربية العسكرية وحيازة الشرطة لأسلحة الدفاع عن النفس ربما يتطور أي اشتجار إلى معركة بين القوى النارية والغلبة الطلابية .
في تقديري إن نظرية زيادة عدد أفراد الشرطة لتحقيق الأمن، ربما لا تحقق مقاصدها..معظم أحداث العنف التي تحدث سببها سياسات خاطئة ..تقويم الخطط التنظيمية يقلل اللجوء إلى العنف ..من الأفضل أن يكون لنا من الشرطة أعداداً محدودة ومدربة تدريباً جيداً وتتقاضى رواتب تحقق الكفاية، من جيوش جرارة تحاول ردع التفلت بدلا عن صناعة الأمن الوقائي.. في أكثر من مرة كانت وزارة الداخلية تحذر من ظاهرة الإدبار عن العمل في مجال الشرطة بسبب ضعف المخصصات المادية مع مهام جسيمة لا تعرف التسيب.
• بصراحة..من المستحيل أن تكون الشرطة في كل مكان ووراء كل مواطن .. إن التحدي يكمن في سرعة وصول الشرطة إلى مسارح الجريمة ومواقع الأحداث.. بل الانتشار الكثيف في مواقع مدنية يخل بهيبة الشرطة ويعرضها لمخاطر الاحتكاك، حينما تكون جزءًا من المشكلات بدلاً من أن تكون قوى محايدة تفض الاشتباكات بين الأطراف المتصارعة .

اخر لحظة