عالمية

مخزون السكر يتلاشى في مصر.. والأسعار تشتعل


لم يحدث قط أن مثّل اقتراض حفنة سكر من الجيران مشكلة كما هو الحال الآن في مصر.

فقد اختفى السكر تماما في متاجر التجزئة في أنحاء البلاد لتتحدث وسائل الإعلام عن أزمة، وتزيد الدولة وارداتها من السكر بوتيرة سريعة رغم النقص الحاد في الدولار وارتفاع الأسعار في الأسواق العالمية.

تستهلك مصر نحو ثلاثة ملايين طن من السكر سنويا، لكنها تنتج ما يزيد قليلا فحسب عن مليوني طن لتسد الفجوة عن طريق الاستيراد عادة في الفترة بين يوليو/تموز الماضي وأكتوبر/تشرين الأول الجاري عندما تتراجع إمدادات الشمندر وقصب السكر المحلية.

لكن تجارا قالوا إن ارتفاع أسعار السكر عالميا بنسبة 50% خلال عام وارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء جعل سعي كثير من المستوردين إلى الحصول على السكر مكلفا وخطيرا في الأشهر الأخيرة.

وقال مالك محل بقالة خاص في القاهرة، يدعى حسين محمود، إن ما بين عشرة وعشرين شخصا يأتون إلى محله يوميا يسألون عن السكر.

وأضاف: “آخر مرة كان عندي هنا فيها سكر كان في شهر أول تسعة (سبتمبر). بعد كده، شح من السوق نهائي. أنا عن نفسي سوبر ماركت أهو بأروح أجيب للزبون من بره”.

وتحدد الحكومة كمية السكر المدعم التي يمكن بيعها في المنافذ للمواطنين شهريا.

وقال مصري يدعى أحمد محمد علي إنه استشاط غيظا عندما دخل أحد هذه المنافذ الحكومية التابعة لوزارة التموين، أمس الثلاثاء، ولم يسمح له سوى بالحصول على كيلوغرامين فقط من السكر.

وتابع: “يا بيه السكر محطوط جوه على سبيل إيه؟ بأقول له أنا ثلاث أفراد المواطن ليه كام؟ مقرراته إيه؟ اثنين كيلو سكر. اثنين كيلو سكر في الشهر عشان مروحش أجيب من بره. إديني حقي اللي أنت بتعترف بي كدولة. أنا رجل صاحب دعم ثلاث أفراد. تديني اثنين كيلو سكر وبعد كده أروح أجيب بأربعة عشر وبعشرة (جنيهات)”.

ولا خيار أمام المستوردين سوى اللجوء إلى السوق السوداء للحصول على الدولار، إذ تقنن البنوك الإمدادات الشحيحة من العملة الصعبة، ليدفع التجار بذلك 15 جنيها أو أكثر مقابل الدولار الواحد مقارنة مع سعر الصرف الرسمي البالغ 8.8 جنيهات. ويقول تجار إنهم عاجزون عن شراء السكر في ظل ارتفاع سعر الدولار.


تستهلك مصر نحو ثلاثة ملايين طن من السكر سنويا


وقال صاحب متجر يُدعى أحمد محمد إن آخر مرة تلقى متجره فيها إمدادات سكر تعود إلى شهر ونصف الشهر.

وقالت متاجر أخرى في القاهرة إنهم يحصلون على جزء محدود من احتياجاتهم مع نفاد السكر في غضون ساعة من وصوله، إذ يتسابق العملاء على علب السكر التي زاد سعرها إلى مثليه في الأسابيع الأخيرة.

وقال مصري يدعى صبحي فؤاد: “مافيش سكر. إحنا ناس غلابة مافيش حاجة للغلابة. الغلابة مطحونين. الغلابة هم اللي مطحونين يا باشا. الرجل اللي بيأخذوا له ألف جنيه وألف ومئتين جنيه ده اللي مطحون. هيجيب كيلو السكر بعشرة جنيه”.

وكرر فؤاد شكاوى متنامية من ارتفاع الأسعار ونقص السلع، في الوقت الذي تتجه فيه البلاد إلى مزيد من التقشف.

وعزا التجار نقص السكر الحالي في جزء منه إلى أسباب ذاتية نتيجة تأخر رد فعل الحكومة على تصريحات متضاربة.

وقالت وزارة التموين المصرية، في يونيو/حزيران الماضي، إن احتياطيات السكر كافية لتلبية الطلب عاماً. وفي أغسطس/آب الماضي، تراجعت الحكومة قائلة إنها تحتاج إلى 500 ألف طن لتلبية الطلب حتى فبراير/شباط المقبل، وهو بداية موسم الحصاد القادم.

وقال تجار إن جهة تابعة لوزارة التموين اشترت نحو 225 ألف طن سكر في أغسطس/آب من المصانع المملوكة للدولة مخصصة لمنافذ البيع الحكومية. ويعاني القطاع الخاص لشراء كميات كافية منذ ذلك الحين.

وقال وزير التموين المصري، محمد علي الشيخ، الأسبوع الماضي، إن لدى بلاده مخزونا كافيا من السكر لتغطية الطلب لمدة أربعة أشهر.

العربي الجديد