حوارات ولقاءات

زعيم المعارضة الجنوبية الدكتور رياك مشار : سلفاكير وتعبان دينق اشتركا في محاولة اغتيالي بالقصر الرئاسي


قواتنا تحاصر جوبا من كل الجهات والحكومة ستنهار تلقائياً
اجتمعت بالبشير وأبلغته بموافقتي على أي مبادرة يقودها لحل الأزمة الجنوبية

سلفاكير ليست لديه رؤية لإنفاذ اتفاقية السلام ويريد أن يتحكم بالجميع
سلفاكير وتعبان دينق اشتركا في محاولة اغتيالي بالقصر الرئاسي

جوبا لا تملك عمقاً إستراتيجياً يمكنها من الصمود في الحرب فترة طويلة
أمريكا عاجزة عن الضغط على سلفاكير وحكومة جنوب السودان فاشلة

يجب على رعاة السلام إيجاد مبادرة جديدة أفضل من سابقتها من أجل الوفاق

كشف زعيم المعارضة المسلحة بدولة الجنوب الدكتور رياك مشار عن لقاء جمعه برئيس الجمهورية المشير عمر البشير عقب انتهاء مخرجات الحوار الوطني، وقال مشار في حواره مع (الصيحة) إنه أبلغ البشير بقبوله بأي مبادرة سياسية تقوم بها الخرطوم من أجل سلام جنوب السودان واشترط مشار تسوية سياسية جديدة لعودته إلى جوبا، وقال إن اتفاقية السلام انهارت، ولابد من إحياء عملية السلام من خلال مراجعة بنود الترتيبات الأمنية وتقاسم السلطة وبسط الديمقراطية داخل الحكومة ومراجعة قرار الـ28 ولاية المثيرة للجدل من أجل بسط السلام بالجنوب.

واتهم مشار تعبان دينق الذي حلّ في موقعه كنائب لرئيس حكومة جنوب السودان، بالتآمر مع سلفاكير لاغتياله في حادثة القصر في الثامن من يوليو الماضي، وقال أن تعبان كان يرغب في منصب وزير البترول، لكنني عينته وزيراً للمعادن، مؤكداً أن سلفاكير لا يؤمن بحكومة ائتلافية وعندما يتحدث عن حكومة الوحدة الوطنية يعتقد أن الآخرين ذابوا في فصيل الحركة الشعبية الحاكم، وعليه، يجب ألا يكون لهم رأي مستقل أو قرار منفصل عن قراره وفي اعتقادي هو لا يملك الخبرة أو الرؤية لإدارتها.

وانتقد مشار أداء البعثة الأممية بالجنوب، وقال: كان من المفترض أن تقدم رئيس البعثة إيلين مارجريت استقالتها منذ زمن طويل حتى تتمكن المنظمة الدولية من تعيين شخص قادر على الضغط على سلفاكير من أجل إيقاف الحرب.

وانتقد مشار الصمت الأمريكي على سلوك حكومة سلفاكير تجاه رعاياها، وقال: لم يسبق في التاريخ أن تعدت قوات الأمن على دبلوماسي يمثل دولته دون أن تُواجَه برد قاسٍ.

وقطع مشار بأن جوبا الآن تقع تحت حصار قوي من جهاتها الأربع، وأبان أنها ستنهار من تلقاء نفسها لعدم امتلاكها عمقاً إستراتيجياً يؤهلها للصمود لأعوام في الحرب.

ـ بداية مرحباً بك ضيفاً على “الصيحة” وطمئننا على صحتك؟
أهلا بيك كمان، وأهلاً بالباشمهندس الطيب مصطفى وأهلاً بصحيفة “الصيحة” المميزة، والله أنا كويس والحمد لله وصحتي بقت تمام منذ أن كنت في الخرطوم.

ـ ما رأيكم في المبادرة الأمريكية التي طالبت سلفاكير بطرد المتمردين على الخرطوم من أراضيها؟
ما ذهبت إليه الولايات المتحدة الأمريكية مقترح قديم وحقائق معروفة ومثبتة، وكان هناك أكثر من اتفاق مع جوبا لطرد المتمردين، وحكومة جنوب السودان وقعت العديد من الاتفاقيات والتفاهمات، إلا أن المشكلة تكمن في أن جوبا لم تفِ بها.

ـ دار جدل كبير حول اتفاقية السلام، فبينما تقولون بأن الاتفاقية انهارت، تقول جوبا إنها تعمل على إنفاذها وتصفها لجنة مراقبة إنفاذ الاتفاقية بأنها هشّة، إلا أنها السبيل الوحيد للسلام؟

بالنسبة لي الاتفاقية انهارت تماماً، ومهما حاولت جوبا والمجتمع الدولي أن يقول غير ذلك. وعلى الناس الاعتراف بذلك لأنه لا طرف واحد يمكنه إنفاذ الاتفاقية بنفسه، ولابد من وجود الأطراف المتنازعة الموقعة على الاتفاقية لإنفاذها، بل المؤكد أن حكومة الوحدة الوطنية انهارت أيضاً، وسلفاكير من أجل أن يعلن الحرب على من حوله حاول اغتيالي، والحرب الآن انتظمت جميع أجزاء الجنوب، فهي الآن في بحر الغزال والاستوائية وأعالي النيل والوحدة.

ـ وما هو الحل في رأيكم؟
لابد من وجود مبادرة جديدة تجمع الأطراف المتنازعة وتمنحهم فرصة في الحوار المباشر لإنقاذ الاتفاق ومراجعته، كما أنه يجب أن تكون هناك هيئة لمراقبة تنفيد الاتفاق الجديد.

ـ لماذا انهارت الاتفاقية؟
الاتفاقية أنهارت بسبب فشل الترتيبات الأمنية وتقسيم السلطة، وسلفاكير ليست لديه رؤية لإنفاذ اتفاقية السلام وهو يريد أن يتحكم بالجميع وينفذ ما يريد إنفاذه من الاتفاقية ويتجاهل ما لا يرغب في إنفاذه. وعليه، ومن أجل إيقاف هذه الحرب، يجب علينا والمجتمع الدولي والإقليمي والإيقاد والاتحاد الأفريقى بوصفهم رعاة اتفاق السلام إيجاد مبادرة جديدة أفضل من سابقتها.

ـ ما هي ملامح هذه المبادرة؟
يجب أن تشمل المبادرة النقاط التي تسببت في انهيار الاتفاق، كما قلت لكِ، مثل معالجة ملفات الترتيبات الأمنية واقتسام السلطة، والأهم توفير مناخ ديمقراطي داخل الحكومة، لأنه لا يمكن أن تنفذ اتفاقاً لطرفين دون توفر مناخ ديمقراطي، وأنا خلال الشهرين اللذين قضيتهما في جوبا لاحظت غياب المناخ الديمقراطي تماماً حتى داخل الحكومة نفسها، فسلفاكير لا يؤمن بحكومة ائتلافية، وعندما يتحث عن حكومة وحدة وطنية يعتقد أن الآخرين ذابوا في فصيل الحركة الشعبية الحاكم، وعليه يجب ألا يكون لهم رأي مستقل أو قرار منفصل عن قراره، وليس لهم جهة يمثلونها غير حكومته. وفي اعتقادى هو لا يملك الخبرة أو الرؤية لإدارة حكومة ائتلافية. وأيضًا علينا مراجعة أكثر المواضيع حساسية، وهو تقسيم الولايات إلى 28 ولاية، لأنه قرار فردي ومن طرف واحد، وغير مقبول من قبل مواطني الجنوب.

ـ الرئيس سلفاكير يقول إن الاتفاقية سينفذها طرفا الصراع وهما حكومته والمعارضة المسلحة بقيادة تعبان دينق؟
أنا عيّنت تعبان وزيراً للمعادن، وهو كان يأمل بأن يكون وزيراً للبترول، ولذلك هو تآمر مع سلفاكير ودبروا لي حادثة 8 يوليو في القصر الرئاسي لاغتيالي، وتعبان لا يمثل أي شخص أو أي جهة، وهو عاجز عن إنفاذ ملف الترتيبات الأمنية، لأنه ليست له قوات على الأرض كما أنه لا يقود تنظيمًا سياسيًا لأنه انضم للحركة الشعبية الحاكمة في جوبا، وليس المعارضة، فهل يستطيع تعبان إيقاف المعارضة في بحر الغزال والإستوائية والوحدة وأعالي النيل مثلاً! كما أن سلفاكير قال إنه هو من عين تعبان، وطالما أن سلفاكير هو من يقوم بتعيينه فهذا يعني أنه لا يمثل أحدًا، مع أن التنظيمات السياسية تنتخب قادتها ولا يتم تعيينهم من قبل قادة التنظيمات الأخرى. فهل يقبل سلفاكير أن أُعيّن أحد قياداته في منصب قيادي دون استشارته؟

ـ مقاطعة.. الرئيس سلفاكير، قال إنه لم يعين تعبان بل عينه أعضاء المكتب السياسي للمعارضة الموجودين بجوبا؟
ـ هذا كلام غير صحيح، فسلفاكير بنفسه أصدر مرسومًا قضى بعزلي من منصبي وتعيين تعبان دينق، وهو قرار كان يجب أن نتخذه نحن الاثنين كما أنه لم يكن هناك مكتب سياسي في جوبا والمكتب السياسي للمعارضة في عواصم أخرى، وعندما كنت مريضاً بالخرطوم انتهزنا الفرصة واجتمعنا بأعضاء المكتب السياسي، وكل من كان في جوبا من القادة آنذاك تعبان الفريد لادو وازيانكيل، وكل من كانوا موجودين تمت إقالتهم قبل أن تتم محاولة تصفيتهم من قبل سلفاكير.

ـ أعلنت الممثلة الخاصة ورئيسة بعثة “اليونميس” بالجنوب ألين مارغريت استقالتها من منصبها، وقالت إنها ستتخلى عن منصبها نهاية نوفمبر القادم ما رأيكم في ذلك؟

أنا كنت أتوقع أن تقدم استقالتها منذ فترة، ويكفي إخفاق بعثتها في التعامل مع أحداث جوبا وملكال واو وغيرها من معسكرات “الينوميس” في الجنوب كما أنها عاجزه عن التعامل مع حكومة سلفاكير وغير متعاونة معنا، ومن الأفضل أن يتم تعيين شخص آخر قادر على الضغط على جوبا وسلفاكير من أجل التعاون معنا.

ـ عذرًا.. سلفاكير وحكومته يتهمان البعثة بالتعاون معكم وإيواء المعارضين وأسلحتهم في معسكراتها؟
هذا كلام فارغ وليس له دليل يبرره، والذين دخلوا معسكرات الأمم المتحدة هم من العجزه والنساء والأطفال وأي زول بيحارب نظام سلفاكير هرب إلى الغابة وحمل السلاح، والمواطنون غاصبون من ما قام به سلفاكير وحكومته ضدهم وهم مصممون على إسقاط نظامه.

ـ حكومة سلفاكير اتهمت قواتكم باستهداف أبناء الدينكا في الطرقات المؤدية من وإلى جوبا وغيرها من الطرق السفرية؟
قبل ثلاثة أيام سلفاكير قال لحكومته: مشار شال الجيش كله وأبناء الإستوائية ما عايزين يتجندوا في الجيش الشعبي ولم يتبق إلا أبناء الدينكا، وهذا اعتراف من الرئيس بأن جيشه جيش إثني يقوم على قبيلة واحدة، ولذلك فإن جميع القبائل رفعت السلاح ضده وحكومته بعد أن أعلن الإستوائيون وأعالي النيل رفع السلاح ضده، وبعد قليل سيرفع عدد من أبناء الدينكا السلاح ضده كما يحدث الآن ولن يكون أمامه خيار غير أن يستأجر مرتزقة من الخارج ليحاربوا معه مثلما فعل في الحرب الأخيرة إذ استعان بالمتمردين على السودان والأوغنديين.

أما اتهامه بأننا نستهدف أبناء الدينكا، فهذا ادعاء عار من الصحة، فنحن لا نستهدف المواطنين، ولا نقسمهم على أسس عرقية، ولا على حسب قبائلهم وأنسابهم، فنحن جميعًا مواطنون جنوبيون وإخوة أشقاء.

ـ هناك تباين في مواقف حكومة جوبا تجاه إشراكك بالملعب السياسي بالجنوب، فقد أعلن الناطق الرسمي للحكومة مايكل مكوي عدم رفضهم قدومك إلى جوبا.. ما رأيكم فى ذلك؟

مايكل مكوي هو بوق سلفاكير، وسلفاكير يعلم أنه في حال ترك الخيار للمجلس الوطني، فإنه لن يختاره رئيساً، فكثير من أعضاء المجلس الوطني مناوئون للحكومة، وهم موجودون في جوبا لأنهم مجبرون على ذلك، ولأنهم تركوا الخرطوم وليس لهم خيار آخر غير الجنوب، وهناك الكثير من القيادات معارضة للحكومة وهم بداخلها.

وفي حال رحبت جوبا بالسلام وبمبادرة سياسية تقوم على الحوار حول القضايا محل الخلاف وتوفر الأمن يمكن أن أرجع إلى جوبا، وأما في حال استمرت الحرب، فلن أذهب إلى جوبا لأن الحرب الآن انتظمت الإستوائية، حيث توجد جوبا فضلاً عن جميع أجزاء البلاد.

ـ حسناً، كيف تنظر لمستقبل حكومة سلفاكير حالياً؟
جوبا ليست لها إمكانات لتحارب عاماً أو عامين خاصة وأنها مغلقة من جميع الجهات، فالآن طريق جوبا توريت مغلق، وكذلك طريق جوبا نمولي وتركاكا، وجميع الطرق المؤدية منها وإليها بها عمليات عسكرية، وهناك انعدام تام للأمن، وفي حال استمر الحال كما هو عليه الآن فستنهار جوبا من تلقاء نفسها، خاصة وأنه ليس لديها عمق إستراتيجي يمكنها من الصمود في الحرب فترة طويلة.

ـ ما رأيكم في موقف المجتمع الدولي تجاه أزمة الجنوب؟
حكومة سلفاكير لا تبالي بالمجتمع الدولي ولا بالضغوط الأمريكية، فمثلاً قوات الأمن التابعة لها قامت بحرق عربة السفير الأمريكي في جوبا، ولم يحدث في تاريخ أي دولة أن تقوم حكومتها بإهانه البعثة الدبلوماسية لدولة ذات سيادة وتسكت على ذلك، كما أن قوات سلفاكير وحرسه هاجموا منظمة أمركية واغتصبوا النساء الأمريكيات، وكل ذلك يحدث تحت سمع وبصر أمريكا، وهي لا تحرك ساكناً.

ـ ماذا تعني تحديداً؟
أقصد أنه إذا كانت هذه القوات تستهدف القيادات الدبلوماسية ومنظمات إنسانية دولية وأمريكية، فماذا يمكن أن تقدم هذه القوات لجنوب السودان وشعبه خاصة وأن عدد اللاجئين الجنوبيين تجاوز المليون لاجئ، وهو رقم غير مسبوق حتى إبان الحرب الأهلية الأولى التي امتدت عقودًا من الزمان، وليس سنوات إضافة إلى أكثر من مليونين ونصف المليون نازح داخلي، فضلاً عن النازحين في معسكرات الأمم المتحدة في جوبا وملكال وبور والمدن الكبيرة بالجنوب.

ـ عفواً.. هذا تسأل عنه حكومة جنوب السودان؟
هذه ليست حكومة، لأنها عاجزة عن حماية مواطنيها. والحكومة التي تحاول اغتيال نائب الرئيس وتطارده بواسطة قواتها هي حكومة فاشلة. والحكومة التي تطارده بقوات برية وبحرية لا تستحق أن يطلق عليها صفة حكومة.

ـ حسناً، ما هو دورك لإصلاح الحكومة حينما كنت نائباً للرئيس؟
أنا حاولت أن أوقف الحرب قبل السفر إلى الكنغو واتصلت بالرئيس سلفاكير، وقلت له يا أخي تعال نتفاهم ونوقف الحرب دي وبدل أن يستجيب لي استخدم المحادثات الهاتفية كوسيلة لتعقبي واستهدافي من قبل قواته.

ـ والآن، ما المطلوب؟
طبعاً، نحن نحتاج لمبادرة سياسية، وأنا شخصياً بذلت جهوداً في هذا الإطار، عندما كنت في الخرطوم واجتمعت بالرئيس عمر حسن أحمد البشير عقب انتهاء مخرجات الحوار الوطني، وقلت للبشير حال كانت هناك مبادرة فإننا سنقبل بها. والمهم هو مراجعة اتفاقية السلام لإيجاد حل سلمي، ولابد من إنقاذ الاتفاقية وإيجاد منبر للحوار لمراجعة الاتفاقية وبسط الديمقراطية من أجل توفير مناخ ملائم لإنفاذها.

أجرته: إنصاف العوض
صحيفة الصيحة