عثمان ميرغني

بعد خراب مالطا.!


زمان أيام السينما.. متفرج استمتع بالفيلم في سينما “حلفايا” وفي اليوم التالي دخل نفس الفيلم في سينما “الوطنية”.. في لحظات حرجة والبطل (مزنوق) والجمهور متوتر يحبس أنفاسه إشفاقاً وخوفاً على البطل.. صعد هذا المتفرج على الكرسي مطمئناً الجمهور وصاح (يا جماعة أنا شفت الفيلم دا في الحلفايا.. ما تخافوا.. البطل منصور بإذن الله..)

أمس ومن داخل البرلمان.. وزير المالية الأستاذ بدر الدين محمود رفع الكارت الأحمر للحكومة.. أشهر عزمه على (الاستقالة!) بعد خطاب الموازنة.. وحتى لا يندفع الناس في التحليلات والتهويمات والتوتر.. أطمئن القراء (ما تخافوا.. البطل منصور بإذن الله.. هل رأيتم استقالة واحدة قُبلت؟؟)..

الحكومة وحزبها الحاكم لا يحبون حكاية (الاستقالة) ويفضلونها (إقالة).. سلسلة طويلة من الاستقالات المستحيلة تقدم بها أصحابها (وصويحباتها) وكلها انتهت بسلام.. لم تقبل ولا استقالة!!

وليس السبب عن تمسك بالمستقيلين والمستقيلات.. بل لكي يعلم المستقيلون والمستقيلات أنه كما للدخول باب واحد.. فللخروج أيضاً باب واحد..!!

والحقيقة، استقالة وزير المالية تحل مشكلة بدر الدين وحده.. فهو يدرك أنه ليس بوسعه تدمير الاقتصاد أكثر مما كان.. كالقفز في الماء بعد فوات الأوان.. لكن حال الاقتصاد لا تحله استقالة ولا إقالة ولا يحزنون.. حتى ولو ذهب جميع موظفي المالية والوزارات المجاورة إلى منازلهم..

مشكلة البلاد (سياسية) في المقام الأول.. تتطلب الإقرار بذلك من حيث المبدأ قبل النظر في أية وصفة اقتصادية.. حتى لا يضيع الزمن في (وصفات) وهمية..

من الحكمة أن نقتدي بالتجربة التركية.. التي حققت الإعجاز في أقل من عشر سنوات.. في كل سنة كانت تقفز بتركيا عشر درجات إلى الأمام..

المنصة التي يجب أن ينطلق منها الحل هو (حقوق الإنسان وكرامته).. لا يمكن حل معضلتنا السياسية وبلوغ حالة التراضي الوطني بـ(رُبع) إنسان.. ولا أقصد بحقوق الإنسان مجرد حزمة المطلوبات السياسية المعروفة فحسب.. بل وكرامة الإنسان في أي موقع وموقف.. حتى أمام موظف الحكومة حينما يسعى للحصول على خدمة رسمية..

أمس اتصل بي مواطن أهدر نهاره كله لإنجاز معاملة تخصه في مكتب حكومي وقال لي عبارة واحدة (لقد اقتنعت.. أني حشرة!)..!!

إنساننا السوداني حُر بطبيعته.. لا تكبله القيود ما ظهر منها وما بطن.. عفيف الضمير.. لا يقبل الوصاية ولا احتكار الحكمة الذي تمارسه عليه الحكومة.. ويصبر.. ويصبر.. ويصبر.. حتى (يستقيل!) منه الصبر..

على كل حال.. (بدر الدين) منصور بإذن الله.. لو كانت تصيبه مصيبة.. لكانت في (الأقطان)!!

صحيفة التيار


‫2 تعليقات

  1. الى متى حال البلد هكذا اما آن الاوان لكى ننعدل وينعدل الوطن انا اسأل واجاوب الذين هم فى الحوار الوطنى لا بمثلون الى انفسهم خلاص الشعب السودانى لا يثق فى سياسى ماذا فعلو الى السودان ؟وسؤالى الى جميع الاحزاب السياسيه فلا نريد حوار بينهم انما الحوار الحقيقى مع الشعب السودانى البطل الذى هجر ابناءهم فى عز شبابهم هم اهلا للحوار واحق بهو من جيع الذين لا يريدون فى الوطن سوا المناصب لا غير فلا نريد اى سياسى ولكم منى جزيل الشكر
    الاستاذ الشيخ الامين دفع

  2. دة كلام خارم بارم ، نعم الحريات مطلوبة ومطلوبة بشدة فى اى دولة راشدة ثم اذا نظرنا حولنا من الدول فنحن نعتبر من الدول الاكثر حرية فى المنطقة شمالا وشرقا وجنوبا وغربا ، كم عدد المتعقلين السياسيين ؟ وحتى لو أطلقت سراح جميع من فى السجون من سياسيين ومجرمين حتى ما دخل هذا فى قفة الملاح ، نعم المسألة سياسية من ناحية انهاء الحرب واستقطاب جميع المحاربين والمتمردين وجلبهم الى الحوار وانهاء الحروب والتشجنات والاقبال بكلياتنا الى اصلاح البلد وعمل بنى تحتية للزراعة والصناعة والطرق والكهرباء وتأهيل المشاريع الكبرى مثل مشروع الجزيرة والسكة حديد ومد الطرق القومية الى انحاء البلاد المختلفة .