عالمية

وكاد الجحيم النووي أن يفتح أبوابه على الأرض!


ان العالم دون أن يدري على شفا حرب نووية مدمرة في 28 أكتوبر/تشرين الأول. في مثل هذا اليوم قبل 54 عاما تلقى ضابط أمريكي أمرا بتوجيه أربع ضربات نووية صاروخية إحداها في روسيا.

حدث ذلك في فترة ما يعرف بأزمة الكاريبي بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، وكشف عن ملابساتها الطيار الأمريكي جون بوردن لمجلة “the Atomic Scientists” الأمريكية.

وكان بوردن حصل في عام 2015 على تصريح من القوات الجوية الأمريكية بالكشف عما حدث في 28 أكتوبر عام 1962 في قاعدة سرية أمريكية مقامة على جزيرة أوكيناوا اليابانية.

ومن مفارقات الصدف، أنه في هذا اليوم بالذات توصل الزعيم السوفيتي نيكيتا خروشوف والرئيس الأمريكي جون كيندي إلى اتفاق بشأن أزمة الصواريخ السوفيتية في كوبا يبعد شبح الحرب عن العالم.

بدأت القصة بتلقي النقيب في سلاح الجو الأمريكي وليام باسيت أمرا بإطلاق أربعة صواريخ مجنحة من طراز “Mace B ” مزودة بعبوات هيدروجينية بقوة 1.1 مكيغا طن، أي ما يعادل 70 مرة قوة القنبلتين اللتين القيتا على هيروشيما وناغازاكي.

وكان الهدف المرسوم لتلك الصواريخ بحمولتها المهلكة يتمثل في العاصمة الصينية بكين، والعاصمة الفيتنامية هانوي، وعاصمة كوريا الشمالية بيونغ يانغ، ومدينة فلاديفوستوك، أقصى شرق الاتحاد السوفيتي وروسيا الحالية.

أُرسل الأمر بإطلاق العبوات الهيدروجينية المدمرة عبر الراديو، وطابق رمزه الشفرة الموضوعة في مغلف سري، وبهذا كان في يد النقيب وليام باسيت كل الصلاحيات لتوجيه الضربات النووية.

هذا الضابط كان المسؤول في قاعدة الصواريخ في جزيرة أوكيناوا عن عمليات إطلاق الصواريخ، وكانت حينها قد رفعت داخلها درجة الاستعداد القتالي إلى مستوى “DEFCON 2″، أي “حافة حرب نووية”.

مع كل ذلك، شك الضابط الأمريكي في حقيقة الأوامر التي تلقاها. وكان مبعث ذلك أن مستوى الاستعداد القتالي في القاعدة لم يرفع إلى درجة “DEFCON 1” وهو ما يعني “حربا نووية وشيكة”.

لتلك الأسباب ظن النقيب وليام باسيت أن مركز القيادة الأمريكية قد اتخذ مثل هذا القرار لأن القاعدة في أوكيناوا ربما تتعرض لضربة سوفيتية، إلا أنه لم تكن هناك أي علامات على هذا الأمر.

والأهم أن هذا الضابط الأمريكي الذي وضعت الأقدار آنذاك مصير العالم بين يديه قد شك في أن يتضمن الأمر بالضربات النووية في مثل تلك الظروف، ثلاثة أهداف من أربعة خارج الاتحاد السوفيتي.

بناء على ذلك قرر الضابط في خطوة يائسة وقف التحضير لتوجيه الضربة النووية، واتصل بالهاتف بمركز توجيه الصواريخ، مصرحا بأنه لم يتلق أمرا واضحا بالعمل. وعلى الرغم من عدم وجود تفاصيل للحديث الذي دار مع مركز القيادة، لكن الضابط الأأمريكي في نهاية المطاف تلقى أمرا بإلغاء المهمة.

واللافت أن التوتر داخل قاعدة الصواريخ الأمريكية على جزيرة أوكيناوا تصاعد حينها إلى درجة أن النقيب وليام باسيت أعطى تعليمات للجنود بإطلاق النار على الملازم المسؤول بشكل مباشر على الضغط على “الزر الأحمر” إذا حاول فعل ذلك من وراء ظهره.

تلك الحادثة لم تكن يتيمة، إذ تصرف بالمثل ضابط سوفيتي هو الرائد ستانسلاف بيتروف في 26 سبتمبر/أيلول عام 1983 في واقعة مشابهة حين لم يسمح بتوجيه ضربة نووية ضد الولايات المتحدة بعد أن تلقى إشارة خاطئة من منظومة الإنذار عن هجوم صاروخي.

وفيما رفعت السرية عن واقعة جزيرة أوكيناوا اليابانية بعد أكثر من نصف قرن على وقوعها، ولا تزال الوثائق المتعلقة بها محجوبة، عرف العالم عن حادثة الرائد ستانسلاف بيتروف بعد 10 سنوات من حدوثها، وقد تحصل على عدة جوائز، إحداها منحتها له “رابطة مواطني العالم”، وهي عبارة عن منحوتة زجاجية على هيئة يد تحمل الكرة الأرضية منقوش عليها عبارة “الرجل الذي منع وقوع حرب نووية”.

أما النقيب وليام باسيت، الضابط الأمريكي الذي أعطى العالم فرصة أخرى، فقد فارق الحياة عام 2011، قبل أربع سنوات من الكشف عما حدث في 28 أكتوبر 1962.

روسيا اليوم