غضبة وزير المالية مبررة
(معاش الناس) هاجس لكل نظام حكم في أية دولة، لأن الضيق فيه يؤدي الى مراحل متعددة متوالية في انهيار الأنظمة الحاكمة، تبدأ بالتذمر والململة والخروج السلمي للشارع، ثم الخروج العنيف والمواجهات والاضطرابات، وموت الأبرياء وإضرابات وعصيان مدني تؤدي كلها في النهاية الى تدخل الجيش التلقائي والمنطقي، إعمالاً لواجباته الدستورية في حماية البلد.. حدث ذلك في تونس ومصر، وليبيا قبل أربع سنوات.
نحن في السودان الآن في مرحلة التذمر والململة، الأمر الذي جعل البرلمان يفرد ثلاث جلسات لمناقشة (معاش الناس) مع وزير المالية، الذي أقسم أن لا يبقى في كرسي الوزارة بعد إجازة ميزانية 2017.. وصف رئيس البرلمان وأعضاؤه حالة المواطنين بالقاسية، لعدم مواكبة الأجور والمرتبات للارتفاع المتسارع في أسعار السلع والخدمات الأساسية مثل الصحة، والتعليم، والدواء، ونظافة البيئة، والمواصلات..
ليس من المنطق في شيء أن يتحمل وزير المالية مسألة الضيق هذه في (معاش الناس)، لأن الوزير الحالي بدر الدين محمود وسلفه علي محمود تولى كل منهما هذا المنصب في ظروف بالغة التعقيد بعد انفصال الجنوب، والتراجع الكبير في عائدات البترول، التي كانت تبني عليها الميزانيات بنسبة 80% منذ العام 1999 وحتى العام 2011م، إضافة الى تزايد الصرف على الأمن في كل مؤسساته، حتى وصل الى 67% في الميزانيات الثلاث الماضية منذ العام 2013م، وذلك بسبب استمرار الحروب خاصة في دارفور والمنطقتين، وحتى بعد الانتصارات الحاسمة للقوات المسلحة على الحركات ما زالت حالة الحرب معلنة حتى الآن، مما يعني استمرار الصرف الباهظ على الأمن، وحتى في الميزانية التي ستودع في البرلمان الأيام القادمة للعام 2017 ذكر وزير المالية أن الأولوية في الصرف ستتواصل على الأمن- تقرير اللجنة الاقتصادية في البرلمان حدد الصرف على الفصل الأول- (المرتبات) -بـ16% وذكر وزير المالية أنه لولا عائدات الذهب- المتواضعة في تقديري مقارنة بالواردات- والتي بلغت 4.6 مليارات دولار في الثلاث سنوات الماضية أي بواقع 1,5 مليار دولار سنوياً لانهار الاقتصاد تماماً.. كل الصادرات في العام 2015 بلغت 3.2 مليار دولار وفي العام 2014 كانت 4.5 مليار دولار أي الصادرات في انخفاض، بينما كانت الواردات في العام 2015 حوالي 8.4 مليار دولار، وفي العام 2014 كانت 8.1 مليار دولار أي الواردات في زيادة.. عليه يصبح العجز في الميزان التجاري 5.2 مليار دولار في 2015 و3.7 مليار دولار في 2014م، مما يعني تنامي العجز من سنة الى أخرى.. وفي الميزانية للعام 2015 كانت جملة الدخل ما يعادل 6.7 مليار دولار، والمصروفات ما يعادل عشرة مليارات من الدولارات- أي عجز حوالي 3.3 مليار دولار- عليه إذا اعتمدنا أن الصرف على الأمن حوالي 67% والأجور 16% تكون جملة الصرف في هذين البندين 83%- أي يتبقى فقط 17% (لمعاش الناس)، لذلك يعتبر ما قام به الوزير بدر الدين في الحفاظ على استمرارية النشاط الاقتصادي، يعتبر معجزة وتوفيق رباني، إذ وبكل المقاييس الاقتصادية العلمية كان الانهيار الاقتصادي هو النتيجة النهائية.. ما هي الأسباب التي أدت الى هذا الوضع الاقتصادي الحرج:
أولاً: انفصال الجنوب وفقدان عائدات البترول المقدر صافيها بحوالي ثلاثة مليارات دولار في العام.
ثانياً: استمرار الحروبات الداخلية وحالة الاستعداد والحرب في دارفور والمنطقتين، وبذلك استمرار الصرف على الأمن بحوالي 67% من الميزانية.
ثالثاً: الزيادة في الصرف على الفصل الأول في الميزانيات (المرتبات والأجور) الى حوالي 22 مليار جنيه في العام الحالي، من 15 مليار عام 2014 و18 مليار عام 2015 كما ذكر وزير المالية أمام البرلمان الأسبوع الماضي.. كل ذلك بسبب الصرف الباهظ على هيكل الحكم الحالي، المتمثل في 70 وزير ووزير دولة اتحادي، 18 والي، 420 نائب برلمان اتحادي- سوف يزيد عددهم الى حوالي 600 عضو بعد تنفيذ توصيات الحوار الوطني- 360 وزيراً ولائياً ومعتمدين، 1000 عضو مجالس تشريعية و150 رؤساء لجان بدرجة وزير في البرلمانات- كل والي ووزير اتحادي أو ولائي يعمل معه في المتوسط خمسة أفراد وعربتان- أي حوالي 2500 شخص، وحوالي ألف وخمسمائة عربة بكل مصروفاتها- عليه يصبح المتبقي من الميزانية بعد خصم 67% على الأمن و16% للأجور والمرتبات والعربات حوالي 17% لمقابلة الخدمات الضرورية، وهي نسبة ضئيلة تزيد من معاناة المواطنين.
رابعاً: العقوبات الأمريكية وإحجام مؤسسات التمويل الدولية عن دعم السودان بسبب الديون الخارجية، التي بلغت 49 مليار دولار.
خامساً: إحجام الدول العربية خاصة الخليجية عن دعم السودان بالمنح والقروض.
سادساً: توقف دخول المستثمرين بسبب الأحوال الأمنية.
سابعاً: تدفق اللاجئين بالملايين من اثيوبيا، واريتريا، وجنوب السودان، وسوريا، واليمن، ودول غرب افريقيا- كل هذه السبعة أسباب سياسية وليست اقتصادية، فكيف يتحملها وزير المالية!!.
الحلول:
أولاً: التوصل العاجل الى حل مستدام لأزمتي دارفور والمنطقتين بالالتزام بخارطة الطريق، التي وقعت عليها الحكومة مع الأطراف الأخرى بأديس أبابا، والتعاون مع الاتحاد الأفريقي والمجتمع الدولي.
ثانياً: تطبيع العلاقات مع أمريكا والاتحاد الأوروبي والمطالبة بشطب الديون.
ثالثاً: طلب الدعم بالمنح والقروض من دول الخليج.
رابعاً: العودة الى سياسة عدم الانحياز لأي محور دولي حتى نتفادى أية عزلة من أي طرف.
خامساً: إعادة هيكلة أجهزة الحكم بصورة جذرية، والعودة الى الأقاليم الكبرى القديمة وعددها ستة، مع إضافة جنوب كردفان والنيل الأزرق كاقليمين إضافيين تنفيذاً لاتفاقية السلام (نيفاشا).
سادساً: إعادة النظر في سياسة السوق الحر، وتقييد الاستيراد بالعودة الى نظام الرخص من وزارة التجارة.
سابعاً: إعادة زراعة القطن كمحصول نقدي بدلاً عن القمح، وفي مساحة لا تقل عن مليوني فدان، حتى تعود صناعات النسيج والزيوت الى سابق عهدها.
تقرير:عمر البكري أبو حراز
صحيفة آخر لحظة
هل استقال ام انه كذاب بعد شوية يرجع ويقول ليك حتسوني والرئيس رفض اسقالتي طبعا حيضرب تلفون لي بشة الو يا عمك بالله ما تقبل الاستقالة كنت بهزر وعندي برجين ما كماتهن وكمان اقساط فيلا نخلة دبي وشقة لندن ههههههه باي يا بيشو باي باي اممه اممممممه