3أشهر صعبة على مصر: علاقات النظام العربية والغربية تتراجع
على مدار نحو ثلاثة أشهر ماضية، تواصل التدهور في مصر على مستوى الاقتصاد بسبب سوء الإدارة من جانب النظام المصري، وامتد الأمر إلى علاقة القاهرة بمحيطها الجغرافي والعربي من جهة، وعلاقتها ببعض الدول الأجنبية الكبرى من جهة أخرى، لتصل إلى أسوأ مستوى لها منذ سنوات.
خلافات مع الإقليم
لأول مرة تصل العلاقات المصرية السعودية إلى هذا المستوى من التدهور والتراشق المتبادل بين الطرفين، بعدما قامت مصر بالتصويت بالموافقة على قرار روسي بشأن سورية في مجلس الأمن الدولي، يتعارض مع وجهة النظر السعودية، لينفجر الصراع الذي ظل مكتوماً لفترة طويلة بسبب التباين في وجهات النظر بشأن الملف السوري. تبعت ذلك قرارات تصعيدية من المملكة، جاء في مقدمتها وقف الإمدادات الشهرية من المشتقات البترولية عن مصر، والتي كانت تتم في إطار اتفاق وقّع بين الرياض والقاهرة بحضور الملك سلمان بن عبد العزيز.
وقال أحد الخبراء في الشأن العربي في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، إن “التضارب والفشل في إدارة ملف العلاقات الخارجية وعدم وجود رؤية محددة وواضحة، أدى إلى اصطدام النظام الحالي مع أقرب حلفائه، وهي السعودية، ووصول العلاقات إلى أسوأ مستوى لها منذ فترة طويلة، لم تشهده حتى في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، الذي لم تكن العلاقات بينه وبين النظام السعودي وقتها على ما يرام، إلا أن العلاقات كانت تسير بشكل جيد”.
أما في الملف الفلسطيني، فلم تفقد مصر منذ فترة طويلة خيوط الملف كما الآن، للدرجة التي وصلت إلى أزمة سياسية بين الأجهزة التي تشرف على إدارة الملف من داخل مصر، وأطراف الصراع الفلسطيني، بعدما بلغت العلاقة بين القاهرة والرئيس الفلسطيني محمود عباس مستوى سيئاً وصل حد التراشق والمكايدة السياسية، في الوقت الذي لم تعد فيه العلاقات بين النظام وحركة “حماس” على ما يرام.
وتشهد العلاقات بين عباس والقاهرة توتراً ملحوظاً على خلفية دعم النظام المصري للقيادي المطرود من حركة “فتح” محمد دحلان، لخلافة عباس في الرئاسة الفلسطينية، وهو ما فجّر خلافاً كبيراً. وبدا الخلاف في إحدى المكالمات الهاتفية المسرّبة بين دحلان ومسؤول الملف الفلسطيني في جهاز الاستخبارات العامة المصري اللواء وائل الصفتي، والذي ظهر فيه الأخير داعماً لدحلان، وساخراً من عباس.
هذا الأمر علّق عليه الخبير السياسي أمجد الجباس، بالقول: “النظام الحالي لا يملك قراره في كثير من الملفات، بسبب شعوره بعدم الشرعية، واعتماده في فترات طويلة على المساعدات والمنح من الداعمين، ولذلك فتحركه في دعم وتأييد دحلان في مواجهة عباس ليس قرار النظام المصري، ولكنه قرار دولة الإمارات التي تستضيف دحلان على أراضيها”. وأضاف: “للأسف النظام الحالي جعل من مصر تابعة لرغبات بعض الدول في إطار سعيها للحصول على الأموال والدعم السياسي الدولي”.
ومن فلسطين إلى ليبيا، حيث خرّب النظام المصري بقيادة الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي علاقته بحكومة الوفاق الليبية المدعومة أممياً، بعدما أعلن بشكل واضح ومن دون مواربة دعمه للواء المتقاعد خليفة حفتر، وتأييد هجومه على منطقة الهلال النفطي، في عملية أعلنت الولايات المتحدة الأميركية ومعها 5 دول كبرى رفضها لها، خصوصاً في الوقت الذي كانت تنشغل فيه قوات حكومة الوفاق بمواجهة تنظيم “داعش” في مدينة سرت للقضاء عليه.
توترات غربية
على الصعيد الغربي، لم تكن العلاقات المصرية الأوروبية أفضل من مثيلاتها العربية، مع توتر في علاقة البلاد مع دول أوروبية عدة. وبدأ الأمر مع إيطاليا بعد حادثة مقتل الباحث جوليو ريجيني، واتهام أجهزة أمنية مصرية بقتله وتعذيبه، ومحاولة النظام المصري التستر على المرتكبين، وهو ما تسبّب في توتر العلاقة مع البرلمان الأوروبي وبعض الدول الأوروبية.
فيما كشفت مصادر قريبة من دوائر صناعة القرار المصري، أن بريطانيا رهنت عودة الطيران والسياحة مرة أخرى إلى مصر بعد توقفها في أعقاب حادثة سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء، بسماح القاهرة للمعارضين السياسيين بالمشاركة السياسية، وعدم قمع الحريات، بحسب المصدر. وهو ما أكد عليه مصدر بارز في السفارة البريطانية في القاهرة، مشيراً إلى أن النظام المصري سعى أكثر من مرة لعودة رحلات الطيران والسياحة، إلا أن الحكومة البريطانية رفضت ذلك مشترطة توسيع هامش الحريات.
كما فقدت القاهرة الكثير من أوراق الضغط التي كانت في أيديها، فلم تتمكن من إقناع موسكو، التي تعد حليفاً لها، بعودة حركة الطيران الروسي مرة أخرى، على الرغم من استجابة مصر لكافة الشروط الروسية. وهو ما فسره مصدر حكومي بارز بأن الموقف الروسي ليس سياسياً، ولكن موسكو اشترطت توقيع عقود تنفيذ محطة الضبعة النووية، والتي تُكلف 25 مليار دولار وستقوم روسيا بتنفيذها، لعودة الطيران.
العربي الجديد