رأي ومقالات

لينا يعقوب: حكومة تعتمد رزق اليوم باليوم، لا ابداع ولا موهبة، فقط تصريحات هلامية مخدرة

فاقدو الموهبة
ألم يكن هناك من حل أو علاج أيسر، بدلاً عن إعطاء هذه الجرعة المرعبة للناس؟ كتلة مخيفة من الإجراءات الاقتصادية تتمثل في تحرير سعر صرف الدواء، رفع الدعم عن البنزين والجازولين والكهرباء، وارتفاع تلقائي في كل السلع الأساسية والكمالية.

ذات الطريقة الروتينية التقليدية، بلا ابتكار أو تجديد، قامت بها الحكومة هذا العام، حيث كررت سيناريو 2013 المتعلق برفع الدعم عن الوقود.. فأجازت القرار مساء “الخميس” وطبقته مباشرة في الحادية عشرة ليلاً بلا أي وازع أو مراعاة أو رأفة.

الاعتماد على رزق اليوم باليوم، تضع برامج ثلاثية وخماسية وسداسية لم تحقق المرجو منها.. حكومة تعتمد على الضرائب والجمارك والرسوم والزيادات ورفع الدعم في حل المشكلات الآنية الاقتصادية حينما تتعقد الحلول في تحسين الاقتصاد السوداني على وجه العموم.

كان حلاً متوقعاً أن يتم اللجوء إلى المواطن في ظل تراجع الصادرات وارتفاع الواردات، والاعتماد على الذهب في تعويض فاقد البترول.

انخفضت الصادرات خلال الربع الأول من هذا العام إلى 676.0 مليون دولار بنسبة 34.2% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.

وفي الوقت الذي ضعف فيه تسويق الصادرات السودانية، تلألأ في الأفق توفر الذهب بآلاف الأطنان، حيث وقعت الحكومة أكبر صفقة في تاريخها مع شركة روسية لاستخراج 46 ألف طن، ولكن هيهات!

المشكلة أنه لا يوجد مسؤولون أو وزراء اقتصاديون يتحلون بالإبداع والموهبة أو يمتلكون رؤية لتنشيط الاقتصاد وتحريكه.. هؤلاء ليس لهم سوى تصريحات هلامية مخدرة تحاول تسكين الألم قبل حدوثه!

من منكم يصدق أن محافظ بنك السودان تحدث قبل ثلاثة أيام خلال ترؤسه اجتماعا مع مديري البنوك عما سمّاه “تميز الأداء المصرفي” الذي انعكس على مؤشرات الأداء والتي فاقت أفضل المعايير العالمية، وأنهم اتخذوا تدابير ساعدت وتساعد على جذب تحاويل ومدخرات واستثمارات السودانيين العاملين بالخارج؟!

هكذا هم يتحدثون عن البرامج وتميز الأداء والمعايير العالمية، ويعتقدون أن الاقتصاد مسألة رياضيات يصعب حلها، ولا يعلمون أن الاقتصاد الذي لا ينعكس على واقع الناس يمكن وصفه بـ”الفاشل”!

دولة الإمارات أعلنت في شهر يوليو من العام الماضي رفع الدعم الحكومي عن أسعار البنزين والديزل، وقالت إنها ستطبق القرار بداية أغسطس وأوضحت أنها رفعت سعر اللتر من (1.7) إلى (2.1) درهم.. ورغم الزيادة الطفيفة إلا أنها هيأت الناس لقرار هُم أول المتأثرين به.

لكن في حكومتنا يتم اتخاذ القرار ليلا ويتم الإعلان عنه في مؤتمر صحافي يعقده وزير المالية ويتأخر فيه كالعادة الملازمة له لأكثر من ساعة وقبل أن يخرج الوزير من القاعة ويعرف الناس ما حدث، تُطبق الزيادة في محطات الوقود عبر منشور يوضح للناس وجود زيادة جديدة.

لن نسأل عن البرلمان الموجود وعن سبب عدم وضع القرار على منضدته للإجازة، فلا وقت لذلك.

ما يحير أن الغاز الذي زادته الحكومة قبل أشهر قليلة، دخل ضمن حزمة رفع الدعم.

لا يهم بعد الآن، إن تم خفض الإنفاق الحكومي أو قللت المخصصات الدستورية أو.. أو.. فنحن كذلك، بتنا نعيش رزق اليوم باليوم!

بقلم
لينا يعقوب