اعرف التهاب الكبد قبل أن يفتك بك
التهاب الكبد الفيروسي مجرّد ذكره يدفع إلى القلق، ولا سيّما أنّه يؤدّي إلى الوفاة. لكن ثمّة علاج جديد اليوم، من شأنه أن يؤمّن الشفاء للمصابين خلال أشهر قليلة.
“اعرفوا التهاب الكبد – افعلوا شيئاً الآن!”. تحت هذا العنوان، أتى اليوم العالمي لالتهاب الكبد الذي احتفلت به منظمة الصحة العالمية في 28 يوليو/ تموز الماضي. وفقاً لبيانات المنظمة، فإنّ خمسة في المائة فقط من الأشخاص الذين يعانون من التهاب الكبد الفيروسي يعلمون بأنّهم مصابون بالعدوى، فيما يحصل أقلّ من واحد في المائة على العلاج. لكن ثمّة جديداً طبياً، وهو أنّ أكثر من 90 في المائة من المصابين بالتهاب الكبد من نوع “سي”، يمكن شفاؤهم تماماً من الفيروس في فترة تمتدّ ما بين ثلاثة وستّة أشهر. وتشير المنظمة إلى أنّ توسيع نطاق العلاج الجديد، قادر على إنقاذ حياة سبعة ملايين شخص حول العالم، ما بين عام 2015 وعام 2030، ناهيك عن استفادة المجتمعات المحلية اقتصادياً.
في ظلّ الجهل كبير الذي يحاوط المرض، يسعى المعنيّون إلى الاستفادة من كلّ فرصة للتوعية حوله. وكان اليوم العالمي قد أتى كمناسبة إضافية لتكثيف الجهود الوطنية والعالمية على حدّ سواء، ولحثّ الشركاء والدول على دعم عملية تعميم وتنفيذ أول استراتيجية عالمية بشأن التهاب الكبد، خلال فترة 2016 – 2021. يُذكر أنّ هذه الاستراتيجية كانت قد اعتمدت في الجمعية 69 للصحة العالمية التي عُقدت في مايو/ أيار الماضي. وتحدد الاستراتيجية الجديدة بحسب ما تفيد المنظمة الغايات العالمية المتعلقة بالتهاب الكبد الفيروسي للمرّة الأولى، وتشمل هذه الغايات خفض حالات التهاب الكبد الجديدة من نوع “بي” ومن نوع “سي” بنسبة 30 في المائة، وكذلك خفض نسبة الوفيات بنسبة 10 في المائة بحلول عام 2020.
في هذا الإطار، سوف يُصار إلى توسيع نطاق برامج التلقيح ضدّ التهاب الكبد من النوع “بي” والتركيز على الوقاية من انتقاله من الأم إلى جنينها، بالإضافة إلى تعزيز الإجراءات الخاصة بسلامة الحقن والدم والعمليات الجراحية، وتوفير خدمات “الحدّ من الضرر” للأشخاص الذين يتعاطون المخدرات عبر الحقن، وكذلك زيادة فرص تشخيص التهاب الكبد من النوع “بي” والنوع “سي” وعلاجهما.
من جهة أخرى، تشدّد منظمة الصحة العالمية على ضرورة أن يتّخذ الأشخاص تدابير إيجابية لمعرفة وضعهم من خلال الاختبارات اللازمة، وكذلك الحصول على العلاج للحدّ من الوفيات التي قد تنجم عن هذه العدوى. يُذكر أنّ التهاب الكبد الفيروسي يصيب اليوم نحو 400 مليون شخص حول العالم. ونظراً لحجمه، فإنّ كل شخص معرّض لمخاطر الإصابة، في حين أنّ 95 المائة من المصابين بالتهاب الكبد لا يعلمون بأنّهم كذلك. فاختبارات التهاب الكبد معقّدة ومن الممكن أن تكون مكلفة، فضلاً عن ضعف قدرة المختبرات في بلدان عدّة. بالتالي، فإنّ غياب الوعي وقلة فرص الحصول على خدمات العلاج يشيران إلى أنّ الناس الذين يحتاجون إلى العلاج لا يحصلون عليه بمعظمهم، وهو ما يعني أنّ العلاج المناسب لالتهاب الكبد الفيروسي من النوع “بي” والنوع “سي” قادر على أن يحول دون ظهور مضاعفات خطيرة تهدد الحياة من قبيل تليّف الكبد وسرطان الكبد.
يشرح نقيب أصحاب المختبرات الطبية في لبنان، الدكتور كريستيان حداد، أهميّة التطوّر العلاجي في الحدّ من تزايد التهاب الكبد الفيروسي بالمجمل. ويقول إنّ “تطوّر العلاج، ولا سيّما الخاص بالتهاب الكبد من نوع سي، شهد تطوّراً كبيراً في ما يتعلّق بالحدّ من انتشار المرض الخطير الذي يؤدّي إلى تشمّع الكبد بنسبة 20 في المائة”. ويشير إلى أنّ “عدد الإصابات ليس مرتفعاً في لبنان”، قائلاً بـ “شكوك حول انتقاله من خلال المعدات الطبية، من قبيل منظار للمعدة، أو الأدوات الخاصة بطبيب الأسنان، أو تلك المستخدمة في رسم الوشوم. لذا نشدّد على ضرورة أن يملأ المتبرّع بالدم استمارة خاصة”.
من جهته، يرى الطبيب المتخصص في الأمراض الجرثومية، الدكتور جاك مخباط، أنّ “الأمل صار موجوداً في ظل العلاج المتوفّر مجاناً”. ويقول إنّ علاج التهاب الكبد من نوع “سي” أصبح “فعّالاً بنسبة 98 في المائة. يمكن للمريض أن يحصل على العلاج لمدّة ثلاثة أشهر تقريباً، فيشفى منه نهائياً”. يضيف أنّ “الفيروس سي ينتقل عبر الدم الملوّث وحقن الهيروين، وبنسبة أقلّ عبر العلاقات الجنسية. أمّا الفيروس بي، فهو إلى ارتفاع، من دون تحديد السبب. ربما يزداد مع كثرة إدمان المخدرات عن طريق تبادل الحقن الملوّثة”.
أمّا الطبيب المتخصص في أمراض الجهاز الهضمي والكبد، نقيب الأطباء في لبنان، الدكتور فؤاد الصايغ، فيتحدث عن أهميّة إشراك المجتمع المدني والجسم الطبي في عمليّة الحدّ من انتشار التهاب الكبد الفيروسي. ويقول إنّه “لا شكّ في أنّ وزارة الصحة العامة أتت بجهد بهدف الحدّ من انتشاره، وذلك بعدما اجتمعنا معها كجمعية أطباء الجهاز الهضمي والكبد وجمعية أطباء الأمراض الجرثومية. بالتالي، كان اتفاق على تزويد المصابين بالتهاب الكبد من نوع سي بالعلاج الجديد، بعدما لمسنا نسبة شفاء تقدّر بـ 95 في المائة”. يضيف أنّها “المرّة الأولى التي نعطي فيها هذا العلاج ونحصل على شفاء مضمون”، مشدداً على “ضرورة تزويد الجسم الطبي بلقاح التهاب الكبد الفيروسي بي، إذ هو الأكثر تعرّضاً له، بالإضافة إلى حماية المرأة الحامل من كل أنواع التهاب الكبد”. لكنّ الطبيبة المتخصصة في أمراض الدم، الدكتورة ميرنا جرمانوس، تقول إنّ “العلاج صار متوفراً، إلا أنّ الأهمّ هو التوعية للحدّ من عمليات نقل الدم الملوّث، عن طريق الأدوات غير المعقمة”.
في سياق متصل، كانت وزارة الصحة العامة قد ركّزت على التهاب الكبد الفيروسي منذ عام 2005، كأولويّة. وقد أنشأت برنامجاً وطنياً لمكافحة التهاب الكبد الفيروسي في عام 2007، بهدف الوقاية والتشخيص المبكر وتأمين العلاج وفق معايير طبية علمية. كذلك، ركّزت على الاهتمام بالفئات الأكثر عرضة للإصابة، كمدمني المخدرات والسجناء والعاملين في الصحة العامة ومثليّي الجنس. وتساهم الوزارة في برنامج للحدّ من المخاطر، من خلال تأمين فحوصات سريعة مجانية لالتهاب الكبد الفيروسي من النوع “سي” و”بي” بالإضافة إلى اللقاح الخاصة بالتهاب الكبد من نوع “بي”، على الرغم من معوّقات كثيرة.
كلموا الحكومة تخاف ربها و ما تدخل الفواكه الموبوءة من مصر