مكتبات البوستة.. الاتجاه للأدوات المدرسية والصحف.. تحولات جديدة
في سنوات السبعينيات والثمانينيات كان أصحاب مكتبات أمدرمان يتسورون مبنى البريد والبرق (البوستة) لكي يعرضوا الكتب العامة منها والمتخصصة وسط إقبال كبير من القراء والطلاب والأفندية، واحتلت الروايات العالمية المرتبة الأولى، حيث تزايد عليها الطلب بشكل كبير.
استمرت وضعية المكتبات على ذلك النحو، إلى أن شهد سوق أمدرمان تغيرات عديدة أفقدته ملامحه القديمة بعد أن تم ترحيل أصحاب المكتبات والفريشة شرقا باتجاه المسجد الكبير ليشرعوا في العمل من هناك، وارتضى الكثير منهم بالوضع الجديد، فيما ترك آخرون المهنة لتتحول بعض المحلات إلى حمامات ودورات مياه.
تنظيم دقيق
حسن المعاملة هو أول ما تحسه عند الولوج إلى مكتبات البوستة الجديدة، تخصصات امتهنها كل العاملين هناك، عبد الرحمن عمرابي قال لـ (اليوم التالي): عملت في السوق منذ أواخر أيام حكومة نميري أي قرابة (40) عاما من التجارة والبيع حتى نصبت عميدا للمكتبات. ويضيف: في السابق كنا نعمل جوار البوستة أما بعد الانتقال شرق المسجد الكبير وخلال ثماني سنوات نحمد الله لم تواجهنا مشكلة، حيث عمل المسؤولون بالدولة على تقدير الكتاب وأهميته، لذا تم تقسيم السوق إلى محلات وأكشاك متراصة ومنظمة. وأشار إلى أن تقسيم المكتتبات وتنظيمها أثر بشكل كبير على حركة البيع والاطلاع. ويضيف: يأتي إلى هذه الموقع الشخص الذي يرغب في اقتناء كتاب مدرسي أو جامعي أو مرجع أو كتب ثقافية. واستطرد: العمل رزق وموهبة وتتجلى قدرة صاحب المكتبة في كيفية جذب الزبائن كما يمكن أن تطور مهنتك بتوفير كمية كبيرة من الكتب دون مجهود فقط عليك تفعيل سايكولوجية البيع.
نهج جديد
يواصل عبد الرحمن حديثه قائلاً: سوق بيع الكتب الورقية حقيقة الأمر قل بشكل كبير ليس لقلة نسبة الاطلاع، بل للتأثيرات الاقتصادية الحديثة، وتوفر النسخ الإلكترونية، لذا اتجه البعض إلى إضافة بضاعة أخرى إلى الكتب من أدوات مكتبية وصحف ومجلات، وأغلب الناس يعتمدون على المقررات المدرسية والجامعية ورياض الأطفال، لأنها إلزامية في الشراء.
مزايا عديدة
أما موسى تاج الدين فيقول: في السابق كنا فريشة في البوستة إلى أن تم تنظيم المهنة بشكلها الحالي، فانتقلنا إلى هنا بذات الإقبال وأفضلية وضعية السوق إلا أن البعض لم يألف المكان، فاتجاه لتجارة أخرى وحرفة جديدة يكسب من ورائها، خصوصا أن سوق الكتب بات غير جاذب رغم أن كل منا له تخصص سواء أكان ثقافياً أو اجتماعياً أو أكاديمياً أو حتى دينياً، فكل ما يحتاجة الشخص يجده. وأشار إلى أن الموقع الحالي له مزايا عديدة، من بينها توفير الجهد من ناحية تنظيم وعرض الكتب وجمعها كل يوم عكس فرشها كما كان يحدث في السابق، إضافة إلى تخزينها الممتاز في الخريف دون تعرضها للتلف والتقطيع والطمس.
تغيرات وتبدلات
سحنات ووجوة باتت مألوفة لزائري هذا المكان الذي ألفه البعض، ومنهم من زاول مهنته ذاتها بالمكان الجديد، ومنهم من حافظ على موقعه بالقرب من البوستة سواء أكان من الفريشة أو صاحب مكتبة متخصصة وآخرون أخلوا سبيل مهنتهم.
أمدرمان – درية منير
صحيفة اليوم التالي