المصحف الشريف.. بين المخالفة والرقابة
ألزم وزير الإرشاد عمار ميرغني الدار السودانية للكتب بإيقاف بيع مصحف برواية الدوري، وكشف عن مصادرة (1875) نسخة لمخالفتها أصول الرواية، على خلفية ملاحظة فقهاء ودعاة تحريفاً بالرواية، وأشار أستاذ بقسم القراءات بجامعة أم درمان الإسلامية إلى اكتشافه للخطأ منذ العام 2013، وتردده على الدار السودانية والمطالبة بإيقاف البيع، واستبدال المصاحف المشكوك في أمرها.
*عواقب وخيمة
ولكن الداعية محمد عبد الرحمن الكمالابي استغرب القرار وتساءل الراجح أن تحفيظ القرآن بالبلاد برواية الدوري وحفظتها بالآلاف فهم يؤمون المصلين في رمضان وقيام الليل، فهل تعني هذه الخطوة أن حفظهم للقرآن لا يخلو من الأخطاء؟.. وتخوف الكمالابي من كون المصادرة لأجل اختلاف الروايات وإجبار الناس على قراءة ومذهب واحد، خاصة وأن التحفيظ بالخلاوى يتم بالدوري، بينما تكون القراءة بالمدارس والجامعات بحفص عن عاصم، والانتقال بينهما ليس صعباً، فالأخيرة بها أحكام كثيرة.
ويضيف أستاذ مقارنة الأديان د.إسماعيل صديق يفترض أن تخضع طباعة المصحف لرقابة مشددة، وبالنسبة لما تم توزيعه فالأمر يتطلب الإعلان عن جمعها وإبادتها بمكان طاهر مخصص لذلك، وطالب بمحاسبة الجهة المعنية لخطورة الأمر.
*تحريف
واعتبر مكتشف الخطأ بالرواية والأستاذ المساعد بكلية أصول الدين قسم القراءات بجامعة أم درمان الإسلامية د. عوض إبراهيم أنه نوع من التحريف لأن المطبعة اخطأت بالنصوص لعدم التدقيق بالطباعة فيما يتعلق بأصول الرواية التي اتفق عليها علماء القراءات، وعلماء الضبط، وكشف عن المواضع الأربعة للخطأ، ففي الآية (87) من سورة النمل كان الخطأ بـ(وكل ءاتُوه) فإهمال العلامات يسبب إشكالية مثل السكون أعلى الواو، وموضع الآية (17) من سورة المؤمنون (… وتخرج من طور سينا) ولا يمكن قراءة هذه الكلمة بشكل صحيح والأخير في سورة الأحقاف، في محكم تنزيله (والذي قال لوالديه اُف لَكما) فالتشديد في اللام غير منطقي فلم يسبقها تنوين أو همزة وصل، وتوجد أخطاء في تعداد الآيات أخبرني بها زملائي.
*تردد مسبق
ويضيف عوض اكتشفت الخطأ في العام 2013م وترددت على الدار السودانية للكتب، وتحدثت مع القائمين على أمره بحجز ما تبقى من الطبعة، واستبدال المصاحف المشكوك في أمرها، ومن ثم عرضته قبل حوالي عام لوزارة الإرشاد،وطالب بتشديد الرقابة لتلافي تلك الأخطاء مستقبلاً.
*لجان مختصة
ويقول مقرر اللجنة العليا لمراقبة المصحف الشريف جعفر الحاج إن الحديث ليس بجديد، وإن المصحف مطبوع بسوريا بمطبعة دار حلبوني، وهو برواية الدوري، وألمح لإحضار أستاذ بكلية أصول الدين بجامعة أم درمان الإسلامية تقريراً يشير لخطأ في طباعة المصحف، الأمر الذي دعانا لشراء نسخ ومطابقتها بما ورد بالتقرير، وعلى ضوء ذلك جاء تقرير اللجنة متفقاً، بأن المصحف برواية حفص عن عاصم ولكن تم تعديله للدوري، وهكذا وقعت الأخطاء، وأضاف جعفر: (اللجنة أفادت أن النسخ التي تمت مراجعتها لم تكن بها أخطاء، وعلى الفور أخطرنا الدار السودانية للكتب عبر قرار بعدم بيع المصحف وإيقاف ما تبقى من الطبعة) ، وقال الحاج إن الإجراء الصحيح هو مرور الكتب ومراجعتها عبر لجنة مختصة وعدم السماح لدخولها، وأبدى عدم علمه بكيفية دخول تلك النسخة، إذ أنها توقف أي طبعة بها إشكاليات، ولا يسمح لأي شخص أو جهة يحمل أكثر من 10 نسخ بالدخول دون جمارك، وعن كيفية المعالجة لما تم بيعه كشف عن إعلان عبر وسائل الإعلام بجمع النسخ، وبالطبع المراجعة والفحص مجاني يتم بواسطة أساتذة مختصين، وشدد على عدم دخول مصحف إلا عن طريق اللجنة حتى ولو كان إلكترونياً، أو على شريط كاسيت أو أي نوع آخر، ولدينا قرار بدخول مصحف المدينة المنورة دون إذن باعتبار موثوق، ومرجعيتنا أساتذة من جامعة القرآن الكريم، ونتخذ قراراتنا بناءً على تقاريرهم.
*رقابة وعقاب
وطالب رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية بالمجلس الوطني محمد أحمد الشايب بمعاقبة الجهات ذات الصلة بما حدث حتى وإن لم تكن مدركة، بجانب إدارة الجمارك، بالإضافة للجهة التي أرسلت الكتب، والتي عملت على بيعها، وقال إذا لم تدرك الجهة المعنية بالرقابة الخطأ بذاتها فهذا يعني عدم متابعتها.
تقرير:معاوية عبد الرازق
صحيفة آخر لحظة