تحقيقات وتقارير

المولد النبوي.. دعوة للاقتداء بقيم الدين السمحة.. سر الليالي

يحتفل العالم العربي والإسلامي كل عام بالمولد النبوي الشريف، وهو توقيت مولد رسولنا محمد ابن عبدالله، الذي ولد في “12” ربيع الأول. وتختلف الاحتفالات من دولة إلى أخرى، وذلك تبعاً للثقافات والعادات والتقاليد السائدة.
ويعد المولد في بلادنا موسما لإقامة الاحتفالات والكرنفالات، حيث يجتمع الناس حول حلقات الذكر والإنشاد ومدح المصطفى “صلى الله عليه وسلم”، ورغم أنها عادة درجوا على الاحتفال بها سنوياً إلا أن هناك حديثا بدأ يلوح في الأفق عن أن الاحتفال بدعة، سيما من أولئك الذين قادتهم معايشهم للإقامة في المملكة العربية السعودية على سبيل المثال. فهل هي بدعة ويجب تركها أم ماذا؟.

آراء متباينة
(إنصاف) التي ترفض الاحتفال بالمولد، بل وتعتبره بدعة وتحرم حلواه، تقول: “إن الرسول “صلى الله عليه وسلم” لم يشر في أي حديث له للاحتفال بمولده، ولم يبد أي مظهر من مظاهر الاحتفال كصنع حلوى مخصصة في ذلك اليوم كما تفعل معظم الدول، لذلك أرى أنها بدعة وأي بدعة ضلالة وأي ضلالة في النار، وكل ما ابتغيه هو مرضاة الله والابتعاد عن الشبهات التي يمكن أن تزج بي في النار”، هذا لم يكن رأي إنصاف وحدها وإنما هناك الكثيرون الذين يوافقونها ويؤيدونها، وأنصاف تفضل أصناف وأنواع الحلوى التي تصنع في المولد وتسمى (حلاوة المولد) لكنها تتناول تلك الأصناف التي تصنع في أيام تخالف هذه الايام ويطلق عليها بعد ذلك “سمسمية” أو “فولية” وحلاوة “جوز الهند واللكوم”، فما رأي خبراء الاجتماع وعلماء الدين في ذلك الأمر؟

دروس وعبر
ترى رئيسة قسم التاريخ والحضارة بجامعة أم درمان الأهلية د. هاجر أبو القاسم أن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف يمكن أن يكون فرصة للاقتداء بأفعال نبينا الكريم في حياتنا الاجتماعية، وقالت: “يمكن أن يكون سبيلا لإعادة تقييم ما نفعله أسوة بالرسول “صلى الله عليه وسلم” وكيف كان يعامل رعيته، وليس احتفالاً يقام من أجل الحوليات وبيع وتناول الحلوى فقط”، وطالبت بإعادة النظر في ما يخص التعامل مع هذه المناسبة بعين أخرى إيجابية تمكننا من بذر بذرة إيجابية نحو المجتمع سيما الشباب، وقالت: ” ويكون ذلك إذا اعتدنا على وضع إجراءات محاسبة للنفس في ذلك اليوم وتعديل وتقويم ما أمكننا، وربط السيرة بالتطبيق، باستخلاص العبر والدروس المستفادة منها”، ووصفت د. هاجر الاحتفالات التي تقام بـ”الشكلية” ونبهت إلى أنها يمكن أن تكون مفيدة وتصب في مصلحة تعزيز القيم التي بدأت تضمحل – على حد تعبيرها – وذلك بتقديم محاضرات عن الهدي النبوي، وأضافت: إجراء الحوليات وصناعة الحلوى وحدها لا تكفي.

معالجة خاطئة
أسف رئيس هيئة تزكية المجتمع شيخ ميرغني حمزة على الخلاف الدائر حول الاحتفال بمولد المصطفى عليه الصلاة والسلام، وقال: “المؤسف أن تكون ذكرى مولد خير الأمة موضع خلاف وهو الذي ألف بين قلوب الناس وجمع العرب بل وكافة المسلمين بعد الفرقة التي كانوا يعيشون تحت وطأتها سنين عددا”، وأضاف: أنا لا أعيب الاختلاف وإنما أعيب طريقة معالجته، ويجب أن نتعلم أدب الاختلاف وكيفية التعامل معه.

تعامل مختلف
ورغم أن الخلافات تصاحبها أدلة وبينات بحسب شيخ ميرغني، إلا أن التعامل معها يمكن أن يكون بطريقة أخرى، لأن المنكر لا يمكن معالجته بمنكر، وقال: “أثناء التحاور والنقاش يجب التعامل بهدوء وبدون شتائم وغلو في الدين، لأن ذلك من شأنه إثارة الفتن ونشوب التوترات التي يمكن أن تقود إلى القتل وهو نتيجة أكبر من المنكر”، وتابع: نحن لسنا مع المظاهر السالبة التي تصاحب الاحتفالات من تبرج واختلاط، لكن في المقابل يمكن معالجة هذه المظاهر بروية وبعيداً عن العنف وحقناً للدماء، حتى لا نكون عالجنا المنكر بمنكر أكبر منه، وأضاف: وإن اتبع المسلمين قول الله سبحانه وتعالى بالدعوة إلى خير والنهي عن المنكر بالتي هي أحسن لتغلبنا على مشكلاتنا بسهولة ويسر.

الخرطوم – زهرة عكاشة
صحيفة اليوم التالي