عمال الدرداقات والمحليات .. مارثون داخل السوق
** فيما تصادر المحليات الدرداقات المملوكة لأفراد بما تحمله من خضر وفاكهة وكثير من البضائع الأخرى وتترك ما يعرف بالدرداقات المرخصة، أي تلك التي ترسيها عطاءات المحلية على بعض الأفراد، فتكون على هذا الأساس محمية من مصادرات المحلية بموجب ترخصيها من المحلية، إلا أنه تتم مصادرة ما تحمله.
وتتحجج المحليات بأن المصادرات تتم من إدارة الصحة التي تستند على قانون يحرم عرض كل ما يمكن أكله على الدرداقات، إلا أن عمال الدرداقات يؤكدون أن ضباط إدارات الصحة بالمحليات يلاحقون أيضاً الدرداقات التي تحمل الصابون والكريمات والملابس ويقومون بمصادرتها، وتفرض عليها غرامات عبارة عن (200) جنيه في حال لم تكن الدرداقة مرخصة أي معلمة برقم ومكتوب عليها (جمعية …) وفي تلك الحالة تفرض عليها غرامة عبارة عن (100) جنيه، حتى يتمكن عامل الدرداقه من استرداد بضاعته .. أو يبدأ عمال الدرداقات عند تلقي الإشارة المتفق عليها من أحدهم تنبيهاً لوصل الحملة (الكشة) بكلمة (جوك) وحينها إن تم القبض عليه يقع بين خيارين قبل الذهاب إلى المحلية، وهما إما أن تبكي أو تفر هارباً ..
يقول الطالب الجامعي العجب إن محلية أمبدة تستخدم مجموعة من الأساليب في تحصيل رسوم المخالفات عبر تقسيم الأدوار بين إدارة الصحة ووحدة سوق أبو زيد كل منها على حدة، وحين القبض على الدرداقة يتم تحصيل مبلغ (100) رسوم صحية (150) جنية كمخالفة إضافة إلى بعض الايصالات تسري لفترة زمنية محدودة، فهناك غرامة قيمتها (70) جنيهاً يسري مفعولها ليوم واحد وإيصال آخر بقيمة (200) جنيه يسري مفعوله لثلاثة أيام، ويحكي العجب قصته بعد القبض على درداقته وتخزينها فى الوحدة الإدارية بسوق أبوزيد وبعد (5) ساعات اشترط عليه موظف المحلية دفع (100) جنيه لاستخراج الدرداقة فوراً، أو قفلها ثلاثة أيام، ودفع رسوم بمبلغ (200) جنيه، وبعد شد وجذب قام الموظف بإستلام مبلغ (80) جنية كرشوة وأفرج عنها
ويقول البائع: نجم الدين الطاهر إنه ترك مقاعد الدراسة لمساعدة أسرته في توفير منصرفاته الشخصية ومواجهة ظروف الحياة، إلا أنه اشتكى من مضايقات محلية أمبدة المتمثلة في الحجز على الدرداقة وطرده، وظل عاجزاً عن توفير متطلبات أسرته التي تعاني من ضيق ذات اليد، ويحكي نجم قصته الحزينة مع وحدة سوق أبو زيد التي قامت بحجز درداقته محملة بالفاكهة التي تبلغ قيمتها (1200) جنيه، وأن المحلية لم تفرج عنها لأكثر من ثلاثة أيام، وعقب ذلك تم إلزامه بدفع رسوم ايصال (200) جنيه، حينها خسر فاكهته التي فسدت بفعل التخزين السيء من قبل المحلية، التي يقول إنها تتعمد خسارتهم بإفساد بضائعهم وقال لـ (آخر لحظة) «عشان أقلل الخسائر قمت ببيع البرتقال والقريب فروت بنصف القيمة لتقليل الضرر»، وزاد بقوله :» المواطن المسكين يشتري لرخص ثمنها» «وأضاف يوم الجمعة تقوم المحلية بتهديدنا وطردنا بواسطة رجال الشرطة لأن مكاتب المحلية مغلقة، واتهم موظفي المحلية بتلقي رشوة من أصحاب الدكاكين مقابل طرد أصحاب الدرادقات مما يسبب لنا خسائر فادحة، ويقول التاجر المستثمر في الفاكهة أسامة عبد الحميد إبراهيم أن ايجار الدرداقات من المحلية يتم عبرمستند شخصي رقم وطني ومبلغ (15) جنيه ليوم ويتم تسديدها يومياً أو خلال فترة أسبوع كحد أقصى تتم إضافة جنيه رسوم نفايات تسدد شهرياً، وبرغم الإلتزام بكل إجراءات المحلية في سداد رسوم الإيجار والحصول على درداقة مرخصة الا أن المحلية تلتف على ذلك عبر إدارة الصحة بها، والتي تقوم بحملات تضبط وتحجز فيها الدرداقات بحجة مخالفتها للوائح الصحية، ويسرد أسامة قصته لـ(آخر لحظة) أنه تكبد خسائر فادحة جراء الحملات الأخيرة التي تقوم بها المحلية، والتي تستمر من الصباح حتى منتصف الليل، مشيراً إلى أنه يقوم بدفع يوميات لعمال ولديه مجموعة من الدرداقات تقوم ببيع الفاكهة و يومية العامل الواحد (70) جنيه زائداً وجبة الغداء، وانتقد الإجراءات التعسفية التي تتخذها المحلية تجاه منسوبيه وطردهم وتهديدهم من قبل رجال الشرطة
بإستخدام القوة
(اخر لحظة ) ذهبت إلى مقر الوحدة الإدارية أبوزيد بسوق لبيبا، ووجدت مجموعة من أصحاب الدرداقات في انتظار ضابط المحلية لفك درداقاتهم المعبأه بالفاكهة وقصب السكر والحلويات والبيض، ليخرج إليهم أحد الموظفين ليقول « حسب القانون المحلي أي درداقة لايمكن استخراجها إلا بعد مضي ثلاثة أيام وتسديد مبلغ (200)جنيه «، واصفاً ظاهرة عمال الدرداقات بالظواهر السالبة التي لابد من ازالتها، وخاطبهم:انصرفوا من هنا، أحد الباعة تحدث لـ(اخرلحظة) مرعوباً وقال إن رجل الشرطة قام بتهديده بالسكين (كزلك) وحجز على الدرداقة، وقال البائع إن رجل الشرطة خاطبه قائلا ً :» اذا لم تسلم الدرداقة نقوم بضرب إطاراتها بالسكين»،وأوضح أنه لم يستطع تسديد(200)جنيه رسوم الايصال وانه ولأكثر من شهر ونصف ما زالت الدرداقة مخزنة بالمحلية حتى اللحظة
وأثناء استطلاعنا للباعة المتجولين شنت محلية أمبدة حملة مكثقة قبضت فيها على مجموعة من الباعة وأصحاب التصديقات المؤقتة، واستمرت الكشات حتى الساعة الحادية عشرة مساء، وبعدها اتجهت (آخرلحظة) نحو نقطة موقف المواصلات بسوق لبيبا لنشاهد أحد الموظفين يطلب رشوة من أصحاب الدرداقات، بعضهم رفض دفعها في حين دفع أحدهم (30)جنيه، وبعدها تم الإفراج مباشرة عن الدرداقة..
جسم جديد
وقال رئيس لجنة علاقات العمل باتحاد عمال السودان خيري إن أصحاب الدرداقات وعمال الشحن والتفريغ حرفة جديدة، وبدأت لجنة القطاع غير المنظم في ترتيبات لإدخالهم في الحماية الاجتماعية والتأمين الصحي، وأنه يحتاج إلى ترتيب وتنظيم، وهنالك مجهودات لحل قضاياهم عبر الولايات والمحليات .. ولكن لا
يوجد قانون يحميهم لأن أصحاب الدرداقات جسم جديد، لافتاً إلى انه حتى الآن لم يتسلموا شكوى رسمية أو أصحاب الدرداقات.. من خطاب رسمي خاطبت (آخر لحظة) رسمياَ اتحاد عمال ولاية الخرطوم وتحفظوا في الإجابة على التساؤلات التي تم طرحها، إلا أن أمين الإعلام بالاتحاد، قال إنه لا يوجد قانون يوفر لهم الحماية، وأنه تم إيداع بعض القوانين منضدة المجلس التشريعي بالولاية، وأن جزءًا منها يتعلق بمنظمة العمل الدولية، لذلك لايمكن التحدث في الموضوع بجانب وجود بعض الإجرءات التي لم تكتمل
من المحرر:
تضيع طاقات شبابية في ممارسة الأعمال الهامشية لا يرجى منها جدوى اقتصادية، والغريب في الأمر يبدو أن الدولة تتجه لتوظيف الخريجين في قطاع غير منتظم، كالباعة المتجولين وعمال الدرداقات، بدلاً عن تحويلهم إلى قوى منتجة يستفاد منها فى نهضة البلاد.
تحقيق: عماد النظيف
صحيفة آخر لحظة