رأي ومقالات

العصيان الذي مضى وربما القادم أيضاً، لن يُسقط النظام ولن يكون كاملاً ولن يُحدث شللاً في الحياة

عصيان دوت كوم
إن كتب أحدهم في محرك البحث قوقل “عصيان مدني” سيتفاجئ بحجم الأخبار والمعلومات الواردة عن السودان على لسان الوكالات والصحف والقنوات العالمية وأيضا المواقع الالكترونية..

هو حدث يحظى الآن بمتابعة واهتمام.. تختلف الأخبار وتتنوع المقالات التي تسعى لحشد الناس لخيار العصيان أو عدمه أو تحليل الحدث ومحاولة الإجابة لما يدور في الأذهان..

في حديث بمجموعة “واتس اب” تضم قيادات من المؤتمر الوطني، سخر أحدهم من عصيان (27) نوفمبر الماضي الذي يتمكن من إسقاط النظام، حيث اعتبر العصيان “وسيلة الضعفاء” الذين ينامون في منازلهم مندسين وراء “الكيبورد”..
قلت له، إن تظاهر الناس لاعتبرتموهم مخربين وإن احتجوا لتم اعتقالهم، وإن قرروا العصيان والإضراب وصفتموهم بالكُسالى و”مناضلين الكيبورد”.. ثم طلبت منه اقتراح طريقة للتعبير عن الاحتجاج والرفض تُبعد عن الشعب السوداني صفة الخضوع والاستسلام لجميع القرارات والمواقف الحكومية وتجد الحد الأدنى من القبول لدى الحزب الحاكم.

لن يرى حزب المؤتمر الوطني يوماً أي وسيلة احتجاجية يقوم بها مجموعة من الناس قل عددهم أم أكثر، أنها طبيعة وحق من حقوق المواطن.. الحزب يحاول الاعتقاد، ثم التصديق أنه الحزب الأقوى “المحبوب” و”آسر القلوب”.. وأن قراراته الاقتصادية التي يعاني منها الناس بلا استثناء، محل تقدير وموضع احترام، وأن من يرى عكس ذلك هو “مناضل إسفيري” أو “معارض شيوعي”.. هي ذات الأوهام التي تسيطر على القوى الحاكمة في مختلف الدول، لكن “العيار مرتفع شوية” في السودان..!
لم يكن مقبولاً أو منطقياً أن تمر كل هذه القرارات التي طبقتها الحكومة بلا رد فعل أو احتجاج، وإن تم ذلك لاستدعى الأمر إجراء دراسة تحليلية حول الأسباب التي أصمتت الشارع..

العصيان أو الإضراب ساعدته ظروف أخرى أهمها فشل الأحزاب عن تلبية تطلعات وأشواق الناس وانشغالها بخلافاتها وانقساماتها الداخلية وعجزها عن مواكبة الأفكار والاهتمامات، فضلا عن خلق مواقع التواصل الاجتماعي حلقة مهمة للربط بين الناس وتقريب وجهات نظرهم باختلاف فئاتهم العمرية.

صحيح أن العصيان الذي مضى وربما القادم أيضاً، لن يُسقط النظام ولن يكون كاملاً ولن يُحدث شللاً في الحياة ومرافق الدولة ولن ينتج عنه خسائر ملموسة، لكنه أوصل الرسالة وحقق نسبة من الهدف، بأن الشعب إن صبر فلن يصبر كثيراً وإن احتمل فلن يصبح “شماعة” تُعلق عليها الأخطاء..
آلاف وآلاف المواطنين الذين صوتوا لرفع الدعم عن الدواء أو من يدعون الآن للعصيان، هم سودانيين في النهاية، ليسوا عملاء، ولا يدينون بالولاء لدولة أخرى، وعلى هؤلاء أيضا، أن لا يقللوا من قيمة من لا يتفقون معهم أو يلتزمون بعصيانهم، فقد رأيت أحدهم يخون من قرر الذهاب إلى عمله ويصفه بالمرتزق الجبان..!
هي فرصة كبيرة أظهرت التباين في المواقف وعليها أن تظهر احترام الخيارات.

بقلم
لينا يعقوب

‫3 تعليقات

  1. نظام الانقاذ على سوءاته افضل الف مرة من كل المعارضين واحزابهم ومن يؤيدهم ممن ينادون الان بالعصيان. ولان غالبية الشعب السوداني الغير متحزب يعرف هذه الحقيقة لذلك لا يتجاوب معظمهم مع دعوات الخروج على النظام واسقاطه في مختلف المحاولات التي تمت طوال عمر الانقاذ وحتى الان وان تجاوب قلة منهم مع هذه الدعوات تجده تجاوبا ضعيفا ومترددا ويتراجع عنه بسرعة . وكل الاحزاب اليسارية ليس لها قواعد شعبية والان حزب الامة اصبح حزب بيت الصادق المهدي ولا يعني الشعب السوداني في شيء
    اذن فمن تريدونه ان يسقط النظام؟؟؟؟؟؟.
    نظام لانقاذ رغم سوءاته ففيه امل ان ينصلح حاله (مع الاقرار بان الضغوط والاحتجاجات الشعبية تساعد في ذلك وحتى هذه يشارك فيها كثير ممن يؤيدون المؤتمر الوطني) وهناك محاولات جاده منهم لتصحيح كثير من الاوضاع السيئة في حكمهم. ويجب ان لا ننسى اننا دولة عالم ثالث ضعيفة المعرفة في كثير من القيم الدينية والمثالية التي تعنى بحياة الانسان.
    والشعب السوداني يعرف انه قد خير بين الاعمى والاعور فاختار الاعور على الاعمى عسى ان تنصلح عين الاعور في يوم ما.

  2. مقال رصين وحكيم ، مع اختلافي التام مع دعاة العصيان ، وبالذات من تداخل من اليساريين والحركات العنصرية ، إلا أني اتفق مع الاستاذة في أن هذه الرسائل تنبه الحكومة الفافلة وتجعلها تفيق من سكرتها ، وأما ضيق اولئك بالمخالفين لرأيهم وخطورة ذلك بالنظر الي الحرية والديمقراطية التي بها يتشدقون ، فلا يحتاج الي دليل فنظرة سريعة علي أي موقع وقراءة التعليقات توصلك الي النتيجة ، نعم أخي عبدالحكيم لقد خير اهل السودان لي الرمضاء والنار فاختار الرمضاء علي النار عسي ان ينصلح الحال ، أما هؤلاء اذا كان هذا سلوكهم وهم خارج السرب فكيف هم ـ وارجوا الله الا يأتي ذلك اليوم ـ اذا تولو امرنا اللهم احفظ بلادنا من كل سوء واجعل عاقبة امرنا خيرا وشكرا للاستاذة لينا يعقوب علي ماكتبت علي رغم خلافنا مع بعضه ولكننا نحترم من يكتب وينصف في زمن عز فيه الانصاف

  3. كنا نفترض في الصحفية اللامعة لينا يعقوب حصافة الرؤية وحكمة التحليل، وعمق الرؤية للغد، لنفترض نجاح العصيان وسقوط حكومة الإنقاذ.. فعلى ماذا يعول الشعب السوداني لإنقاذ اقتصاده من الانحدار أكثر فأكثر إلى الأسفل، لم تقل لنا الصحفية الهمامة ما هي البرامج التي يطرحها دعاة العصيان؟ كيف سيحكمون؟ من هم رموزهم وقادتهم الذي يستخدمون العصا السحرية في إعادة السودان إلى قائمة الدول المهيبة إقليميًّا وعربيًّا؟ صحيح العصيان أسلوب حضاري للتعبير والتغيير؛ لكن ماذا بعد؟ ألا يعود السودان إلى مربع الصادق والميرغني.. أم ننتطر عودة البطل عرمان كما عاد قرنق، هل نستسلم لقيادة مني أركو مناوي وعقار والحلو، الذين لا يدرون لماذا يقاتلون؟ يدركون فقط أنهم يكرهون الإنقاذ ورموزها، ويعملون فقط من أجل إزالتها من على الخارطة السياسية السودانية.. هونك يا لينة، لو كنا نعلم من هم دعاة العصيان، وماهية برامجهم لوافقنا طرحك وعضدناه بكل ما نملك، لأننا سنضمن التغيير إلى الأفضل، ولكن طالما كان الأمر كذلك ندعوك إلى إعادة تحصين رأيك بالتناول العميق الذي يشتشرف مستقبل يتطلع إليه كل أبناء السودان.. ولك التحية.