الصادق الرزيقي

لماذا سيفشل العصيان ..؟

خيبة دعاة العصيان ستكون كبيرة ومفجعة اليوم، عندما يكتشفون أن عصيانهم المزعوم ما هو إلا خيوط من دخان تبددت في الهواء ، وعجل له خوار سجدوا له دون أن ينفعهم إنما ضرهم ضرراً بليغاً، وسيكتشفون أيضاً أن أمانيهم كانت سراباً بقيعة يحسبه الظمآن ماءً، لقنهم الشعب السوداني درساً كانوا يحتاجون له حتى يفيقوا من سكرتهم ويصحوا من أوهامهم ، والغريب حقاً أن الحزب الشيوعي السوداني الذي تولى كبر هذه الدعوة الهواء، هو أول من يكتشف حقيقة فشل العصيان المدني الخائب ، لقد توافق الحزب العجوز واتفق في تقييمه مع تقييم الحكومة في العصيان الأول الذي نفذ في ٢٧ نوفمبر الماضي، وكانت لجان الحزب ولجنته المركزية تعمل وتجمع في الإحصاءات والأرقام وتوصلت الى نتيجة مفادها أن العصيان في ذلك اليوم كان فاشلاً بامتياز ولم ينفذ إلا بنسبة تقل عن ثمانية بالمائة ( ٨٪‏ ) فقط وهو نفس التقييم الذي نطقت به أطراف حكومية وكأن الحكومة وتقييمها والشيوعيين وتقييمهم يصدرون من قوس واحدة .

مأساة دعاة العصيان أنهم انخدعوا بنسبة الثمانية بالمائة في نهاية نوفمبر الماضية، وهي نسبة ضئيلة للغاية ، وحتى من رفعوها الى هذه الدرجة هم أولياء الأمور الذين غيبوا أبناءهم عن المدارس في ذلك اليوم خوفاً من حدوث أعمال شغب او أشياء من هذا القبيل .
ولم تكن لذلك العصيان في هزيع نوفمبر الماضي من فئة تنصره وتناصره ، لقد انصرف عنه الناس في أيامه الثلاثة وفروا منه فرار الصحيح من الأجرب، وحاق به البوار، نفس الشيء سيتكرر اليوم ويستنسخ، ربما بشكل أفجع على دعاته العظام، لقد فهم الشعب السوداني منذ البداية أن الشيوعيين وبقية اليسار والمعارضين والقابعين في المهاجر الباردة ورواد الفنادق المخملية وأصحاب اليد السفلى المنتظرين قبض الأثمان من الدوائر الأجنبية المشبوهة والملحدين المتبجحين بإلحادهم الساقطين من ميزان الفطرة السليمة ، المجاهرين بفسقهم وضلالهم، هم وراء هذه الدعوة البلهاء للعصيان التي حددوا لها صباح هذا اليوم .

وفهم الشعب أن هؤلاء بفجورهم وملحديهم وعبدة شياطينهم والمتسولين على موائد المنظمات الغربية ، هم أصحاب هذه الغرانيق المهيضة الجناح التي تريد التحليق في سمائنا الطاهرة المحرمة على نجاسات الإلحاد والجهر بالمعاصي وأهل العلامات الكبيرة الغباء .
وقبل أن يرتد كيدهم الى نحورهم ، لابد أن نشير الى نقاط شديدة الأهمية تؤكد أن العصيان المعلن من أيام قد فشل قبل أن يبدأ، ونحيل القارئ الكريم الى معلومات الأحزاب المعارضة الداعية له ، فقد أشارت تقارير ونشرات وتوجيهات داخلية لعدة أحزاب وكيانات معارضة منها الحزب الشيوعي وحزب البعث وقطاع الشمال بالحركة الشعبية وحركات دارفور المتمردة ومجموعات ناشطين، أن حجم الاختراق الحكومي عبر الأجهزة الأمنية والأجهزة الخاصة بالمؤتمر الوطني والحركة الإسلامية كان كبيراً ًوضُخِّما ًالى درجة أن غرف حزبية تعمل من أجل إنجاح العصيان بكاملها كانت مخترقة وتعمل لمصلحة النظام ، ويشير تقرير لحزب البعث على درجة كبيرة من الأهمية الى أن الاختراق في صفوف الشيوعيين والحركات بلغ مداه، وأنه كان من الصعب الثقة في الأحزاب المعارضة وأدواتها وكوادرها التنظيمية العاملة معاً من أجل نجاح العصيان والعمل المعارض. ويقول قيادي بارز في تحالف قوى الإجماع الوطني إن أدق المعلومات كانت تتسرب الى أجهزة النظام من أكثر الأحزاب تطرفاً وأعلى كيانات المعارضة صوتاً في مناهضة حكومة المؤتمر الوطني .

ولم يكن هذا المعطى وحده ، فالسفارات الغربية الداعمة للعمل المعارض حذرت المعارضين في لقاءات مطولة مع منسقي العمل الحزبي المعارض من أن كل ما يدور مكشوف لأجهزة الأمن الحكومية ، ونصحت الأحزاب خاصة اليسارية بتنقية صفوفها وحماية نشاطها من الاختراق ومعلوماتها من التسرب ، وهي نفس السفارات التي قيمّت من قبل عصيان ٢٧ نوفمبر واعتبرته فاشلاً ، وحاولت هذه المرة رغم علمها وإحباطها رفع الروح المعنوية بعصيان اليوم بإيعازها لوزارت الخارجية في بلادها مؤازرة اليسار السوداني والمعارضين الحالمين في إنجاح عصيانهم .

ومن نافلة القول ، الإشارة الى حالة أخرى من حالات التيه السياسي التي تعيشها المعارضة السودانية بكل صنوفها وطعومها وألوانها وروائحها، فهناك ظن كذوب يعتقدون أنه سيصدق معهم، هو احتمالات سقوط النظام بمجرد غروب شمس هذا اليوم عندما تنجح نضالات الفضاء الإلكتروني في اقتلاع نظام حكم قوي وراسخ وثابت وله قاعدته الشعبية الصلبة وجماهيره المؤمنة به منذ سبعة وعشرين عاماً ، يريدونه بغروب شمس هذا اليوم أن يتبدد كذرات الرماد ، وهذا لعمري ضرب من ضروب الجنون الذي تفكر به المعارضة وهي تكب على وجهها تلعق هزيمتها وجراح معركتها الخاسرة ..!

الصادق الرزيقي – أما قبل
صحيفة الجريدة

تعليق واحد

  1. استغرب لمن يكون حتى اسمه عبارة عن دعوة للعنصرية أن يتكلم بلسان الوعظ

    المشكلة ليست فى نسبة تأييد العصيان التى حسب قولك لم تتعدى ال 8%
    وانما فى نسب التصويت فى الانتخابات اتحادات الطلاب اللجامعية التى لم تتعدى ال 2% من جملة الطلاب الذين يدرسون فى مرحلة تفتح الأفق السياسى و المشاركة الفاعلة فى التغيير

    مثلك يستكثر عليه حتى التشجيع فى الألعاب الشعبية و ذلك ليس استخفافا بها و لا غمطا لحقك … بل لأنك من المخذلين