المشعوذون .. قصص وحكايات صادمة
أ.ع : رفضت أعطيه مصوغاتي فعمل لي سحر التفريق
سيدة ستينية: نهب أموالي ووعدني بالذهاب لهولندا ببساط الريح
ز.ج: طالبني بممارسة الزنى ليحل مشكلتي
طبيبة : أمنيتي في الدنيا أن أجد عريسا
المحررة : طلب مني تيسا أسود وخمسمائة جنيه للخُدَّام لفك العمل
شكلت مسألة الدجل والشعوذة هاجساً كبيراً للمجتمع خلال الفترة الماضية سيما وأنها طفحت في شكل ظاهرة تهدد استقرار الأسر والبيوتات، وذلك بفعل غياب الوازع الديني واليقين والرضا بالواقع، خاصة من فئة النساء اللاتي بتن يلجأن وبشكل ملحوظ إلى الدجالين والمشعوذين، والذين بدورهم يستغلون جهلهم شر استغلال عبر الخُداع والسحر لأجل الخروج منهن بالغالي والثمين سواءً أكان مالاً أو مجوهرات، وهنَّ لا يترددن في تصديق هذا الدجال أو ذاك المشعوذ، ولا شك أن النهاية تكون اكتشاف الخدعة بعد فوات الأوان وفرار المشعوذ، وتبقى الضحية تعض بنان الندم.
قصص وحكاياتٍ صادمة خرجنا بها من خلال هذا التحقيق، حيث التقينا بالعديد من ضحايا المشعوذين والدجالين، وكانت لنا معهم وقفة مع العديد من هؤلاء، رووا لنا خلالها العديد من الروايات والقصص الغريبة، وكلها تدور في فلك ربط الرجل أو جلب الرزق أو البحث عن العريس والبحث عن الولادة.
سحر التفريق
أ.ع، روت لي مأساتها بحسرة، وقالت: تزوجت من أحد أقربائي ميسور الحال، ولكن تغيَّرت معاملته لي، أسررت بالأمر لإحدى صديقاتي التي بدورها أرشدتني إلى أحد الدجالين، قالت لي إنه يروِّب الموية، ذهبت إليه في أطراف العاصمة، ووهمني أن زوجي على علاقة غرامية بإحدى زميلاته، أي بالأحرى أنه على وشك الزواج منها، وكدت أفقد صوابي، وطلبت منه إيقاف الزواج، إلا أنه طلب مني مبالغ طائلة، وفي كل مقابلة يطلب مني مبلغ أكثر من الأول بحجة أن الخدام لهم طلبات كثيرة ومسلتزمات البخور والعطور الزيتية وأشياء أخرى مثل الخروف، بشرط أن يحمل ثلاثة ألوان، هي بالتحديد، الأسود والبيجي والبني، ولم يكن أمامي سوى أن قمت بشرائه للكرامة، وفي المرة الأخيرة طلب مني مبلغ ( 5 ) آلاف جنيه، لإخراج السحر، الذي كما قال قامت بعمله عشيقة زوجي المزعومة، وذكر أنه يطلب تلك الأشياء لإيقاف الزواج، وقال لي: إن العمل مدفون داخل مقبرة، وتزيد، أخبرته أنني لا أملك هذا المبلغ، فطلب مني أن أعطيه مصوغاتي وإلا سيرتد السحر عليَّ، إلا أنني رفضت، وهي آخر شيء تبقى لي، وتقول، بعد ثلاثة أيام رمى عليَّ زوجي يمين الطلاق دون إبداء أي أسباب وتم فصلي من عملي، وتدهورت أحوالي، وفقدت كل شيء بسبب هذا الدجال، ومرضت مرضاً شديداً، وأخذ زوجي أطفالي، وظللت على هذا الحال لفترة من الزمن، حتى جاءت شقيقتي لزيارتي بمنزل الأسرة، حيث أخبرتها بما حدث، وقصتي مع المشعوذ، ومن ثم ذهبنا إلى أحد الرقاة، الذي بدوره عقد لي عدة جلسات، وحينها بدأت استحضر بلغة غير مفهومة، وعلمت من بعد أن هذا الساحر عمل لي سحر التفريق والكراهية بيني وزوجي إلى أن تم الطلاق، والآن والحمد لله تعافيت تماماً، وعدت إلى زوجي وأطفالي، ومن هنا أوجه رسالة لكل النساء بضرورة أن يبتعدن عن الدجالين حتى لا يقعن فريسة في أيديهم، ويحدث لهن ما حدث لي وربما أفظع وأكبر منه.
بساط الريح وهولندا
وفي ردهات محكمة جنايات الحاج يوسف، التقيت سيدة ستينية رفضت ذكر اسمها أو الإشارة إليه، وقالت إنها أتت إلى المحكمة لتشكو المتهم الذي ذكرت أنه يدَّعي أنه شيخ معالج، وأوضحت أنها ذهبت إليه من أجل أن يعمل لها عمل لزوج ابنتها التي تقيم بهولندا لعدة سنوات، حتى تعود إلى السودان وتجلس بجنبها ولا تفارقها مرةً أخرى، هنا طلب مني إعطاءه مبلغ ألف جنيه، بالإضافة إلى حلي ذهبية بغرض الكتابة عليها، وأخبرني أنه يتعامل مع السفلي، وهذا مطلب السفلى، وقالت: إن ذلك الدجال قال لها إنها بعد إحضار هذه الأشياء ستسافر عبر بساط الريح إلى هولندا مكان إقامة ابنتها، وتعود بها إلى السودان، واشترط عليها لنجاح ما قام به عدم فتح غرفتها الخاصة لمدة تتجاوز الأسبوع، وقالت: وبعد مرور الفترة المحددة فتحت الغرفة إلا أنني لم أجد شيئاً، وإنما وجدت نفسي في موقف لا أحسد عليه، لحظتها علمت أنني وقعت ضحية لدجال ومشعوذ نهب مصوغاتي وهرب، فما كان مِنِّي إلا ودوَّنت بلاغ جنائي في مواجهة المتهم، الذي وبعد فترة من الزمن ألقي القبض عليه، إلا أنه أنكر التهمة الموجهة إليه، وأنه ليس له معرفة سابقة بالشاكية.
طلب ممارسة الدعارة
أما الضحية الثالثة قادتني إليها إحدى صديقاتي عندما أخبرتها بأنني بصدد إجراء تحقيق في الخصوص، إلا أنها في البداية رفضت بشدة أن تتحدث معي إلا بعد مشقة بالغة،وروت لي قصتها التي أقل ما يمكن أن نصفها بها أنها مأساوية بحق، ومثيرة للدهشة، ومجرد بدء سرد حكايتها انخرطت في موجة من البكاء الشديد، وبعد أن هدأ روعها، بدأت في الإفصاح عن تفاصيل قصتها مع (شيخ أبكر) الذي قالت إنها ذهبت إليه برفقة نساء الحي عندما تزوج زوجها بأخرى، واللاتي أرشدنها إليه،وبالفعل قالت إنها ذهبت إليه فطلب مني في البدء، مبلغ مائة وخمسين جنيهاً، بعدها فتح لي الكتاب وقال لي: إن زوجي معمول له عمل، ومن ثم بدأت أدوام على زيارته بهدف التفريق بينه وبين زوجته، وأخبرته بأنه لم ينجز ما وعدني به، هنا أخبرني بأن (الخُدَّام) حددوا مبلغاً من المال، قلت: ليس لديَّ هذا المبلغ الكبير، وأنا ليس لديَّ وظيفة، وإنما اقتطع المبالغ السابقة من مصروفي الخاص، هنا قال لي: (طيب حا اشتغل ليك بالسفلي شغل نجاسة وتمارسي معاي الفاحشة)، هنا ألجمتنى الدهشة والخوف معاً، لكني تماسكت وقلت له: أنا لن أفعل ذلك حتى لو رماني زوجي في الشارع، وخرجت من خلوته وقررت عدم الذهاب إلى أي دجال بعد هذه الحادثة، ومن ثم أخبرت النساء اللاتى عرَّفنني به، وأخبرت إحداهن بأنه طلب مني كذا وكذا، ضحكت وقالت لي: (دي حاجة بسيطة أصلاً شيخ أبكر شغلوا كدا لأنو بشتغل بالسفلي، وكان تَمشِّي أمورك)، وبدأت استغفر الله العظيم على الذنب الذي ارتكتبه، وبعدها عدت إلى بيتي وعشت في وئام وسلام مع ضرتي وزوجي وأبنائي.
قصتي والدكتورة
فى إطار بحثي عن قصص الدجالين لكشف الحقيقة التي شاهدتها بأم عيني بحي مايو جنوب الخرطوم، وعند وصولي آخر محطة سألت أقرب شخص من سكان المنطقة عن منزل أحد الشيوخ، قلت له: ( وصفو لي فكي هنا)، قال لي: (ماعارفه اسمو منو ولو ماعارفه اسمو جاية تعملي شنو)، قلت له: (طيب أنت لو بتعرف واحد وصف لي)، بالفعل وصف لي أحدهم، واتضح لي أنه ينحدر من إحدى دول غرب إفريقيا الشهيرة بمثل هذه الأشياء، وقال لي: اركبي الرقشات الماشة حى الأندلس، وأسألي عن شيخ اسحاق، وبالفعل وصلت إلى منزل (فكي اسحاق)، دخلت المنزل وجدت عدداً كبيراً من النساء يجلسن في عناقريب قصيرة منسوجة من الحبل، ويبدو عليهن من أشكالهن ومظهرهن أنهن من بنات الذوات، وأتى أغلبهن من أحياء راقية، إحداهن تحمل هاتفا قيِّما وترتدى ثوبا فخما وحلي ذهبية، طلبت من إحداهن تتنازل لها نسبة لاستعجال سائقها الخاص، قالت: اتفضلى يادكتورة، وبالفعل دخلت الدكتورة للفكي، هنا تملكني الفضول وسألت السيدة التي تنازلت عن دورها لتلك الدكتورة، وقالت لي : (الدكتورة دي عاملين ليها عمل، وشيخ إسحاق ما شاء الله يدو لاحقة، طلعوا ليها وهسي أمورو معاها تمام كل ما يجيها عريس يطفش، وكل مافهمته تلك السيدة أقصى أمانيها أن تجد عريساً).
وبعد انتظار ممل جاء دوري ودخلت إلى غرفة الفكي اسحاق، وجدتها غرفة مشيَّدة من الجالوص، ويجلس الفكي على الأرض في فرشة من الموكيت فوقها مصلاة، يضع صاحب الحاجة البياض تحت تلك المصلاة، وهو عبارة عن مبلغ صغير مقابل الخيرة أو فتح الكتاب، الغرفة مبعثرة بها أنواع كثيرة من الأشجار والعروق بما فيها عرق المحبة وعرق بندة وأشياء أخرى لم أفهمها، ولم أرها قط في حياتي، جلست على الفرشة ووضعت البياض، وبدأ شيخ اسحاق في حوار قصير معي، اسمك واسم أمك منو؟.. وفتح الكتاب، قال: إنتِ معمول ليك عمل، سألته، عملو لي منو ؟، هنا ساد الصمت المكان، بعدها نظر إليَّ بخوف،وقال: عندك الزهج وعدم النوم والتفكير الكتير، ومن ثم أخرج لي ورقة بيضاء، وقال لي: اكتبي اسمك واسم أمك وطبِّقي الورقة وختيها تحت اللوح،وبالفعل نفذت ما طلبه مني، وبعد دقائق معدودات أخرجت الورقة من مكانها فوجدتها بيضاء نظيفة لا اسمي ولا اسم ما فيها، هنا كدت أفقد صوابى،فقال لي: (شفتي بيان بالعمل)، أجبته بنعم،وقال لي: ( العمل دا عملو ليك واحد كان عايز يتزوجك وأنتِ رفضتي، والعمل دا مدفون في كوشة ولازم يطلع)، سألته، طيب يطلع كيف ؟، قال لي: (بطلعو منك بالخدام وديل عندهم طلبات ولازم تحضري الطلبات بأسرع وقت ممكن،وكل ما تتأخري الوضع بكون أصعب)، سألته عن طلبات الخدام، قال (عندك عطور زيتية وبت السودان وعدة أنواع من البخور توجد في عطارات معينة وتكلفتها 500 جنيه، وتيس أسود يتعمل كرامة، والدم لازم)، هنا طلبت منه منحي فرصة حتى أتمكن من تحضير الطلبات، فطلب مني السرعة نسبة للوقت، لأنه ليس من صالحي التأخير، ووعدته أن أحضر في اليوم الثاني، وفي معيتي الطلبات كلها، ومن ثم خرجت من الغرفة إلى المكان المخصص لاستقبال الزائرت، واللاتي نظرن إليَّ بدهشة والابتسامة تعلو وجهي، إحداهن سألتني، (أها لقيتي الشيخ ؟)، قلت لها: (خطير مبالغة، قال لي حاجات كلها حاصلة)، قالت لي: (أول مرة تجي) ؟ أجبتها بنعم.
صحيفة التيار