تمباك الوطني ..رصاصة في صدر المشروع الحضاري

أطلق المؤتمر الوطني رصاصة الرحمة في قلب المشروع الحضاري الإسلامي، وهو يقبل تبرعاً من منسوبيه بولاية شمال دارفور بلغ 10 قنطار من (التمباك).. هكذا أجمع ممثلون للمؤسسات الدينية في البلاد استطلعتهم (آخر لحظة) بما فيهم قيادات من الحزب الحاكم نفسه، ورغم اللافتات الضخمة التحذيرية المنصوبة بعناية فائقة بمداخل الكباري والشوارع الرئيسية التابعة لوزارة الصحة التي تحذر من تعاطي التبغ بجميع أنواعه، لأنه يسبب مرض السرطان قبل الوطني في الفاشر هبة تجار التمباك، ما آثار موجة غضب عارمة من بعض الهيئات وأئمة المساجد، وكان الخبر الذي انفردت به (آخر لحظة) مثار للسخرية والتندر في مواقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك ) وخدمة الرسائل الفورية (واتساب ) .
شجرة طيبة وماء قذر
التمباك حسبما تقول الفتاوى الشرعية يقع في دائرة التحريم والكراهة والمؤتمر الوطني الذي قبل التبرع ـ محل التعليق ـ حزب حاكم يرفع شعارات الإسلام ويقود حملات توعوية لمحاربة ظاهرة تعاطي التبغ والتمباك عبر مؤسسات الحزب والدولة الشيء الذي كان محل استغراب ودهشة عميد كلية الشريعة والقانون وإمام مسجد أمدرمان الكبير د. إبراهيم الكاروري والذي تساءل في حديثه لـ(آخر لحظة) عن كيف لـ(شجرة) طيبة أن تسقى من ماء غير طيب، وكان لازماً على الحكومة أن تحاصر وتضيق على تجار التمباك، فمن باب أولى أيضاً أن لايقبل حزبها هدية محرمة شرعاً لاعيناً ومال أصله الحرام ويتابع الكاروري أن ما حدث يكشف وبشكل لا لبس فيه عن تناقض بين الفقهاء الذين يحرمون التعاطي والأطباء الذين يحذرون من خطورة التعاطي من جهة، وبين السياسيين الذين يقبلون الهدية المحرمة من جهة أخرى.
تدهور أخلاقي
لكن هل وصل الأمر عند الوطني إلى درجة التدهور الأخلاقي حسبما وصفه المراقب العام لجماعة الأخوان المسلمين علي جاويش لـ(آخر لحظة) ؟ فالرجل عض أنامل الغيض من ما أسماه بالكارثة والمصيبة، وهو يعلق على هبة منسوبي الحزب الحاكم بالفاشر، ويقول إن الحكومات في جميع الدول أجبرت الشركات الكبرى أن تدون عبارة التدخين ضار بالصحة ويسبب السرطان، وكذلك فعلت وزارة الصحة في البلاد، حيث علق أصحاب محلات التمباك هذه العبارة في أماكن بارزة من محلاتهم فكيف للوطني أن يقدم على هذه الخطوة؟، أسئلة جاويش لم تجد إجابة حتى من قادة حزب المؤتمر الوطني نفسه فالقيادي ربيع عبد العاطي اكتفى في تعليقه على ما حدث بأن قادة الوطني هم بشر وليسوا ملائكة، وإن حدث أن قبلوا هذه الهدية فينبغي تصحيح الخطأ لان الهدية يجب أن تكون طاهرة ونظيفة.
انتكاسة
ولم يخرج حديث عضو هيئة علماء المسلمين د. جلال الدين المراد عن الثلاثة الذين أدلوا بدلوهم في هذا التقرير، بيد أنه أشار إلى أن الرأي الشرعي الذي أجمع عليه العلماء وكل المؤسسات المعنية، هو الذي أخذ به ديوان الزكاة، فإن كان ريع التمباك حلال وطيب كان من باب أولى أن يدخل بيت مال المسلمين ويوزع على الفقراء والمساكين، لكن الديوان يرفض الزكاة من مال التمباك لأنه مال لا قيمة له فالمراد وصف ما حدث بـ(الطامة) واستغرب اتنكاس الوطني بوصوله لهذه الدرجة .
وفي نفس المسار ذهب رئيس رابطة علماء المسلمين العالمية بقوله لـ(آخر لحظة) إن العلماء اختلفوا في مسألة تحريم التبغ والتمباك فمنهم من يحرمهما ومنهم من يُكرهها، ولذلك لا يجوز الإتجار فيها، ومن ثم لا يجوز إهدائها والأولى ألا يقبلها حزب كان أو شخص لأن أقل درجاتها الكراهة فالتحريم يشمل زراعتها والإتجار فيها وينبغي أن تحظر لأن ضررها يتعدى على الناس الذين ابتلاهم الله بتعاطيها .
تقرير: علي الدالي
صحيفة آخر لحظة