المقالات

محاولة اغتيال

قبل سنوات ..ومع أنتشار فرق الضحك الكوميدية .أوشكت مجموعة النكات المرتبطة بالنسيج الإجتماعي أن تحيل أحد أصحابها الي مزالق التهديد والأغتيال الصريح ..فالنكتة التي نشد بها ترفيها .تجاوزت الضحكة الي حيث التناول العام الذي أفضي بها لتصنيفات شتي مما حدا بكثيرين للرد عليها شعرا ونثرا ..وإن أخذت محاولة الإغتيال حظها في الشهرة وردود الأفعال المتوالي ..
أرتبطت النكات في واقعنا بالسلوك والعادت المتوارثة كمدخل للضحك الجماهيري ..ثم تشعبت الطرفة تبعا للواقع المعاش بتعقيداته …حتي صارت تضرب عميقا فغي نسيجنا الممتد ان كان علي مستوي البطون والقبائل والقوميات ..فقد أفرز الحال عن طرف دخيلة بات تنسب بكل قبيلة . و مقولات تندر أضحت مثلا .وصارت تلصق بأهلها .. بل وحتي المدن والولايات لحقتها سيول الطرفة فأحالت ذويها الي السخرية الدائمة والإستهزاء المقيت ..
ظروف الواقع المعاش ..وطول عهد السودانيين بالضحك العميق أضفي علي الطرفة بعض شرعية في الانتشار الكثيف ..فتناسلت الفرق الكوميدية وأنتشرت بذلك الضرب الضحكي الذي أضحي مصدرا للرزق ..فأنزوت معه كل الخطوط الحمراء والحواجز المسلم بها ..وصارت الطرفة تضرب عميقا .وسط ضحك الناس اللحظي عليها ..لكنها أورثت غبنا كثيفا كان من إفرازاتها تلك المحاولة لإسكات صاحب النكتة بذلك الإغتيال الدخيل في حينه ..
مع الواقع أيضا تطورت النكتة وصار أصحابها يلجأون للأبتكار الذي يزيل عنهم حرج التكرار المملول .. وصوم الناس القسري عن الضحك ..الأبتكار في الطرفة ..حدا بأحدهم أن يلجأ لفن جديد في النفاذ لعالم الشخصيات العامة محاكاة .. ربما نجاح تلك التجربة في غير واقعنا دفعه لخوضها متحمسا عندنا .. وعلي الرغم من معقولية الفكرة بعض الشئ .. الا أن الأداء فيها أفتقر للواقعية وأضفي علي الشخصية (التشوه) .بمحاولة رسم الإبتسامة .ولو بأقحام صاحب الشخصية في ما يبغضه ويخشاه ..
أنتفاء النقد علي التجربة بكثافة المشاهدة .. ربما جعل صاحب الأبتكار يمضي بعيدا في تجربته بذات التقليد والمحاكاة لشخصيات عديدة ..بالطبع لا أحد منهم يريد يكون مصدرا للسخرية والتندر بتلك التجربة الشائهة .. بعضهم آثر الصمت علي كثافة (التندر) ….لكن ذات الجدار كسر صمته أحد الشخصيات التي لم يجد صاحب الأبتكار أمامها الا الأعتزارالصريح وأغلاق نشاطه لحين..
إغراء الأبتسامة ينبغي ان يجعلنا نتريث قليلا في الأبتكار والتطور ..ينبغي ان نستصحب معنا واقعنا جيدا ..قطعا قد خسر صاحب الابتكار كثيرا بذلك الإعتذار مهما كانت الأسباب ..فالفن الحقيقي القائم علي الأسس المدروسة لا يراجع ولا يعتذر عنه .. يقينا لن يكون ذلك الإعتذار الأخير ..فالتجربة أفتقرت لجوانب كثيرة وان طغي عليها التندر والأستخفاف بصاحبها والشخصية المستهدفة ..
لست ضد ذلك الضرب من الفن- الذي يفتقر للتجدد الواقعي .ويضرب بعمق في علاقتنا وواقعنا المتسامح – ولكن مع الفن الواقعي الذي يمكنه من أداء رسالته بالأستقرار والبعد عن المهددات ….فلم نسمع قديما بمحاولات عديدة لجر أصحاب الفنون لدركات التراجع والأعتزار ..فعهدنا بهم أنهم صدقوا جمهورهم رسالتهم ..فأجبروه علي متابعتهم ومشاهدتهم ..فقد كانت من صميم المجتمع ومعاناته الدائبة التي ترجمها أولئك بأحساسهم فنا ساميا بقي مع الأيام الي الأمام ..

مهدي ابراهيم أحمد

تعليق واحد