عودة إلى .. عظم الظهر..!!
نهار أمس الأول كنت مهتماً بحضور العرض الذي قدمته مجموعة (نوبلز) لمشروع إعادة تأهيل خط السكك الحديدية بين عطبرة وبورتسودان.. الذي انتهى تقريباً ..لتكتمل السكة من الخرطوم حتى بورتسودان (813 كيلومتراً).. وهو إنجاز حقيقي..
وقبل عدة شهور حضرت منتدى وزارة الإعلام الذي تحدث فيه المهندس مكاوي محمد عوض وزير الطرق والجسور والنقل.. وقدم فيه خطة تطوير السكك الحديدية حتى العام 2029.. و نقلت لكم هنا في “التيار” تفاصيل تلك الخطة.
حسب المعلومات التي تفضل بها مدير مشروع “نوبلز” أمس.. قال أن التأهيل يسمح بتسيير قطارات -في القطاع- حتى حدود (100 كيلو/الساعة).. وهو خط أحادي بالطبع.. وإجمالي تكلفة التأهيل(عطبرة – بورتسودان)حوالى (420) مليون دولار.. أي حوالى (800) ألف دولار /كيلومتر..
معدل العمل اليومي في الخط الرئيسي حوالى (400) متراً في اليوم.. واستغرق تأهيل عطبرة-بورتسودان حوالى أربع سنوات كاملة حيث يتطلب العمل في السكة مع استمرار مرور القطارات.
يمكن قراءة الوضع بالنظر شرقاً لجارتنا إثيوبيا التي دشنت خطاً للسكك الحديدية من أديس أبابا حتى جيبوتي بطول (750) كيلومتراً وقطارات تسير بالطاقة الكهربائية بسرعة (120 كيلومتراً/ الساعة)..استغرق التنفيذ نفس المدة التي استغرقتها (نوبلز) في قطاع (عطبرة-بورتسودان).. الفارق واضح جداً.. ليس فارق خبرة فالخبراء الوطنيون الذين يعملون في “نوبلز” هم من خيرة خبراء السكك الحديدية السودانية الذين عملوا فيها ومنذ عصرها الذهبي.. الفارق في (الرؤية) الحكومية.. وأرجوكم احتملوا تكرار طرقي على مشكلة (غياب الرؤية) في بلادنا.. فهي أس البلايا.
كنت أبديت رأيي للسيد الوزير المهندس مكاوي.. أن هناك خطأ في النظرة الحكومية للسكة الحديد.. فهي لا تقاس أبداً بمقدار الأموال التي تنفق فيها.. بل بالعائد منها.. ولحسن الحظ العائد سريع وبأعجل من أية حسابات اقتصادية.. وشكراً لتجار المخدرات والسلاح وتجارة البشر الذين أكدوا لنا أن السودان يحظى بموقع ذهبي.. وأن هذا الموقع الجغرافي يساوي ثقل صخور السودان ذهباً.. فأي استثمار في ربط هذا الجسد الكبير بخطوط النقل يعني عملياً استثماراً خارقاً للحدود جاذباً ليس للعملة الصعبة فحسب، بل لرؤوس الأموال الأجنبية.
من هذه المنطلق كتبت هنا قبل أكثر من عام عن مشروع (عظم الظهر السوداني) Backbone وقلت نحن في حاجة ماسة لعشرة آلاف كيلومتر من السكك الحديدية بأفضل مواصفات (أكثر من 250 كيلومتراً/الساعة).. هذه الرؤية تتعدى الحيز الاقتصادي لتمس حتى الأمن القومي السوداني.. فبلد مترامي الأطراف مثل السودان صعوبة التواصل البري بين أطرافه تمثل مهدداً أمنياً بزاويتين.. الأولى صعوبة التواصل السكاني تتناسب طردياً مع قوى التنافر –بل التناحر- السكاني.. والثانية.. تدفع بمزيد من الهجرات السكانية من الأطراف نحو المركز في العاصمة.. مما يفرغ الأراضي السودانية، وقانون الطبيعة لا يقبل الفراغ.. كل أرض يهجرها سكانها ستملأها الهجرات الأجنبية وربما التوترات الأمنية..
السكك الحديدية يجب أن تحظى بالرقم واحد.. في ترتيب أولوياتنا السودانية.
عثمان ميرغني
صحيفة التيار
على قدر اهل العزم تاتي العزائم …. حكومة شغالى باستراتيجيات ود اب زهانة و سياسة رزق اليوم باليوم هل تامل ان تكون لها رؤية؟ بدلا عن الاموال الطائلة في تاهيل خط متهالك مع الوقت الطويل المستغرق … الحكومة لم و لن تفكر في المستقيل و التطوير لمواءمة روح العصر … بل ترقع المستهلك بقيمة اكبر من قيمة عمل حداثي عصري متطور … اللبع و الفساد طبعا العامل الاساسي و لكن الاهم من ذلك قصر الهمم و محدودية النظر .. و سنظل في حلقة مفرغة من التخلف و الفساد و الفشل و اعادة انتاج الفشل! تماما مثل الاموال الطائلة التي تستنزفها شركات النافذين لتشييد طرق باعلى الاسعار و اردأ المواصفات