مقالات متنوعة

دجل غير

أحد الأصدقاء من شباب المؤتمر الوطني والمتحمسين للحكومة على طول الخط، تواصل معي يوم أمس قائلا: (شفتي يا سهير مقالك بتاع (اقرعوا الواقفات) طلع فشنك، والراجل صاحب الفتوى بتاعة الموت الرحيم لطفله طلع مجرد دجال، وعاوز يجمع قروش من الناس، بس فالحة أنت تنبذي في الحكومة في الهينة والقاسية، عليك الله جربي يوم واحد قولي يا جماعة عملتو حاجة سمحة).

قلت له يا أخوي ما زالت رسالتي في المقال موجودة، ولن تتغير، وما زالت دعوتي قائمة حتى لو طلع الرجل دجالا (الجفلن خلوهن اقرعوا الواقفات)، إذا كان ذلك الرجل قد (طلع نصاب)، فهذا لا يعني أنه لا توجد حالات مماثلة، ولا يعني أن الشعب السوداني بكل فئاته من ميسوري الحال، ولا يعني أن المسؤولين لا يغلقون أبوابهم في وجه المحتاجين، ولا يعني أن ديوان الزكاة يقوم بواجباته على الوجه الأكمل.
إذا كان الرجل نصابا فهناك آلاف الأسر التي تنام من غير وجبة عشاء، وهناك آلاف الأطفال يبحثون عن جرعة أوكسجين، أو حقنة أنسولين، أو حتى محلول وريدي.

مشكلتك يا صديقي هي أنك لا ترى عيوب هذا النظام؛ وذلك لأنك غرقان حد التخمة في نعيمه.. فكيف بالله لشاب صغير مثلك أن يتزوج، ويمتلك منزلا، وسيارة، وكل يوم سفرية، وين ووين وشيء حوافز، وشيء بدلات والقائمة تطول.. ومن هم أكبر منك بعشر سنوات، ومؤهلون، وخبراتهم أفضل لا يمتلكون مرتبا يعينهم على حق المواصلات حتى نهاية الشهر، وقد اختلط شعرهم الأسود بالأبيض من دون أن يستطيعوا طرق أبواب الزواج.

إذا كنت غارقا في نعيم الوطني فلا يمكنك الإحساس بمعاناة الآخرين، اركن سيارتك في شارع الحرية قبالة مجمع المحاكم، ثم ادخل إلى محكمة شمال، واحضر جلسات الشيكات، والإعسار، والدجل، والنصب، والسرقة، والطلاق، وخيانة الأمانة، والرشوة، والأذى الجسيم، والقتل، والمخدرات، ثم انظر في وجوه المساجين، والسجانيين على السواء، وغادر بقدميك إلى موقف جاكسون.

اخلع رداء الوطني، وارتدي أعين المواطنين، وانظر إلى أوجاعهم، ومعاناتهم، من يشعر فيهم بسعادة غامرة، وانتصار حقيقي، وزهو، وفخر هو من استطاع أن يشتري نص كيلو موز، وخبز بخمسة جنيهات، ووجد مقعدا في حافلة ليعود إلى صغاره وهو يعلم جيدا أن الغداء هو ما تبقى من عدس يوم أمس.
أن المسؤولين، ومن يرفلون في نعيمهم ما داموا يتمتعون بأموالنا وجهدنا ويستنزفون خيرات بلادنا فسيظلون يعتقدون- دوما- أننا نغرد خارج السرب.

خارج السور
قال دجال قال.. هو الدجال ده إلا يغش في تحويل رصيد؟!.

سهير عبدالرحيم
Kalfelasoar76@hotmail.com
صحيفة التيار

تعليق واحد

  1. ياخوانا دي مش سهير بتاعت البنغالي الغسليها كرعينا ، ولا انا غلطان