عثمان ميرغني

مَعذرة.. أي مُستقبلٍ تقصد؟!


حديث المدينة الاثنين 23 يناير 2017

السيد إبراهيم محمود حامد، نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني ومساعد رئيس الجمهورية، نشرت له الصحف أنّ حزبه المؤتمر الوطني (يعد ألف شاب لقيادة المُستقبل).. وكان يتحدث في ختام دورة تدريبية لشباب الحزب.

يُؤسفني أن أقول للسيد إبراهيم إنّكم قد تستطيعون مالاً وقدرة تدريب ألف أو عشرة آلاف.. أو ربما مليون شاب.. لكن الذي لن تستطيعوا تحقيقه هو الجُزء الأخير من نص الخبر.. بالتحديد عبارة (لقيادة المُستقبل)..

صحيحٌ يجب أن نقر؛ حزب المؤتمر الوطني مُهتمٌ بالتدريب.. وينفق أموالاً وجُهداً كَبيراً في التدريب داخل وخارج السودان لقطاعات في مُختلف المُستويات.. لكن الأصح.. أنّ فلسفة الحزب في التدريب قائمة على (استنساخ) العقل الجمعي المُحصّن ضد التغيير.. بعبارة أخرى.. المُستقبل في أدبيات الحزب يعني تكريس الماضي والحاضر لأطول مدىً زمني مُمكن.

لاحظت في كَثيرٍ من قيادات حزب المؤتمر الوطني أنّهم إنتاج اليوم بمُواصفات الماضي.. فإن كانت عبارة (الحرس القديم) تعني العقليات القيادية السالفة.. فإنّ أصدق وصف لشباب حزب المؤتمر الوطني أنّهم (الحرس القديم الجديد).

ولا ألوم شباب الوطني على هذا، فَهُم يدركون أنّ فلسفة القيادة في الحزب تقوم على مبدأ (السلامة الكبرى).. سلم تسلم.. سلم عقلك يسلم منصبك.. أيّة مُحاولة للتفكير الحُر ولو من باب الاجتهاد الرشيد تعني الضغط على مفتاح Esc في شاشة الحزب..

ولهذا مَهمَا دُرّبوا وتَدرّبوا.. ولو فُتحت عليهم أبواب الحكمة ونهلوا من بُحُور العلوم.. لن يزيل القلم بَلَمَ التجربة.. فالمحك في قُدرة هذا التدريب والعلم على صناعة (التّغيير) في المَفاهيم والفهم.. فإذا جاء الأبناء الخَلَف بنفس عقول الآباء السَلَف.. يصبح المُستقبل هو نفسه الماضي.. بنفس أحزانه وأخطائه.. مجرد إعادة تدوير للتاريخ.. فكون أنّ الابن يلبس (تي شيرت) لا يعني أنّه خرج عن جلباب أبيه وقفطانه.

مثل هذا التدريب هو مَحض (تدجين).. تعليب للعقول وحفظها مثلما تحنط المومياء في بيئة حافظة تمنع تعرضها لبكتيريا التطور والمُواكبة.

بالله مَرّر في خيالك كل الأسماء القيادية في المؤتمر الوطني التي يُمكن أن تُصنّف تحت عنوان (شباب).. وأجرِ عملية رسم دُماغي CT SCAN ستكتشف عُمق الاستنسال الذي يُحافظ على مبدأ (عَقل واحد في أجسامٍ مُختلفةٍ).

لهذا؛ لا فرق بين أن يُدرِّب الوطني ألفاً أو مليوناً.. فهم ليسوا (لقيادة المُستقبل).. بل لتحنيط الحاضر..

عثمان ميرغني
صحيفة التيار


‫3 تعليقات

  1. ومازال هذا العثمان يمارس معارضته الفارغة وغير مؤسسة على منهج او مبدأ ةانما خالف تذكر