والوزير.. (عامل غمران)!
حديث المدينة الثلاثاء 1 فبراير 2017
درس جديد من أمريكا.. وزيرة العدل رفضت– صراحة وجهراً- تنفيذ قرار الرئيس “دونالد ترمب”.. وصفت قرار منع اللاجئين و7 جنسيات من دخول أمريكا بأنه غير قانوني، ولا يتفق مع المبادئ التي تأسست عليها الولايات المتحدة الأمريكية.. ولم ينتظر الرئيس كثيراً جاء الرد صارماً وسريعاً.. الإقالة فوراً.
وليست وزيرة العدل- وحدها- بل والمدعين العامين في كل الولايات الأمريكية اتخذوا نفس الموقف.. مناهضة قرار الرئيس ترمب.. بحجة أنه يتناقض مع المبادئ التي حملها الدستور الأمريكي في (التعديل الأول)!.
أتعلمون متى كان هذا (التعديل الأول) في الدستور الأمريكي؟- بالضبط- قبل (225) عاماً.. أي في العام 1791م.. عندما كان السودان تحت حكم “الدولة السنارية” (السلطنة الزرقاء).
أمريكا اليوم بكل زهو العصر والقوة والتكنولوجيا والتفوق.. يحتكم ضمير السلطة فيها على مادة دستورية كتبت في غياهب جب التأريخ.. وتلتزم به.. للدرجة التي تضحي وزيرة بموقعها، وتصادم رئيس الدولة.. انتصاراً لذلك المبدأ الذي خطه وسطره الآباء المؤسسون.
بالله راجعوا تأريخنا السياسي منذ خرج آخر جندي بريطاني من السودان.. هل رضي وزير أن ينطق بكلمة (لا) احتراماً لضميره المهني، وتوقيراً للدستور والقانون؟، عفواً هل قلت الدستور؟- أقصد مشاريع دساتيرنا المتراكمة عبر العهود السياسية التي حكمتنا.
هل يستطيع وزير العدل (لا أقصد مولانا عوض النور بل أي وزير عدل) أن يرفض تطبيق قرار جمهوري؛ لأنه يتعارض مع الدستور؟، مع ضميره المهني ومبادئ العدالة؟.
أعلم أن مجرد إثارة مثل هذا السؤال أمر محرج يجعل الوجه يتصبب عرقاً.. ليس اعتراض قرارات جمهورية بل حتى قرارات معتمد محلية (القماري سجعت).. فالقاعدة التي تعمل بها الخدمة العامة في بلادنا (سكّن.. تسلم).. سكن ضميرك في أدفأ ملاذ آمن.. يسلم كرسيك.
ولهذا نحن دولة متخلفة.. نعاني المسغبة المادية، والمهانة المعنوية في المجتمع الدولي؛ لأن مبادئ العمل العام لا تعتد بالقيود الأخلاقية التي هي عماد أية دولة رشيدة.
وزراؤنا دائماً (يلوحون!) بالاستقالة.. وعندما تأتي ساعة الحقيقة يتمنون لو أن الشعب ينسى (التلويح).. تماماً كما فعل وزير المالية الذي (لوح!!) باستقالته، وضرب لنا موعداً بعد إجازة الموازنة.. و(مرت الأيام.. كالخيال أحلام)، وأجيزت الموازنة، ودخل العام الجديد، وبدأ تنفيذها.. والشعب ينتظر اللحظة التأريخية الحاسمة.. رؤية أول وزير سوداني بكامل قواه العقلية يستقيل من منصبه.
والوزير.. (عامل غمران)!.
عثمان ميرغني
صحيفة التيار
بالنسبة للسلطة الحاكمة و حزبها السلطة غاية يهون في سبيل نيلها – و الحفاظ عليها – كل غال و نفيس … دين ….اخلاق …. قيم … انسانية … كله يهون من اجل السلطة …. و السلطة عندهم مطلقة … فالحاكم و احلامه و رؤاه و اوهامه و خطرفاته و شتارته فوق الدستور و فوق القانون …. و المسئول عندنا لا يحاسب مهما بلغ فشله و اخطاؤه و خطاياه … ينطبق ذلك على المسئولين و المليشيات التي تحمي سلطتهم …. و الدستور الذي يغيرونه حسب هواهم – مادام بدرية الترزية جاهزة و محننة – و لكن حتى ما يخطونه بايديهم لا يحترمونه … و القانون يخالف مبادئ الدستور ثم يعلو قانون السلطة على دستور البلد …
هذه ليست دولة … و ليست حكومة بل عصابة