أزواج لكن غرباء
خلق الله هذا الكون وأبدع فى خلقه ومن رحمته أن خلق أبو البشرية أدم عليه السلام من تراب وخلق من ضلعة أمنا حواء ليجعلنا شعوبا وقبائل لنتعارف وخلق البشر من أجل العبادة والطاعة وجعل لنا الصفات التى تميزنا عن سائر مخلوقاته لنعمر الحياة الدنيا . من حكمة الله علينا أن خلقنا ذكورا وإناث وخلق الإناث من أنفسنا لنسكن أليها ولنتكاثر وجعل بيننا مودة ( المحبة ) ورحمة ( الرأفة وحسن العشرة) وحدد لنا الإسلام الحقوق والواجبات لكل طرف ( الذكر أو الأنثى) لتستمر الحياة بالطاعة والشكر والعبادة والمودة والرحمة والنسل والتربية والتعمير والتنمية .
فى أحد أشهر رمضان ببلاد الغربة قابلت أحد الأخوة فى مكان عام وتعرفنا على بعض ثم تقابلنا مرة أخرى وحكى لى بأنه يعيش زوج بدون زوجة وأبناء رغم أنه راجل كبير فى السن وتشعر بأن صحته ليست على مايرام وهو يسكن فى سكن خاص به لوحدة بينما زوجته وبعض أطفاله يسكنون فى سكن منفصل و يطمئن عليهم بالهاتف ونادر ما يذهب لهم لوجود خلافات عائلية إستمرت لفترة طويلة ولم ينفصلوا عن بعض وبكل حسرة وندامة يقول ذلك . حاولت أن أواسيه وكل ما تذكرته دعوت الله أن يلم شملهم ويصلح حالهم ويصفى نواياهم .
بالأمس أنا أستمع الى برنامج الفتاوى بإذاعة القرآن الكريم السعودية أن أحد الأخوات تتصل بالشيخ وتقول له هى مختلفه مع زوجها ولها أكثر من بضع سنوات وطلبت منه الطلاق لكنه رفض وتوسط لها الأقرباء والأصدقاء لكن دون فائدة وعندما علمت بمرضه وقفت معه وكانت تساعده وتصرف عليه لكنها كارهةً العشرة معه وتطلب الطلاق . تلك المأسى والقصص التى تدمع العين وتؤثر فى النفس تتكرر يوميا فى هذه الحياة من أحد الطرفين سوى زوج أصبح بدون زوجة أو زوجة بدون زوج .
الحياة الزوجية ليس قصة حب ثم خطوبة وعقد و طقوس وعادات وتقاليد ثم نكد وضياع للأسرة وإنما هى سكن دافىء و مودة ورحمة وحياة سعيدة بين الأزواج . الإرتباط يكون على الجمال النفسى الذى يتمثل فى الروح والنظرة والإبتسامة والتسامح والطيبة والجمال الجسدي حسب مقياس الشخص ليس شرط أن يكون فى اللون والشعر والقوام أو المظهر وإنماهى مودة وإحساس ويكون بالمال والدين وأظفر بذات الدين وهو الأهم الذى يكون سببا للمودة والرحمة والسعادة والإستقرار .
كثير من الأزواج والزوجات يعانون فى هذه الحياة لانهم لا يقدرون بعضهم البعض ولا يطبقون ما أمرنا به شرعنا ولا وصية نبينا الكريم عليه الصلاة والتسليم وينقادون خلف الشيطان وملزات الدنيا بعيدين عن المودة والرحمة التى جعلها الله بين الأزواج . علينا تطبيق الحقوق والواجبات بين الطرفين وإحترام بعضنا البعض وأى سوء فهم يجب أن يحل بكل هدوء وعدم تدخل الأقرباء والأصدقاء حتى لا يتوسع الخلاف . وأن نعمل بوصية الرسول صل الله عليه وسلم أن نستوصى بالنساء خيرا فإنهن خلقن من ضلع أعوج وأن نحافظ على هذا الضلع وقد وهبها الله القدرة على الصبر والتحمل والعطف ولنستفيد من ذلك فى الوصول الى المودة والرحمة وهن سكن لنا وعلينا النفقة والقوامة والمعاشرة بالمعروف وعدم الإضرار بالزوجة والعدل كما على الزوجة الطاعة وخدمة زوجها وعدم الخروج من بيتها وحفظ نفسها وبيتها عند غيابه . الحياة ليس شقاق وبعد ومقاطعة وظلم طرف لطرف أخر وخاصة بين الأزواج .
عمر الشريف
مقالك جميل و نقطة ضوء في حياتنا ذات الظلام الدامس
وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين