عثمان ميرغني

عودة الأسرى.. عودة السَّلام!!


قَضَى (125) من أبناء هذا الوطن الحبيب ليلة أمس تحت أسقف بيوتهم وبين أحضان أُسرهم لأوّل مرة منذ حوالي خمس سنوات.. كانوا خلالها أسرى لدى الحركة الشعبية قطاع الشمال.. يتنقلون بين الأحراش الخطرة.

لماذا لا تتمدّد فرحة إطلاق سراحهم لتعم قُرى ومناطق الحُروب نفسها.. لنطلق سراح أهالينا الذين هُم أيضاً أسرى الحرب والفقر والكَدر والموت..

نُقدِّر كثيراً هذه الخطوة من الحركة الشعبية قطاع الشمال، لكننا نتمنّى أن لا تكون بداية نهاية الحرب الضروس الدامية.. فقرار السلام ما بات يستحق أكثر من إرادة صادقة قوية.. دُون حتى انتظار رد فعل الأطراف الأخرى.

لن يخسر أيِّ طرف إذا وضعت الحرب أوزارها اليوم قبل الغد، إلاّ إذا كان هناك طرفٌ يعول على حصائد الدماء والأشلاء في تحقيق أجندته.. ولا أظن..!!

داخلياً؛ بَاتَ واضحاً لجميع الأطراف أنّ الحرب لن تنتهي بمنتصر ومهزوم.. لأن الحرب ليست مجرد معارك وكمائن وراجمات ودبابات.. الحرب حالة.. كما يقول القراءن الكريم (الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف) حالة الخوف هي من إنتاج الحرب.. وتكفي بندقية واحدة هائمة في الأصقاع لتصنع حالة الخوف والحرب..

صحيحٌ إنّ الوصول لاتفاق وقف إطلاق النار يَستلزم مُفاوضات ربّما تستغرق بعض الوقت.. لكن من المُمكن إيقاف الحرب تماماً مع استمرار التفاوض.. المُهم أن يرتاح الوطن والمُواطن من هدير القنابل ورائحة الموت المُنتشرة في كل مكان.. تماماً كما حَدَثَ في مُفاوضات “نيفاشا”.. فقد توصّلت الحكومة والحركة الشعبية لاتفاق وقف إطلاق النار في جبال النوبة ثم تمدّدت بسُرعة إلى بقية المناطق واستمرت المُفاوضات بعد ذلك قرابة الأربع سنوات إلى أن انتهت (حالة) الحرب بصُورةٍ كاملةٍ..

الآن، نحن في ذات الوضع، فلتعلن الأطراف فوراً وقفاً شاملاً لإطلاق النار.. غير مشروطٍ بميقاتٍ ولا توقيتٍ.. وتفتح مناطق الحرب للحركة العادية لتستعيد الخدمات خَاصّةً التعليم والرعاية الطبية والقدرة على مُمارسة كسب الرزق بأعجل ما تيسّر.

من جانب الحكومة، الأجدر إعلان العفو الشامل، حتى لا يشعر حاملو السلاح أنّهم في حاجة للتوجس من مَغَبّة الاستجابة لصوت العقل والسلام.. بل والأفضل أن تبدأ عمليّة الدَّمج في الحياة المدنية العادية حتى قبل الوصول لاتفاقٍ.. فالشباب الحاملون للسلاح في حاجة للإحساس أنّهم قادرون على العودة لممارسة حياتهم العادية بلا خوف من المجهول.. حتى ولو تَعهّدت الحكومة بالاستمرار في دفع نفس أو أكثر من الأجور التي كانوا يتلقّونها خلال عملهم المُسلّح..

استلهام الرؤية السديدة في تحويل ميدان المعركة العسكري إلى الميدان السِّياسي.. لإطلاق سراح المواطن السوداني يجعل القرار سهلاً جداً..

أما إذا حجبت الأجندة السياسية الرؤية.. فسيظل الحال على ما هو عليه.. ويدفع الثمن المُواطن الفقير المكلوم في وطنه..

عثمان ميرغني
صحيفةالتيار


تعليق واحد

  1. البفهم زيك منو لكن في الحكومة و لا المتمردين !!

    الناس دي اتعودت على الحروب و المكايدات , ما افتكر يقدروا يعيشوا في جو من السلام