حصر اللصوص أولاً
* طالعتنا صحف الأمس بخبر نية ولاية الخرطوم (حصر) وتصنيف جنسيات المتسولين.
* في البداية توقعت أن يكون الخبر ملحق لخبر آخر، أو ملحق به خبر آخر حول نية الولاية لحصر وتصنيف الوجود الأجنبي أولاً، ثم حصر وتصنيف الاعتداءات على المال العام التي تمت في مؤسسات الولاية المختلفة.
* ولكن كالعادة خاب ظننا، ولا أمل يلوح في الأفق باستعادة أي مليم أو شبر تم الاعتداء عليها في الولاية وغيرها من الولايات الأخرى، ولا زالت العديد من المؤسسات الحكومية (مكابرة) على نفسها وعلى الشعب، ورافضة لفكرة أن بها فساد في مكان ما رغم أنه لا يوجد (سنتمتر) واحد بها لا يشكو ويئن من ثقل التجاوزات التي تحكي عن نفسها.
* ولا زالت قصص وحكاوي وأخبار الفساد تملأ الصحافة الورقية والألكترونية دون أن نسمع بفاسد واحد تمت محاكمته أو حتى أُشير لأحرف من إسمه، بينما (يتشرشح) ويتبهدل (اللص) البسيط إن جازت لي التسمية، وتتصدر صورته وإسمه كبريات الصحف، ويقام عليه الحد إعلامياً وقانونياً، دون مراعاة لظرفه أو وضعه الذي فرض عليه أن يسرق ليأكل مثلاً.
* فكلما أطل تقرير للمراجع العام للدولة وبالمستندات التي لا تقبل شكك، يطل علينا من الناحية الثانية مسؤول كبير نافياً هذه التهمة عن مرؤوسه، متحدياً كل من لديه مستند أو دليل فليتقدم به.
* عن أي مستند يتحدث السادة المبجلون؟
* وأي أدلة يريد أن يقدمها لهم المواطن وهو المسؤول أولاً وأخيراً عن فساد أي وزير أو مسؤول في حكومته؟
* فهو يعلم أكثر من غيره أن المواطن (العادي) لا يمكنه بالقانون إقتحام مؤسسات الدولة ليبحث عن الدليل ويقدمه، بل هي مسؤولية المراجع العام، والذي تذهب تقاريره مع الريح.
* والأدلة على فساد بعض الوزراء والمسؤولين بالدولة لا تحتاج لدليل، لأنها تتحدث عن نفسها بالدلائل، من منازل فخمة، وأسطول السيارات الفارهة والشركات الخاصة.
* المسؤول (الذي يخاف الله) لا ينتظر المواطن ليؤدي مهمة لا علاقة له بها.
* ومفوضية كشف الفساد أو الثراء الحرام أو غيرها من المسميات التي لا أذكرها لكثرة عددها، في اعتقادي الشخصي مجرد مؤسسات (تمويه) لا أكثر، وتصرف عليها مئات الملايين من مرتبات ومخصصات دون أن تقدم دليلاً واحداً أو مسؤولاً واحداً حتى الآن على الرغم من التصريحات اليومية والواضحة جداً من المراجع العام للدولة وبالأرقام الإنتهاكات التي تتم على المال العام، والتي نسمع بها في كل يوم دون أن نرى متهماً واحداً تمت محاكمته أو تمت إدانته، وأعني هنا (كبار المسؤولين) لأنه في العادة صغار الموظفين بالدولة هم (كبش الفداء للكبار).
* دعونا نتقدم بسؤال فربما قرب المسافة بيننا وبينهم، فهل للفلل والعمارات الشواهق والسيارات الفارهة (ألسنٌ) لتقول إشتراني فلان بكذا وكذا أم أن (البينة بالنظر) تكفي؟
* عزيزي المواطن، دعنا نتفاءل قليلاً ونطلب من السادة الأكابر، تقديم صك (إبراء ذمة ) بمن فيهم الوزراء القادمون مع حكومة الوفاق الوطني بعد أيام، والولاة والمعتمدين والجيوش الجرارة من الموظفين.
* فيما يختص بجيوش الموظفين الجرارة، فهي من وجهة نظري أكبر دليل على الفساد، لأنه وبالمنطق المواطن لا يحتاج لكل هذا الجيش الجرار من المسؤولين، بل يحتاج لأي مليم يصرف عليه كرواتب ومخصصات وجبايات.
* الصمت على اللصوص أكبر دليل على فساد المسؤول.
بلا حدود – هنادي الصديق
صحيفة الجريدة
ديل مافى زول بقدر احصرم إلا يحضروا نفسهم براهم وموت يا حمار