عوضية محمود كوكو رئيسة اتحاد بائعات الأطعمة : السجن صنع مني قيادية وأسعى إلى تكوين حزب
عوضية محمود كوكو رئيسة اتحاد بائعات الأطعمة لـ(الجريدة):
السجن صنع مني قيادية وأسعى إلى تكوين حزب
16 ألف سيدة تعمل في مجال بيع الشاي بالسودان
شكت رئيسة اتحاد بائعات الأطعمة من خلال حوار أجرته معها (الجريدة) من معاناة بائعات الشاي والأطعمة من “الكشات” التي وصفتها بغير الإنسانية وغالباً تُصادر من خلالها معدات العاملات مؤكدة أن المصادرات غير قانونية. وطالبت معتمدي المحليات بمنعها أو إذا كان لا بدَّ منها، أن تختار عاملين يراعون حرمات النساء والتعامل معهن بإنسانية. وكشفت أن عدد النساء العاملات ببيع الشاي يبلغ 16 ألف سيدة، وأبانت أنها تسعى لتسجيل جمعيات تعاونية لكُلِّ العاملات بهدف حمايتهن، وذكرت بعض التحديات التي تواجهها في ذلك، مطالبةً العاملات بالتحلي بالوعي بحقوقهن، وشكت من المضايقات التي تتعرض لها البائعات من قبل الزبائن وحكت عن تجربتها بالسجن في المساحة التالية من تفاصيل الحوار.
العلاقة مع المحليات
تقول عوضية محمد كوكو: “لم أقصد المحليات في يوم من الأيام ولا أعرف الطريق إليها ولا توجد علاقة بيني وبينها فيما عدا مساعدة البائعات اللائي تتم مصادرة معداتهن وأجد كل التعاون من قبل موظفي المحليات ونجحت في إعادة الكثير من المعدات المُصادَرة”، وتضيف: “وكذلك أصبحت هنالك علاقة بيني ومحلية جبل أولياء بعد أن تم تكريمي عالمياً بواسطة الرئيس الأمريكي أوباما في منزلي وزارني معتمد محلية جبل أولياء في فصل الخريف بمنزلي بمنطقة مايو حي العرب وعندما وجد الوصول لمنزلي صعباً بسبب مياه الخريف قام مشكوراً بردم الشارع من الطريق الرئيسي وحتى منزلي”.
وتتحدث عوضية عن عملها مع في حل مشكلات بائعات الشاي مع المحلية، قائلة: “لم أكن أحتاج للدخول للمحليات لجهة أنني أقوم بحل بعض المشكلات المتعلقة بالبائعات بمجهوداتي الذاتية، فقط أدخلها عندما أريد إعادة المعدات المصادرة”.
وتضيف: “أول مرة أدخل فيها المحلية عندما وصلتني العديد من الشكاوى من قبل بائعات الشاي بوجود كشات، فذهبت لمحلية جبل أولياء، واستقبلني المعتمد في مكتبه، وكان لقاءً مثمراً وطالبني حينها المعتمد بالعمل على تسجيل جمعية أو مجموعة من الجمعيات لبائعات الشاي بسوق الكلاكلة اللفة وتبرع لنا بمبلغ (50) ألف جنيه للعمل على فتح حساب في بنك الأسرة حتى يتم تمليك بائعات الشاي كراسي لجهة أن إيجار الكراسي �أصبح مشكلة تعاني منها البائعات، إذ وصل إيجار الكرسي الواحد جنيهين يومياً على الرغم من إصدار المعتمد قراراً قبل أربعة شهور بتخفيض إيجار الكرسي إلى جنيه، ولكن ومنذ أكثر من (20) يوماً رجع إيجار الكراسي لمبلغ جنيهين للكرسي الواحد مما يُعَدُّ تراجعاً من القرار”، وعادت لتقول إنها تثق في المعتمد وربما يكون مُغيَّباً عن إرجاع الإيجار لمبلغ جنيهين.
تسجيل الجمعية
وحول تسجيل الجمعية تواصل عوضية بقولها: إنهم سعوا لعقد اجتماع قبل أسبوعين ولكن للاسف كانت هنالك بعض الذين عملوا على إفشال الاجتماع وعرقلة تسجيل الجمعية، وأضافت: “لا بد من وجود جسم مسجل يعمل على حماية النساء العاملات في مجال بيع الشاي والأطعمة”، وذكرت أن تسجيل الجمعية يعمل على حماية العاملات، وتمليكهن كراسي لجهة أن الإيجار مكلف وأوضاع العاملات الاقتصادية هشة وضعيفة ولا تتحمل دفع إيجارات، وزادت بقولها إن معتمد محلية الجبل يسعى جاداً لتسجيل الجمعية لحماية العاملات.
وحول الكشات التي باتت هاجساً بالنسبة لبائعات الشاي، قالت عوضية إن تاريخ الكشات قديم منذ أن بدأت بالعمل في مجال بيع الشاي بالسوق الشعبي الخرطوم، وأرجع بدايته إلى زمن الانتفاضة وزمن المجالس البلدية، وأضافت: “الكشات سابقاً تختلف عن الوقت الحاضر”، ووصفت التعامل في الفترات السابقة بالإنساني الراقي مؤكدة أن الغرامة كانت رمزية (مبلغ لا يُذكر) مقارنة بالوقت الحالي وتكون فقط في حالة مخالفة النظام، وكان التعامل من قبل الموظفين بالمجالس البلدية والذين يتم تكلفيهم بهذه المهمة إنسانياً يُراعي حرمة النساء، وذكرت ضاحكة (في الزمن داك كنت خوافة)؛ لكنها اشتكت من تكرار الكشات قائلة: “أصبحت العاملات يبحثن عن حلول لمقاومة الكشة خاصة وأن هنالك (كرَّاً وفراً) الأمر الذي جعلنا نفكر في محاربتها والاستعداد للركض، حيث نقوم بالاتفاق على الاشتراك بين كل أربع أو خمس بائعات، لشراء كافتيرة كبيرة ونختها نقعد نبيع لمن تجي الكشة بدل كل واحدة تلفح عدتها وتجري، ونتقسم لملمة الحاجات وإخفاءها، وبالطريقة دي بنتجنب مصادرة كميات كبيرة من العدة ونهاية اليوم أي واحدة بتاخد الفيها النصيب وتمشي”.
عدد العاملات
وحول عدد العاملات في مجال بيع الشاي بمحلية الجبل أجابت عوضية قائلة: “في كل المحلية توجد ما بين 6-7آلاف سيدة تعمل في مجال بيع الشاي منهن ما بين 200-300 سيدة تعمل في مجال بيع الشاي بسوق الكلاكلة اللفة” وكشفت أن العدد الكلي للعاملات في مجال بيع الشاي بالسودان ما بين 14-16ألف سيدة وذكرت أن العدد كان في العام الماضي 11 ألف سيدة عاملة في مجال بيع الشاي، وشكت من الكشات مطالبة المحليات بمنعها لجهة أن هنالك أضراراً كبيرةً تنجم عنها وعلى وجه الخصوص شكت من بعض الكشات التي يقوم بها النظام العام وقالت: “قبل ثلاثة أشهر فرضت غرامة تبلغ ألفي جنيه للعاملات بمنطقة صافولا، ولكن بعد وصول الشكاوى قمنا بتدخلات بالعمل على الاجتماع مع المحليات وأوقفنا هذه الكشات”، وذكرت أن الكشات والغرامات ظلمٌ يقع على العاملات ووصفتها بغير القانونية، وذكرت أن عدم الوعي للعاملات يجعلهن ضحايا للكشات والتغريم، وأضافت: “من المفترض أن تكون هنالك كورسات للعاملات لتوعيتهن بحقوقهن لجهة أنهن يتعرضن للعنف ويتم إرهابهن من قبل دفارات المحليات التي تصادر أدوات عملهن”، وقالت إن الأسلوب المتبع في الكشات أسلوب إرهابي يفتقر للذوق والإنسانية والتعامل بأدب، لافتةً إلى أن معاناة النساء العاملات في مجال بيع الشاي والأطعمة وصلت حد فقدان الحق في الحياة، ومثلت لذلك بوفاة إحدى العاملات في مجال بيع الشاي وذهبت لتحكي بقولها (نادية) كانت تعمل ببيع الشاي بمنطقة السوق العربي وعندما حضر دفار الكشة لهثت تجري وهي تحمل مجموعة من (البنابر) حتى سقطت في (كراع أحد البنابر) على صدرها وقالت: “كانت الوقعة قوية إذ طعنتها رجل البنبر بصدرها وتعمقت وتوفيت”، وقالت إن هنالك العديد من العاملات يعانين من أمراض الضغط والغضروف نتيجة الخوف والسقوط والركض أثناء الكشات”، وطالبت المحليات بالعمل على منع الكشات مشيرةً إلى أن الكشات تنشط بصورة كبيرة في منطقة شارع النيل وموقف كركر والساحة الخضراء.
مطالبة بمعاملة إنسانية
وأضافت عوضية: “إذا كان لا بد من الكشات بهدف التنظيم فنطالب باختيار عاملين يراعون الجانب الإنساني للعاملات ويضعوهن في مقام أمهاتهم وأخواتهم”، وطالبت العاملات بالعمل على التسجيل في الجمعيات التعاونية.
وعن تاريخ تسجيل جمعية بائعات الأطعمة قالت إنها أول من سجلت جمعية تعاونية للعاملات ببيع الأطعمة في العام 1990 وتم تسجيلها في العام 1993 وكانت أول جمعية تسجل وقتها على نطاق السودان.
تجربة السجن
وحول تعرضها للسجن من قبل والزج بالحراسات ذكرت عوضية أنها كانت توفر وسائل إنتاج للعاملات من ثلاجات لبيع الآيسكريم وخلافها موضحة أنه كان هنالك تعاون بينها وبين المؤسسة التعاونية بولاية الخرطوم وذكرت أنها تقوم بعمل خطابات بقائمة لأجهزة كهربائية لمجموعة من العاملات للمساهمة في تحسين أوضاعهن الاقتصادية، وعملت من خلال التعاون مع المؤسسة على حل الكثير من المشكلات وقالت موضحة إنها تعرضت للمساءلات القانونية والسجن بسبب بعض المتأخرات لمدة شهر وأنها حبست لعجزها عن تسديد شيك بمبلغ ألف جنيه الأمر الذي جعلها عرضة للسجن والحبس بالحراسة لمدة 11 يوماً مما جعلها تضطر لوضع أوراق منزلها الذي تملكه وبيعه لعجزها عن السداد، وكذلك بيع منزل والدتها بمنطقة العباسية تقلي وذكرت أنها حالياً تسكن في بيت بالإيجار بسبب تمليكها مجموعة من السيدات وسائل إنتاج، ولكن عجزن عن السداد بالإضافة لوجودها بالحبس، الأمر الذي جعل مجموعة كبير من المستفيدين من المشاريع التي قامت بتوفيرها استغلال وضعها والتوقف عن سداد قيمة التمويل مما جعلها تفقد منزلها الكبير والصغير، وقالت: “وضعت أوراق منزلي كضمانة منذ العام 1995تركته مرهوناً وحتى تاريخه لم أستطع أن أراجعه لجهة أن المبلغ كان كبيراً يبلغ 500مليون جنيه وقضيت بالسجن 4أعوام ختمت فيها القرآن 5-6مرات”، وأضافت عوضية: “أول دكان تم فتحه في سجن أمدرمان للنساء قمت بفتحه بالعمل على بيع احتياجات النساء من عطور وملابس وخلافها”، وزادت: “كان معي بالسجن قرابة الـ(50) امرأة مسجونات بـ(يبقي لحين السداد)”، وذكرت أنها خرجت من السجن عندما زارت بعض النساء الدستوريات السجن وقامت سيدة تدعى كوثر أحمد بإخراجي من الحبس وعن خلاصة تجربتها في السجن قالت: “إن السجن ابتلاء من ربنا وقبلت به لجهة إنني أحب العمل العام والمشاركة، وبالعكس بل ازدادت عزيمتي وإصراري على توفير وسائل إنتاج للعاملات وأعلم أنني أعمل الخير ولن ينساني الله”، وأضافت: “قمت في الأسبوع الماضي بتمليك عدد 7ركشات لعاملات في بيع الشاي”.
وواصلت بقولها: “دخلت الحراسة لمدة 11 يوماً في بادئ الأمر وترددت عليها أكثر من مرة. مكوثي لعدة أعوام بالسجن عمل على تقويتي وإصراري على خدمة العاملات وتذليل كافة المصاعب التي تواجههن”، وعادت لتقول: “حُكِمَ علي بالبراءة في أول محكمة عُقدت بالكلاكلة بعد شهادة 12شاهداً لصالحي بواسطة مولانا مصطفى وكان كلما اقترب موعد خروجي من الحراسة يأتي أناس ببلاغات كيدية وظلت 5شهور أنتظر المحاكمة وعندما تظلمت من ذلك تمت محاكمتي بالمادة (يبقى لحين السداد)، وكان المبلغ المطلوب 500 ألف تبقى فقط منها مبلغ 150 ألفاً لم تُسدَّد حتى الآن ولكنني أسعى لإيفايها، وقالت: “اكتسبت خبرة في العمل العام، وقمت بتمويل 12 جمعية عبر الاتحاد التعاوني النسوي متعدد الأغراض وراهنت أن يكون هذا الاتحاد في مصاف الاتحادات على المستوى العالمي”، وقالت: “لو أُجريت انتخابات حرة سأقوم بإنشاء حزب، وأراهن بعضويته التي تصل إلى 15 ألف سيدة، هؤلاء يمثلن قاعدتي التي أثق فيها وتبادلني الثقة”.
منظمات نسائية
وحول إنشاء منظمة لمساعدة بائعات الشاي والأطعمة أجابت بقولها: “لا أريد الكرسي الوثير ولا المكاتب المكيفة”، وقالت ضاحكة: “الكراسي والتكييف (بتنسّي) الهدف من التجمع وتوحيد الرؤية ولكن البقاء في الميدان تحت هجير الشمس مع البسطاء على الأرض هو مكتبي الحقيقي الذي يجعلني أخدم بصدق”، وأبانت أنها رفضت الكثير من العروض لعمل منظمة خوفاً من الابتعاد من قضايا البائعات، وقالت: “أريد أن أنحت اسمي وسط البسطاء في المناطق العادية حتى لا تجرفني المكاتب المكيفة”.
وحول شكاوى العاملات من المضايقات والتحرش أجابت بأنها موجودة ولكن النساء لديهن مصدات لذلك وقالت: “على الرغم من وجوده تفضل كثير من النساء عدم التقدم بشكاوى خوفاً من نظرة المجتمع وحرصاً على عملها لجهة أن هدفها الأسمى توفير لقمة كريمة لأسرتها ولكن بنسبة 80% تعاني العاملات من المضايقات والتحرشات من قبل الزبائن”، وقالت: “نقوم بعمل توعية وسط النساء ليعرف النساء حقوقهن”، وزادت: “أوجه صوت شكر لمعتمد محلية جبل أولياء الذي وفر لعدد 4نساء فرصاً للاعتمار ولأول مرة في التاريخ تحظى بائعات الشاي بهذه الفرص”، وذكرت أنها ستسعى على مستوى الولايات بالعمل على إنشاء جمعيات تعاونية وفروع للاتحادات النسوية.
السجن سرق فرحتي
ذكرت عوضية أن أجمل اللحظات الأسرية قضتها خلف قضبان السجن وذهبت تقول إن ابنها عندما دخل الجامعة بعد عامين من دخوله كانت بالسجن وعندما تخرَّج منها أيضاً كانت بالسجن ورددت: “هو من دفعني لمزيدٍ من الصبر والتحمل وليس ذلك فقط بل تزوجت ابنتي وأنا خلف القضبان وأنجبت مولودها الأول وأنا بالسجن ولكن الله لم يَنْسَنِي وكرَّمت على المستوى العالمي والحمد لله”.
حوار :لبنى عبد الله
صحيفة الجريدة