لعبة وانتهت..!
بعد أن ملأت الدنيا وشغلت الناس، تمخضت انتخابات اتحاد كرة القدم السوداني، عن نتيجة حتمية كان لا بد أن تتم، وهدأت بعض الأنفاس، وبقي لدى البعض ما في القلوب في القلوب،
لكن الدروس والعبر التي أفادتها هذه الجولة العراكية اللفظية والقانونية والتأويلات التفسيرات المتعارضة، تقودنا إلى الإقرار بأننا نعيش أزمة بالغة التعقيد في المجال الرياضي، إن لم نتداركها ستهوي بالجميع إلى درك سحيق .
> السبب الرئيس في هذا الحال المائل في الرياضة، أننا في بلادنا أنفسنا وراء اللعبة الدولية في هذا المجال، فكرة القدم وغيرها من الرياضات لم تعد مجرد رياضة تتطور ويتعمق الإحساس بها والتعامل معها وممارستها وإدارتها، فهي مزيج شائه ومدمر من السياسة والتجارة والسمسرة والمقامرة والدسائس والمؤامرات، وارتبطت قطاعات الرياضة ومن يديرونها خاصة كرة القدم في أرجاء المعمورة بممارسات وفضاءات أخرى لا علاقة لها بالرياضة أصلاً ولا بأخلاقها وقيمها التي يعتقد العامة أن ممارسة الرياضة أو قيادة العمل الرياضي تقود من ناحية التسامي والتسامح وتجاوز المصالح الضيقة إلى الفسيح من التواصل وتعميق العلائق وعراها، وهذا ما ظل لونه يتسع مع واقع العمل الرياضي وممارسته.
> مع ارتباط الرياضة بالسياسة والمال والشهرة والتجارة والاستثمار والإعلام، أضافت إليها التجربة السودانية أبعاداً أخرى، جعلت هذا المسخ المشوه دميماً أكثر وكئيباً متقيح الجلد لا يحتمل، وانحدرت الرياضة خاصة كرة القدم إلى أدنى القاع، بشخوص من يديرونها لسنوات طويلة، وأصبح الهم هو الاستحواذ والتربع على الموقع والمنصب في إدارات الأندية والاتحادات، وليس تطوير اللعبة والارتقاء بها والنظر في تحديث طرق إدارتها وتنميتها وتحسين بيئة ممارستها وجعلها تعيش باطمئنان داخل بوتقتها التشريعية والقانونية التي تنظمها وتضبط إيقاعاتها، فالتقاعس عن تطوير اللعبة والعجز عن اللحاق بدول نحن من علمها كيف تلعب كرة القدم وعدم القدرة على الاحتفاظ بريادة في إفريقيا بدأناها من قبل ثم تقهقرنا بعدها، لهو أكبر مطعن في أهلية من تعاقبوا على الاتحادات وإدارات الأندية الرياضية عبر العقود الماضية، فهم من صنع النكبة والنكسة، وهم من يواصل الهزيمة والتراجع حتى اليوم .
> ما جرى ويجري في اتحاد كرة القدم، صورة مكبرة لما يجري في الحركة الرياضية السودانية، وصورة مصغرة لما يحدث في العالم في هذا المجال، فهذه صراعات إدارات ومجموعات نفوذ تستخدم وتوظف اللعبة لخدمة السياسة والمال والنفوذ والشهرة، لا فرصة فيها لإنهاض اللعبة نفسها وخدمتها، ولا قضايا لعبة كرة القدم هي التي تتصدر الواجهة وتقف عند طليعة الاهتمامات، ولو لم يكن ذلك كذلك.. أين هي البرامج والأفكار والمناهج التي وضعت لبدء السير في مضمار جديد لإصلاح حال كرة القدم بكل ما تعنيه الكلمة من معانٍ .
> إذا جردنا ما حدث من مشروعيته وشرعيته المتعلقة باللعبة وتطويرها وشعبيتها وممارسة ديمقراطية تنظيم مؤسساتها في الهواء الطلق، فلن نجد إلا أفيالاً تتصارع على أسلاب لا تستحق العناء، وكراسي تسبب أوجاع القلب والظهر والقدمين والكتفين، ثم أنها لم تأتِ بما يزينها بقدر ما سقطت بما يشينها!!
انتهت اللعبة بدرس قاسٍ، لكنه زاد من القناعة بأن كرة القدم واقع معطون في بركة لزجة من أخلاق الذئاب والغاب، لن ينصلح حالها، إذا لم تعد صياغتها كلها في رؤية جديدة وتصور مبتكر فريد، يجعل من الرياضة رياضة ومن التجارة تجارة ومن السياسة سياسة!!
> وهذا واجب يجب أن يقوم به الرياضيون الحقيقيون، المهمومون بمفهوم الرياضة الحقيقي ومارسوها وتعلموا صعودها وعروجها نحو مدارج الصفاء الإنساني بعيداً عن الأنانية والحقد والتعصب والولاء الأعمى والتكسب والتربح الجشع واستثمارها للذات وشهوات النفس الأمارة .
> فلتعد الرياضة إلى ذاتها ولتنتخب نفسها ومستقبلها، ولا لتنتكس كل مرة وتخرج للناس شمطاء قبيحة تنفر منها النفس وتعرفها وتستقبح وتستبشع أفعالها وأقوالها.
> فلتكن كرة القدم رياضة ولعبة فقط، وليست سوقاً للبغاء السياسي والتجاري ولمن يريد العيش تحت مساقط الأضواء!!
الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة
برافو عليك كلام شديد..قل الاخره قربت! مش نفس الكلام في السياسه السودانيه ولا انا غلطان.المتعوس متعوس حتي لو وضعوا على راسه فانوس وفي روايه اخرى قنديل