كمال عمر: “علي الحاج” هو أخي الأكبر وأنا فخور بالاعتذار له !
* “علي الحاج” هو أخي الأكبر وأنا فخور بالاعتذار له !
* سأذهب إلى البرلمان .. هذا أمر قيادي صدر من الحزب وأنا على الطاعة !
* الدستور به إشكالية لكن سنتحمله لأنه مؤقت .. وسأدخل البرلمان لأدرك القوانين المقيدة للحريات ! ولأعمل للدستور الدائم !
* لم أتراجع عن موقفي حيال الحريات !
يعتبر الاستاذ كمال عمر المحامي ، من اكثر قياديي المؤتمر الشعبي حيوية واثارة للجدل . فمن موقعه كأمين سياسي للحزب ، كان تحت الضوء دائما بفضل تصريحاته ، التى ومواقفه التي تجد اهتماما كبيرا في الساحة السياسية ، خاصة عندما كان المؤتمر الشعبي جزء من تحالف الاجماع الوطني المعارض ، ثم عندما غادر الحزب موقع المعارضة ، استجابة لدعوة الرئيس عمر البشير ، ومبادرته للحوار الوطني . وقد تميز المؤتمر الشعبي ، عن الاحزاب والتنظيمات السياسية ، التى زاد عددها عن المائة ، والتي شاركت في المؤتمر ، بموقفه من الحريات ، ودفاعه المستميت عن مشروع التعديلات الدستورية، في جانب الحريات ، التى خطها الدكتور حسن الترابي ، وتضمنتها مخرجات الحوار الوطنى. وقد تولى كمال عمر جانبا كبيرا من عبء هذا الدفاع ، وهو ماجعله يعلن اعتزاله الحزب والاعتذار عن ترشيحه للمجلس الوطني ، عندما بدا ان المؤتمر الشعبي قد تخلي عن اشتراطه المشاركة في حكومة الوفاق الوطني بتمرير التعديلات الدستورية . غير ان الجدل الذي اثاره الموقف ، سرعان ما تضاعف عندما ، تراجع كمال عمر عن هذا الموقف باعتذار علني للامين العام ، الدكتور على الحاج. هذا الاعتذار وخلفياته وتداعياته ، كان مدخل حوارنا التالي معه . (المجهر السياسي) في هذا الحوار حاولت إجلاء المشهد والإجابة على تساؤلات كثيرة تناثرت هنا وهناك.
* والله أكثر شخص أحبه في الشعبي بعد “الترابي” هو “علي الحاج” .. وأنا من الذين قاتلوا ليصبح “الحاج” أميناً عاماً للحزب !
{ استاذ”كمال” تقديمك لاستقالتك ثم تراجعك عنها وتقديمك لاعتذار للأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي، أحدث بلبلة وربكة في الساحة والمشهد بدا معتماً وغير واضح تماماً .. ؟
– الناس فهموا الأمر بشكل مغلوط .. أنا لم أستقل من المؤتمر الشعبي .. كل ما حدث هو أنني استقلت عن الوظائف التنظيمية في حزب المؤتمر الشعبي، عن موقعي في الأمانة السياسية ومن الترشح للمجلس الوطني، وهذا كان لأسباب متعلقة بالموقف من الحريات. حزب المؤتمر الشعبي هو مصيري .. فأنا مؤسس للشعبي وملتزم بكل المبادئ التي تركها لنا شيخ “حسن”. شيخ “حسن” ترك لنا مؤتمراً شعبياً بمبادئه وبمواقفه لحين بلوغ المنظومة الخالفة لذلك أنا لن أنتكس ولن أخون شيخ “حسن” ولن أخون المؤتمر الشعبي .. وأنا عندما اتخذت هذا الموقف – موقف الاستقالة – اتخذته حرصاً على المؤتمر الشعبي وقلت إنني فعلت ذلك لأتفرغ للمنظومة الخالفة .. المنظومة الخالفة هذه في أي حزب أليست في حزب المؤتمر الشعبي ؟! لذلك أنا لم أستقل من المؤتمر الشعبي .
{ ما زاد المشهد ضبابية كان هو رسالة قام بنشرها دكتور “السجاد” ذكر فيها أن “كمال عمر” تمت إقالته قبل تقديمه للاستقالة .. وأنك ألحقت الإقالة بهذه الاستقالة؟
– (تمت إقالته كيف يعني ؟؟). أنا يا “سوسن” عملت مع شيخ “حسن” قرابة الـ(17) عاماً كنت قيادياً في المؤتمر الشعبي من الأمانة العدلية إلى الأمانة السياسية .. والأمانة السياسية وظيفتي وتكليفي بها انتهى مع قيام المؤتمر العام .. قيام المؤتمر العام يعني أن كل الأمناء قد انتهى تكليفهم .. هذا أمر طبيعي وفقاً للنظام الأساسي .. أنا لم أقل عن الأمانة السياسية وتكليفي انتهى وهناك فرق قانوني في النظام الأساسي بين الإقالة وانتهاء أجل التكليف. أنا استقلت من ترشيحي للبرلمان قلت للأمين العام بوضوح اختر شخصاً آخر غيري.
{ لكن .. أنت بررت استقالتك بسببين الأول يتعلق بالموقف من الحريات.. والثاني رغبتك في التفرغ للعمل من أجل المنظومة الخالفة ..؟
– نعم.
{ في ما يلي المنظومة الخالفة هناك تساؤلات كثيرة أثارها قولك إنك ستتفرغ للمنظومة الخالفة . في تصورك كيف كنت ستعمل لها ؟.. هل المؤتمر الشعبي على قناعة بالمنظومة الخالفة ؟و كان سيعمل على تكليفك بالعمل لها ؟أم أنك كنت ستعمل لها بشكل منفرد بعيداً عن تكليف الحزب؟ ليس هناك أحد في داخل المؤتمر الشعبي يتحدث عن المنظومة الخالفة سوى “كمال عمر”! فكيف كنت ستعمل لها؟
– المنظومة الخالفة يا “سوسن” هي التزام على عاتق المؤتمر الشعبي.
المنظومة الخالفة كانت هي وصية شيخ “حسن” في أغسطس 2015 .. ومن شروطها الحريات .. المنظومة الخالفة ستكون بعد التعديلات في القوانين والمؤتمر الشعبي أقر المنظومة الخالفة في المؤتمر العام وأصبحت التزاماً . صحيح أنا من أكثر الناس الذين يعبرون عنها لكن المنظومة الخالفة هي التزام التزم به الحزب .
{ لكن كيف سينجح الشعبي في تطبيق المنظومة الخالفة؟ هل هناك اتفاق بينكم والمؤتمر الوطني والتزام بينكم للعمل لها؟
– المنظومة الخالفة ليست اتفاقاً بين المؤتمر الشعبي والوطني. المنظومة هي طرح مشروع سياسي ثقافي اجتماعي .. الشعبي قام بطرح هذا المشروع لقيادات بحزب المؤتمر الوطني وبحزب الأمة وللاتحاديين وللشيوعيين والبعثيين ولشخصيات قومية .. هي ليست مشروعاً ثنائياً وإنما هي مشروع لكل أهل السودان.
{ حزب المؤتمر الشعبي سينتهي أجله ويتم حله مع قيام المنظومة الخالفة..؟
– نعم… أجله سينتهي بالمنظومة الخالفة وهناك أحزاب كبيرة وأحزاب في الساحة أجلها كلها سينتهي مع قيام المنظومة الخالفة .. المنظومة الخالفة هي وعاء لتجميع أحزاب وشخصيات قومية.
{ استاذ “كمال” ..السبب الآخر الذي كنت بررت به استقالتك هو الموقف من الحريات .. فأنت غير راض عن التعديلات الدستورية وترى أنها لم تعبر عن مخرجات الحوار الوطني وأن الحريات التي كفلتها هذه التعديلات حريات منقوصة .. فهل تراجعك عن الاستقالة، واعتذارك للأمين العام للحزب يعني تراجعك عن هذا الموقف؟
– لا لا لا .
– هناك تقديرات سياسية. أنا كنت أرى أنه كان الأولى بالمؤتمر الشعبي أن يمارس ضغطاً شديداً على المؤتمر الوطني في ما يلي الحريات والتعديلات الدستورية. في تقديراتي – كان على المؤتمر الشعبي، أن يتبع من الوسائل ما هو كفيل بالضغط على المؤتمر الوطني، وحمله على التراجع عن إجازة هذه التعديلات الدستورية. موقف إخوتي في المؤتمر الشعبي هو أنه لا تنازل في موضوع الحريات ولا فكاك . ولكن نعمل من داخل البرلمان لإجازة كل التصورات لتعديل القوانين المقيدة للحريات – وأنا قبلت هذا الرأي، وهو رأي جماعة وليس رأياً فردياً.
{ إذن أنت قبلت بترشيح الحزب لك وستذهب إلى البرلمان.
– سأذهب إلى البرلمان، هذا أمر قيادي من الأمين العام وتنظيمياً أنا على الطاعة. أنا سأستمر في الترشيح وأدخل البرلمان بأجندة المؤتمر الشعبي في ما يتعلق بالحريات وإن شاء الله سأناضل من أجل تعديل القوانين المقيدة للحريات.
{ لكن في موقفك الأول كنت بررت الاستقالة بأنك لن تدخل البرلمان لتدافع عن موقف المؤتمر الشعبي، لأنك لا تستطيع أن تفعل شيئاً يناقض قناعاتك.. الآن طالما أنك ستدخل البرلمان بأجندة المؤتمر الشعبي فأنت ستكون مجبراً على القيام بعمل لا يتسق مع قناعاتك.. أليس كذلك؟
-الاستقالة كانت بسبب المؤتمر الشعبي، والتراجع عنها الآن وقبول الترشح للبرلمان بسبب الشعبي أيضاً. المؤتمر الشعبي وجهته في الحريات لم تتغير لكن الإستراتيجية تغيرت .. تغيرت من التعديلات الدستورية إلى تعديل القوانين ولذلك أنا قبلت التحدي وقبلت المبدأ وسأدافع عن موقف المؤتمر الشعبي .. موقف المؤتمر الشعبي كان سليماً حينما فاصل النظام بسبب الحريات، كان سليماً حينما دخل السجون من أجل الحريات كان سليما حينما انتهج أسلوب الضغط في التعديلات الدستورية، كان سليماً حينما اختار البرلمان كمنصة للدفاع عن الحريات.
{ ولكن الكثيرين يرون أنه لم يكن سليماً عندما اختار الاستمرار في حوار خطواته كلها تمضي باتجاه ما يريده الوطني .. وما زالت تسير في البرلمان باتجاه ما يريده الوطني فأغلبية الوطني الميكانيكية ستتحكم في مخرجات الحوار النهائية..؟
– الجديد هو أن اللجنة الطارئة أجازت التعديلات بصورة ولكنها أمنت على تعديلاتنا باعتبار أنها تدخل في القوانين .. ولذلك في البرلمان نحن سنذهب في اتجاه مخرجات الحوار. (دا ما شغل أغلبية ميكانيكية في البرلمان) .. عندما ندخل كلنا المؤتمر الشعبي والوطني والأحزاب المشاركة في الحوار “المانديت” سيكون هو تنفيذ مخرجات الحوار .. “المانديت ” سيكون هو تنفيذ مخرجات الحوار ليس إلا.
{ إذن تراجع “كمال عمر” عن موقفه وقبولك بدخول البرلمان لا يعني تراجعك عن موقفك من الحريات.
– أنا لم أتراجع عن موقفي حيال الحريات . وموقفي هو موقف الشعبي . يعني الشعبي ليس له موقف مغاير لموقف “كمال عمر”. وهذه الفكرة أنا أخذتها من الشعبي والآن سنعمل من داخل البرلمان لتحويل مخرجات الحوار إلى قوانين.
{ إذن موقفك ما زال هو موقفك .. لست راضياً عن هذه التعديلات ..؟
– لا الشعبي راضٍ ولا أنا راضٍ عن التعديلات الدستورية والأمين العام عبر عنها يوم اجتماع الشورى .. هذه التعديلات ليست هي التعديلات المتفق عليها هناك مخالفة بينة. لكننا سندرك ما تم تفويته في القوانين والقوانين إن شاء الله هي معركتنا كلنا في البرلمان بمن فينا المؤتمر الوطني .. معركتنا ومسؤولية الوطني .. الوطني مسؤول عن إنجاز تنفيذ مخرجات الحوار.
{ في تقديرك لو كان دكتور “حسن الترابي ” موجوداً هل كان سيكون راضياً عن النتائج التي انتهى إليها الحوار الوطني في ما يلي الحريات؟
– يا “سوسن”يا أختي (نحن شغالين بنفس شيخ حسن) شغالين بفكرة شيخ “حسن”. هذه الفكرة ليست فكرة “كمال عمر”ولا فكرة “علي الحاج” ولا “السنوسي” ولا كائن من كان في السودان أو في العالم . هذه أفكار شيخ “حسن” ونحن ملتزمون بها ما دمنا أحياء على ظهر هذه البسيطة. نحن ما خالفنا أفكار ولا مبادئ شيخ “حسن” ونحن مستمرون في هذا الحوار بمبادئ شيخ “حسن”.
{ إذن “كمال عمر” تراجع عن موقفه، و قبل بدخول البرلمان ليدرك القوانين بعدما أفلت الدستور من يده؟ الدستور لم يستوعب مخرجات الحريات، فأنت تريد أن تدرك القوانين و(تلحق القوانين)؟
– نعم. (ماشي ألحق القوانين المقيدة للحريات أعدلها وماشي لأضع مع المؤتمر الوطني ومع أحزاب الحوار خطة للدستور المقبل. الدستور الحالي هذا مؤقت وبه إشكالية، نحن سنتحمل الدستور الحالي المؤقت هذا ونسعى للدستور المقبل. نحن جميعنا نريد صياغة لبرنامج جديد. برنامج حريات .برنامج للتحول الديمقراطي.
– وثانياً يا “سوسن” نحن عندنا حزب كبير . أنا أخشى أن يحدث في هذا الحزب انقسامات واحتقان. الآن عضوية المؤتمر الشعبي من كل حدب وصوب يجرون معي اتصالات مشفقين قالوا “كمال عمر” استقال من الشعبي ! وأنا كما ذكرت لك لم أستقل من الشعبي!
وثالثاً أنا أعترف بأني أخطأت حيال الأمين العام .. هو أخي الأكبر وهو منتخب من قبل عضوية الحزب. أنا اعتذرت له وقلبت الصفحة، والآن أنا جندي في المؤتمر الشعبي.
{ بالرغم من الاعتذار الذي تقدمت به للأمين العام، الموقف أعطى إيحاءً بأن العلاقات بينك ودكتور “علي الحاج” متوترة جداً وغير جيدة..؟
– (والله يا “سوسن” أكثر شخص أنا أحبه في المؤتمر الشعبي بعد شيخ “حسن” هو “علي الحاج”). وأنا من الذين استبشروا بقدومه وأنا من الذين قاتلوا من أجل أن يصبح “علي الحاج” هو الأمين العام. وأنا لن أخيب رجاءه ولن أتسبب في أزمة في المؤتمر الشعبي .. أنا اعتذرت له اعتذاراً عميقاً.. اعتذاراً يليق به .
{ بصراحة .. ألم تندم على هذا الاعتذار؟ عندما رأيت ليلة أمس اعتذارك يجوب قروبات الواتساب من مجموعة إلى مجموعة ألم تشعر أنك قد تسرعت بتقديم هذا الاعتذار؟ خصوصاً وأن الكثيرين يرون أن “كمال عمر” موقفه كان سليماً ، وأنه لم يفعل ما يوجب هذا الاعتذار ..؟
– يا “سوسن” العزة بالنفس أحياناً تقودك إلى إثم .. إذا شعرت بأن موقفاً ما أو تعبيراً عن موقف ما سيضر بتنظيم كالمؤتمر الشعبي، أنا “كمال عمر” هذا (مش بعتذر فقط ، سأعتذر وأتودد وأندم وأطلب العفو – إذا كان هذا يحافظ على وحدة المؤتمر الشعبي .. أنا اعتذرت لأمين عام يستحق الاعتذار، واعتذرت كي أحفظ حزباً أنا عشت فيه وتربيت فيه ومرضت فيه وحزب إن شاء الله أنا معه لحين بلوغ كل الأماني وكل الخطط .. هذا حزب “الترابي” حزب شيخ “حسن” الذي توفى وهو في المركز العام جالساً بمكتبه .. أنا لن أتسبب في موقف يهز هذا الحزب، لذلك أنا لست نادماً بل فخور بهذا الاعتذار .
{ إذن موقفك النهائي الآن هو أنك مستمر في حزب المؤتمر الشعبي ، وستدخل البرلمان بناءً على تكليف الحزب لك؟
– أنا مستمر في المؤتمر الشعبي وسأستمر في البرلمان وسأستمر عوناً لإخوتي في الأمانة الجديدة وسأستمر عوناً للأمين العام وسأستمر في العمل للحوار وأنا من المؤسسين له وسأستمر في التعاون من خارج الأمانة السياسية مع كل أحزاب الحوار .. وأريد أن أقول إن ذهابي للبرلمان إن شاء الله فيه خير وتوادد وفيه انسجام مع عضوية البرلمان وهذا البرلمان أنا أكن له الاحترام .. هذا برلمان الأعباء الكبيرة الملقاة على عاتقه في المرحلة المقبلة .. باعتباره برلمان التحول في السودان .وبالتالي سأسعى متعاوناً مع البروفيسور “إبراهيم أحمد عمر” وكل أعضاء البرلمان لأن يكون لهذا البرلمان دوره الحقيقي في إنجاز مخرجات الحوار.
{ عفواً …أنت لم تجب عن هذا السؤال: في تقديرك لو كان شيخ “حسن”موجوداً هل كان سيكون راضياً عن هذه الخطوات والنتائج التي تمخض عنها الحوار الوطني؟
– شيخ “حسن” يا “سوسن” ،وحتى لا نحمله مسؤولية وهو انتقل، شيخ “حسن” تحمل الكثير من أجل السودان وكان يحدثنا بصفة أساسية عن وحدة السودان، والإسلام .. ونحن نعمل من أجل الحفاظ على الوطن وعلى الإسلام .. بالنسبة للتقديرات التفصيلية نحن لا نعرف شيخ “حسن” كيف كانت تقديراته، لكن بالنسبة للأساس والمبادئ والأصول ليس هناك في المؤتمر الشعبي من سيحيد عن مبادئ شيخ “حسن” وإن اختلفت الإجراءات الشكلية لكن المبادئ خط أحمر.
المجهر السياسي