د. مدثر عبد الغني وزير (الاستثمار) بعد الترجل من الحكومة: أنا في استراحة محارب وتسعة أعشار الرزق في التجارة!
هاتفت وزير الاستثمار السابق د.مدثر عبد الغني صباح الجمعة، ولأنه يسكن قريباً مني بحي كافوري أبلغته بأنني سأزوره عقب الصلاة.. أديت صلاة الجمعة بمسجد النور، من المفارقات أن خطيب المسجد العالم بروفيسور عصام البشير خصص الخطبة لتوجيه نصائح غالية إلى الوزراء الجدد.. كان رئيس الجمهورية حاضراً بالمسجد، عقب الصلاة صادفت وزير الدولة بالتجارة الصادق محمد علي، وقلت له: كانت فرصة طيبة أن يكون مجلس الوزراء حاضراً في هذة الخطبة فقال لي: “ياريت” وامتدح عصام والخطبة.. وصلت إلى منزل د.مدثر ولحظتها أوقف سيارته والتي كان يقودها نجله الثاني محمد الذي عرفني به.. وعندما جلسنا في صالونه الأنيق قدم لي شكولاته فاخرة وكانت مدخلاً للحوار.
*هل نعتبر الشكولاته هذه فرحة بمناسبة مغادرتك الحكومة؟
تعودنا في المؤتمر الوطني على التكليف، وعلى أجل لنهاية التكليف وبمثلما كانت هناك رؤية لتكليفنا كانت هناك رؤية دعت أن نغادر الحكومة وفقاً لموجهات الحوار الوطني التي توافق عليها الجميع والتف حوله كل أهل السودان.. وبما أن التكليف في وزارة الاستثمار كان محطة جديدة لنا في العمل العام، فإن المغادرة تعني محطة جديدة وبالتالي هذه الشكولاته لا تعني فرحا أو كرهاً، وأرحب بكل توجيهات القيادة.
*هل فوجئت بقرار خروجك من الحكومة وليس الاستثمار فحسب؟
لم أُفاجأ ومفروض هذا الشعور أن يكون عند كل الإخوة والأخوات الوزراء خاصة وزراء المؤتمر الوطني، خاصة أن الوضع كان يقتضي وبناءً على مخرجات الحوار أن يتنازل المؤتمر الوطني.
* تبدو في معنويات عالية.. ما السر في ذلك؟
لأنني كنت متوقعاً أن أغادر وليس شخصي فحسب بل كل الإخوة في القطاع الاقتصادي، لأن مخرجات الحوار الوطني أوصت بحكومة موسعة دون زيادة في الوزارات بالتالي، هذا يعني خروج وزراء بالوطني وقد دار نقاش مستفيض داخل الحزب، وفي تقديري أن اللجان التي عكفت على العمل قامت بدورها ومن ضمن المناقشات دخول وزارة الاستثمار في المحاصصة وأتوقع أن يكون للوزارة دور كبير حتى 2020.
*هل هيأت نفسك للمغادرة بكل هذا القدر، لأنك لم تنجز في الوزارة؟
المغادرة لم تكن بناءً على تقييم من الدرجة الأولى بقدر ما كانت إفساح مجال للآخرين من الأحزاب؛ ولو تلحظ لم يتم تحريك وزير إلى وزارة أخرى ولا أعني وزراء الدولة وكان الرأي كيف يتم التنازل وفقاً لمتطلبات ومقتضيات المرحلة، وبالتالي كان طبيعياً التنازل.
*لكن الغريب في الأمر أن التنازل جاء على حساب وزراء شباب قاموا بدور كبير مثلك ووزير المعادن الكاروري؟
لم يكن الهدف إبعاد شباب، ليجيء كبار أو أصحاب خبرة وتجربة، وبغض النظر عن كل ذلك، وكما قلت لك فإن أمر التشكيل الوزاري مختلف عن كل تشكيل سابق، المسألة تمت بدراسة عميقة وتأنٍّ وتوافق بين رئاسة الجمهورية والحزب وهي مسألة لم تكن بالأمر اليسير على الحزب.
*إذن لم تهضم أمر خروجك؟
قصدت أن (الحكاية كلها) لم تكن يسيرة على الحزب نسبة للعدد الضخم من القوى السياسية والحركات التي شاركت في الحوار وليس على مستوى مدثر عبد الغني.
*كثيراً ما كان يصفك البعض بـ(المقرب) من النائب الأول للرئيس فكانت مغادرتك تبدو مستبعدة؟
ليست قضية (منو زول منو)، قد يكون كل الوزراء أحب للرئاسة وللأخ الرئيس والأخ النائب الأول.. الفترة منذ الإعفاء قبل أشهر ومواصلتنا العمل بناءً على تكليف كانت فترة كافية للتهيئة، وبالتالي لم أنزعج لمغادرتي أو أقلق لخروجي وقمت بإخلاء المكتب وتسليمه وكذلك السيارة وبهذه المناسبة نتمنى التوفيق للأخ مبارك الفاضل ونعلن مساندتنا له ووضع كل خبرتنا بالوزارة تحت أمره.
* يهمس البعض بالقول أن أبناء نهر النيل في الحكومة (مسنودون).. يبدو أن النظرة يجب أن تتغير؟
(مسنودين من منو؟)، هذا حديث لا وجود له على أرض الواقع، كل الجميع بالمؤتمر الوطني من كل أنحاء البلاد تحت إمرة الحزب، ليس هناك تمييز ولم أتلمسه.. المؤتمر الوطني ينظر للمرحلة بصفاء شديد وبدراسة ومؤسسية ونحن شاركنا في الحوار والذي لديه استحقاقات ومن ضمنها تقاسم السلطة.. الذي خرج للناس من حكومة الهدف إدخال وزراء جدد لمواصلة المسيرة.. ووزارة الاستثمار طريق مرصوف وواضح مرحلة انفتاحية قادمة، عوامل الأساس بها متوفرة لا نقول خروج الوزير لأنه من نهر النيل سيؤثر على عملها.
*بصراحة هل أنت راضٍ عن أدائك بالوزارة؟
بحمد الله وبشهادة قيادة الدولة.. قدمنا الكثير والمسيرة متواصلة حتى يكتمل البنيان.
أكملنا الجانب الرقمي الذي بدأه الوزير الأسبق مصطفى عثمان بتحويل كل الإجراءات إلى رقمية وقمنا بتأسيس موقع إلكتروني جعلنا نتواصل مع الخارج بكل يسر وقمنا بتواصل مع منظمات دولية وأنجزنا تقرير الاستثمار الإحصائي لأول للعامين 2015 و2016م يحتوي على معدل النمو والتحليل وفق وثائق علمية مجازة ومفصلة، بالإضافة إلى تبسيط الإجراءات والتنسيق المحكم مع الولايات ونتوقع حدوث تغيير اقتصادي كبير.
*ما حقيقة ما أشيع عن ترشيحك لوزارة المالية؟
كانت مجرد تكهنات واجتهادات فردية وتقديرات، لم يكن هناك حديث مباشر معي. الإجراءات للحكومة كانت خارج إطار الوزراء. وفي نهاية الأمر نحن تحت رهن إشارة القيادة وتحت إمرة المؤتمر الوطني.
*هل أنت منشغل بأمر مدثر ما بعد الوزارة؟
الآن أنا في مرحلة استراحة محارب، لكن الأفكار كثيرة وموجودة في مفكرتي الخاصة وسنبدأ مسيرة جديدة.
*بصراحة هل مدثر لا يدري ماذا سيفعل في المرحلة المقبلة؟
بالعكس أنا مرتب في حياتي منذ الجامعة، الآن سأكون على إجازة ومعروف أن (تسعة أعشار الرزق في التجارة) وأهلي يعملون بالتجارة ولكن لن أزعج نفسي الآن، والحمد لله أن قرار الخروج من الحكومة صادف إجازة المدارس وسأصطحب أسرتي لتأدية شعيرة العمرة كما ونحن على أبواب رمضان.
*بمناسبة الأسرة.. عرفتني عند قدومي بابنك محمد وأنه يخضع للامتحانات بكلية الهندسة هل كنت متابعاً لأمر امتحاناته؟
قضايا دولاب العمل تشغلنا، وبشكل كبير عن الأُسرة، بصراحة عرفت منه ذلك مساء الخميس، وكنت بعيداً عن الأسرة والمسؤولية تقع بشكل كبير على والدتهم، لكن سأتفرغ إليهم في الفترة المقبلة.
*هل من مشروعات المستقبل الالتحاق بالتدريس الجامعي وأنت كنت أول دفعتك؟
تخرجت من الخرطوم وكان من المفترض أن أواصل في المجال الأكاديمي لكن ذهبت للعمل الإداري وبعدها للأسواق الحرة ولكن لم تتوقف لدي الميول الأكاديمية بدليل مواصلتي لدراساتي العليا حتى نيلي درجة الدكتوراه والآن طرقت مجالاً آخر هو البحوث في الدراسات الاستراتيجية.
حوار: أسامة عبد الماجد
السوداني