تحقيقات وتقارير

من العادات السمحة في رمضان .. «الضرا» .. ماركة سودانية مسجلة


ما أن اقترب الشهر الفضيل واطلت بشرياته تجد الصبية في الاحياء الطرفية منهمكين في جمع الطوب والحجارة وتنظيف مكان الضرا الذي يحتل موقعا مناسبا في الميادين والساحات بالأحياء ورسم هياكل للمساجد على الأرض بعد ان تركوا كل ألعابهم والتركيز على بناء الضرا الذي يجمع الاباء والأجداد الذين يتحلقون حول أواني الطعام في الساحات والميادين ويصلون المغرب في جماعة وينادون على من فاتهم اللحاق بالافطار في منازلهم وعابري السبيل في كرم سوداني أصيل خلال أيام شهر رمضان المعظم، لتجسيد التكافل والتراحم في المجتمع السوداني ويمتاز الشعب السوداني على الشعوب باللمة في «الضرا» أو «البرش» عادة سودانية أصيلة توراثتها الأجيال كقيمة من القيم الاجتماعية ، إذ يشهد الضرا في الولايات مجالس للعمد والمشايخ ولأهل العقد والحل والونسة والمسامرة في الليالي القمرية فهوأشبه بالمجلس الديواني لعدم ارتباطه بشهر رمضان فهو مستمر وثابت عكس الأحياء الشعبية بالعاصمة التي تنتظر الضرا حتى حلول شهر رمضان.
ويتنوع الضرا بتنوع التركيبة السكانية ففي بعض القرى التي تقع في محازاة الطرق السفرية وطرق المرور السريع يسعى أهلها بصورة حثيثة في أن يفطر معهم كل عابر سبيل داهمه زمن الافطار ويتسابقون في إكرام ضيوفهم بصورة تنم عن الكرم السوداني الأصيل.
يفرح الأطفال كثيراً بمشاركة ابائهم الطعام في الضرا ويشربون العصائر الطازجة مع الصائمين «كباية بكباية»ويصلون معهم المغرب في جماعة ليرثوا منهم كل الصفات والطقوس السودانية السمحة فأغلبهم يفضلون الخروج للشوارع ويرفضون المكوث مع اماهاتهم داخل اسوار المنازل.
خلال السنوات القليلة الماضية تبدلت مكونات صينية الضرا فزاد اهتمام النساء بشكل الأواني والتفنن في إعداد الأفضل والأجود من الطعام فصينية الضرا تجدها تحتوي على ثلاثة أنواع من العصائر البلدية يأتي في مقدمتها الحلو مر بجانب العصيدة والتمر والبليلة بأنواعها واختفت أوان مثل «كورة رمضان كريم وغيرها وحلت محلها اوان حديثة معظمها من « الاستيل «و»الفايبر».
ويشهد الضرا عددا من المناسبات كمشاركة أحدهم عقيقة مولود له بجانب كرامة (الرحمتات) للموتى الذين يخرج أهلهم الصدقة في كل عام.
ويقول أحمد الطاهر إن الضرا عادة سودانية جميلة تجسد التكافل والتراحم بين أبناء الشعب السوداني ويرى انه تطور كثيرا بعد دخول الافطارات الجماعية والخيرية وتكفل بعض رجال البر والاحسان بإفطار الصائمين في ساحات المستشفيات والخلاوى والأسواق خلال شهر رمضان مرضاة لوجه الله تعالي.
ويرفض الطيب الأمين فكرة الافطار داخل المنزل خلال شهر رمضان بقوله : ننتظر شهر رمضان بفارق الصبر لنخرج للضرا ونفطر مع الجيران والأصدقاء ونتفاكر ونتونس لفترة تصل إلى ما قبل صلاة التراويح بقليل لنعوض ماضاع من ونسة في ظل تسارع ايقاع الحياة ومشغوليات الناس بالمعيشة وظروف العمل الضاغطة.
ويرى أحمد آدم من ولاية شمال كردفان انه من العيب أن تفطر داخل المنزل خلال الشهر الكريم فالافطار داخل المنازل للنساء فقط،فالرجال مكانهم الضرا إلا أصحاب الاعذار والظروف الخاصة .
ويضيف محمد علي ان تناول الافطار في جماعة خلال الشهر المبارك من شأنه ان يقوي الترابط الأسري ويعرف الناس ببعضهم البعض ويسهم في ازالة كل ماعلق بالنفوس وسوء الفهم فهو فرصة للتسامح وتصفية النفوس.

الانتباهة