سل صيامك .. أحب الأمير فتاة فعقد الملك أغرب اتفاق مع والدها
هذه حكاية عن الحب عندما يهذب النفوس ويرفع الهمم، فقد كان للملك الساساني بهرام جور ابن وكان هو الأمير المرشح لولاية الملك من بعده، لكن الفتى نشأ ناقص الهمة ساقط المروءة خامل النفس مسيء الأدب، حتى وقع في حب فتاة، وهنا حدث أغرب اتفاق بين والده الملك بهرام جور ووالد الفتاة، فما هو الاتفاق؟ وهل يغير شخصية الأمير إلى الأفضل؟.
روى الكاتب شهاب الدين محمد بن أحمد أبي الفتح الأبشيهي هذه القصة الغريبة في كتابه “المستطرف في كل فن مستظرف” في الباب الحادي والسبعين عن العشق والعشاق.
ويروي الأبشيهي:
قال ذو الرياستين (الفضل بن سهل) إن (الملك الساساني) بهرام جور كان له ابن وكان قد رشحه للأمر من بعده، فنشأ الفتى ناقص الهمة ساقط المروءة خامل النفس مسيء الأدب، فغمه ذلك فوكل به من المؤدبين والمنجمين والحكماء من يلازمه ويعلمه، وكان يسألهم عنه، فيحكون له ما يغمه من سوء فهمه وقلة أدبه إلى أن سأل بعض مؤدبيه يوماً، فقال له المؤدب قد كنا نخاف سوء أدبه فحدث من أمره ما صيرنا إلى الرجاء في فلاحه قال وما ذاك الذي حدث؟ قال رأى ابنة فلان المرزبان ( الفارس ) فعشقها فغلبت عليه فهو لا يهدأ إلا بها ولا يتشاغل إلا بها فقال بهرام: الآن رجوت فلاحه.
ثم دعا (الملك بهرام جور) بأبي الجارية فقال له إني مسر إليك سراً فلا يعدوك فضمن له ستره فأعلمه أن ابنه قد عشق ابنته، وأنه يريد أن ينكحها إياه، وأمره أن يأمرها بأطماعه في نفسها ومراسلته من غير أن يراها وتقع عينه عليها فإذا استحكم طمعه فيها تجتنبه وتهجره فإن استعلمها ( سألها ) أعلمته أنها لا تصلح إلا لملك، ثم لتعلمني خبرها وخبره ولا تطلعهما على ما أسره إليك، فقبل أبوها ذلك منه ثم قال للمؤدب والموكل بأدبه حضه وشجعه على مراسلة المرأة، ففعل ذلك وفعلت المرأة كما أمرها أبوها.
فلما انتهت إلى التجني عليه وعلم الفتى السبب الذي كرهته لأجله أخذ في الأدب وطلب الحكمة والعلم والفروسية والرماية وضرب الصولجان حتى مهر في ذلك، ثم رفع إلى أبيه أنه محتاج إلى الدواب والآلات والمطاعم والملابس والندماء وما أشبه ذلك.
فسر الملك بذلك وأمر له بما طلب ثم دعا مؤدبه فقال له إن الموضع الذي وضع به ابني نفسه من خبر هذه المرأة لا يدري به، فتقدم إليه وأمره أن يرفع أمرها إلي ويسألني أن أزوجه إياها، ففعل المؤدب ذلك فرفع الفتى ذلك لأبيه فدعا بأبيها وزوجه إياها، وأمر بتعجيلها إليه وقال إذا اجتمعت أنت وهي فلا تحدث شيئاً حتى أصير إليك.
فلما اجتمعا صار إليه فقال يا بني لا يضعن قدرها عندك مراسلتها إياك وليست في خبائك، فإني أمرتها بذلك وهي أعظم الناس منة عليك بما دعتك إليه من طلب الحكمة والتخلق بأخلاق الملوك حتى بلغت الحد الذي تصلح معه للملك من بعدي، فزدها من التشريف والإكرام بقدر ما تستحق منك، ففعل الفتى وعاش مسروراً بالجارية وعاش أبوه مسروراً به وأحسن ثواب أبيها ورفع منزلته لصيانة سره وأحسن جائزة المؤدب لامتثال ما أمر به.
صحيفة سبق