أديبة.. شرق الشمس.. غرب البحر
الطريق لمنزل صاحبة القضية الاشهر هذه الايام بالسودان “اديبة فاروق” بحي ابوادم جنوب الخرطوم ليس سهلا !
• تحتشد بذاكرتك وانت تعبر صوب المنزل الكثير من الاسئلة وتحاصرك استفهامات شتى في يوم اختفاءها المريب الثامن ليطل السؤال الابرز اين هي الان يا ترى اديبة؟.
• خرجت لجلب زاد من الخبز عند الثانية منتصف النهار ولم تعد بعدها ابدا…ابدا..ابدا.
• شاب عشريني وضع سماعات الراس على اذنيه كان هو دليلنا ومرافقي الصديقين محمد عبدالماجد وسامي علي..سالنا عن مربع ستة بابوادم دون ان نشير لوجهتنا على وجه الدقة والتحديد فتكفل بطرح السؤال والرد عليه في ان واحد وعاجلنا بسرعة “ماشين بيت المرا المفقودة مش؟ الاستوب داااك شايفنه؟ بس خشو بيهو يمين وعلى يدكم اليمين طوالي حتلاقو الصيوان”
• شكرناه ومضينا على ذات الوصف … عند الاشارة المرورية المقصودة استوقفتنا جلبة شديدة وضوضاء تعطلت على اثرها حركة السير بالطريق بينما ارتسم الفضول على وجه كل سائقي المركبات المتراصة وكل يسال الاخر بحذر ” في شنو هنا لو سمحت” لكن لا احد…لا احد يجيب!
• تخطينا موقع الجلبة بقليل وتوقفنا عند سائق احدي الركشات المعطائين فتكفل دون مشقة باشباع رغبتنا في معرفة سبب الضجة صائحا “والله يمكن يجي عشرين ولا تلاتين شاب نزلوا ضرب في بعض شديد قبل شوية هنا وجات الشرطة ساقتهم”
• شكرناه جميعا بحرارة دون منحه مساحة اخرى للاسترسال وكانما بنا لحظتها وقد اصابتنا لذة الشعور بالانتصار لكون اننا نجاحنا في الحصول على حقيقة ما جرى هنا رغم انف من تجاهلوا مسبقا إشفاء غليل سؤالنا بهز رؤوسهم بلامبالاة مثيرة للغيظ ثم اكملنا الطريق صوب سرادق فقدان اديبة.
• وصلنا لموقع السرداق…”صيوان فقد ” كبير نصب امام المنزل د وامتدت مساحته لتظلل وجوها اعياها الترقب وقتلها صمتا الانتظار.
• شققنا الجموع بحثا عن زوجها امام عبد الباقي النعمة بحسب ما التقطنا من ورقة البلاغ المدون في سجلات الشرطة ..قلت لمرافقي حدقوا جيدا في الوجوه وابحثوا عن رجل خمسيني يرتدي جلبابا ابيض ونظارة طبية تنسدل برباط حول عنقه ينتهي عند اذنيه…التقطت التفاصيل من اخر صورة شاهدتها له بمواقع التواصل ثم بدانا ثلاثتنا البحث.
• التفاصيل طابقت رجلا يجلس رفقة ثلاثة من الرجال بدا من محياهم انهم من رجال العشيرة..التفت صوبنا ليستقبلنا بترحاب كبير وبحرارة تسامت عنده فوق وجع الفاجعة فبادلناه التحية باحسن منها والقينا على مسامعه بعضا من عبارات المؤازرة والمواساة قبل ان تصك اذني عبارة “الفاتحة…الفاتحة” لالمح بطرف عيني صديقنا سامي وهو يهم برفع يديه للعزاء ففغرت فاهي من الدهشة واغلقت عليه سريعا المنافذ بان تعمدت مجددا رفع صوتي عاليا للرجل مرددا ” ربنا يجمعكم بيها ويرجعها سالمة باذن الله” ففهم سامي الرسالة وانزل سريعا يديه وسلم بحرارة على الرجل الذي سارع واخبرنا بانه شقيق زوج المفقودة وليس زوجها لكن تفضلوا…تفضلوا فاجلسنا وسط ترقب كثيرين علنا نحمل لهم في جعبتنا نبا يسر قلبا او خبرا يزيح عنهم غمة وضيق.
• اثنين من الشباب توجها صوب محمد عبدالماجد وبادلاه التحية والسؤال عن حال الهلال مبديين اعجابا كبيرا بما يخطه قلمه بينما توجه شيخ وقور نحوي ليبدى ملاحظة حول حلقة تلفزيونية كانت ضيفتها وزيرة التربية والتعليم بولاية الجزيرة ويقول “كان تعصروها زيادة ياخ” فابتسمت وانحنيت براسي سريعا نحو صديقنا الثالث سامى لاساله متعجبا ” يا زول انت فاتحة شنو الكنت عاوز تشيلها ؟ الزولة دي مفقودة ما ميته” فرد بسرعة ” انا قريت في الفيس انها لقوها مقتولة والقتلوها ناس الفرن وافتكرت ده الحصل” ثم رفع بعدها يديه للسماء يدعوها ان تفك عنها كربتها وتعيدها سالمة لابناءها.
• قطع علينا مجلسنا شاب مهذب وهو يطلب منا السلام على زوج ام الكل الان اديبة فهببنا سريعا لمصافحته فصافحنا بترحاب كبير ومحبة ثم طلب منا التفضل بالجلوس.
• نظر الي بوجه تكسوه ابتسامة تخفي وراءها ما تخفي من وجع وانين ثم عاجلني بقوله ” عرفتك بالصوت بس وانا بسلم ” شكرته متمتما ببضع كلمات ونظراتي تسبق كلماتي وتبرق بالسؤال :هل من جديد بشان اديبة؟
• اطرق الرجل قليلا براسه…اعاد اصلاح وضعية نظارته ثم بدا الحديث.
“يتبع”
* املى قبل ان يكتمل الجزء المتبقي من هذه الحكاية ان تنبعث من شتات رماد الاختفاء هذا “أديبة..وتجلو الحقيقة”
أديبة..شرق الشمس..غرب البحر
“2-2”
• جلست الى زوج أديبة… اطرق الرجل براسه قليلا…اعاد اصلاح وضعية نظارته ثم بدا الحديث.
• “للاسف مافي اي جديد في الموضوع والليلة ليها تمانية يوم من اختفت وما عارفين لسه الحاصل عليها شنو”
• استغليت انشغال مرافقي في الجلسة واقتربت منه اكثر لاساله قائلا: إحساسك بقول ليك شنو بصراحة يا عم امام؟ مفقوده وحترجع؟ ولا مختطفة ومقيده حركتها؟ فرد مفصحا عن احساسه بكل وضوح واتحفظ بدوري في ايراد اجابته لتقديرات اراها تقتضي ذلك .
• إضاءة شاشة هاتفه التى لا تكف عن التوهج معلنة وصول محادثة جديدة اثارت انتباهي فلحظ ذلك مستوعبا لفضولي وقال “من حصلت القصة دي وانتشر الخبر ده التلفون ده ما سكت..كل زول بسال وبدعي ويحاول يعرف اذا في جديد..اسمع براك” ثم امتدت يده لزر الاجابة واستقبال المحادثة مع تشغيل مكبر الصوت لياتي صوت احداهن من الطرف الاخر وهي واجلة تسال بكل جزع ان كان هناك جديد بشان اديبة ثم تضيف ” والله ما بنعرفها ولا حصل لاقيناها لكن والله بس من صورتها ساكت ردناها في الله وان شاء الله ربنا يجمعها بيكم يا رب” ثم تسترسل مهمهة بنواح نسائي معهود مصحوبا ب “بركة سيدي الحسن ” كما قالت وتنتهي المحادثة.
• هممت بطرح سؤال اخر معدلا في وضعية جلوسي لكن الهاتف الملحاح يرفض ان يكف عن الصراخ معلنا عن مكالمة اخري جديدة تسال عن اديبة.
• دفع الامام هذه المرة بهاتفه صوبي وطلب منى ان ارد بنفسي واسمع..استجبت لطلبه ولامست شاشة هاتفه لابدا مكالمة اخرى ملتاعة لامراة نائحة تسال عن اديبة ولا تعرفها!
• غبطة تملكتني لحظتها تجاه هذا الشعب المعلم العظيم…يساندك عند الشدائد…يشاركك مواجعك ..يحزن لحزنك بل ويرقص في فرحك دون ان تكون بينه وبينك رابطة قرابة سوى انك سوداني وهو ايضا!
• انهيت المحادثة ودفعت بالهاتف سريعا لرفيقنا سامي ليتولى مهمة الرد علي محادثة اخرى قفزت على الشاشة بمجرد ما فرغت من محادثتي مع المراة المتصلة.
• غالبية المتصلين كانوا نساء…ربما لان اديبة صارت قصتها تشكل رمزية في لا وعي الكثير من النساء وباتت ايقونتهم الملتهبة الان .
• عدت لمحدثي زوج اديبة الاستاذ الامام وقلت له ” المواقع تضج بالكثير من القصص والروايات يا عم امام ”
• فهم مقصدى الخجول من السؤال وابتسم ليجيب ” قالوا مرة انها بتعاني من مرض نفسي؟ ومرة مشاكل اسرية؟ ومرو مشاكل في الحي؟صاح ؟….تجاهلت التاكيد على هذه الشائعات لادعه يكمل حديثه بجلد ورباطة جأش مذهلة لرجل يعاني ويلات فقد بالاختفاء لشريكة عمر وحياة بدات من ليبيا ثم انتهت حيث اديبة هي الان فحدثني قائلا:-
• اديبة زولة خوافة والشارع ده بتخاف منه وبتحب اولادها جدا لدرجة ولدها الصغير ده حمته يمشي الفرن ومشت هي بدله وهي زولة بكامل صحتها النفسية ووعيها وما عندنا ذاته مشاكل مع زول…انا زول في حالي ذاتي وما عندي مشكلة مع زول ولا اكلت حق زول ولا عندي حاجة تتاكل ذاته وكنت بمشي سنار واجي وعايشين في امانة الله لحدي ما مرقتها الاخيرة المرقتها للفرن دي والمرقه الياها.
• قاطعته متساءلا : وين هو الفرن ده؟
• اشار لي بيده ناحية الاتجاه يمينا وانت خارج من المنزل ..تنعطف بعدها مباشرة نحو اليمين لتعبر طريقا مختصرا يفضي بك مباشرة الى المخبز القابع على ناصية المكان مطلا على شارع ترابي عريض وحيوي تعبر من خلاله السيارات ويعج بالمارة واربعون ثانية…40 ثانية بالضبط كان هو الزمن الذي استغرقته في الوصول من منزل اديبة للمخبز بعد ان تعمدت حساب الزمن الذي يستغرقه المشوار من المنزل اليه فكانت 40ثانية فقط.
• قلت له سمعت حديثا اليوم “امس الاول الاثنين” عن بحث للشرطة تم بواسطة الكلاب البوليسية وخلص لنتائج.
• بدا غير متفاءلا بالامر وحكي لي الرواية المتداولة التي سمعتموها والتي تتحدث عن منزل مجاور تحت التشييد ركض اليه الكلب البوليسي ونبشت ارضيته الشرطة وقفز منه لمنزل مجاور وبقية التفاصيل المتداولة التى سمعتموها والتى لا اميل شخصيا لسردها للخصوصية التي يحتاجها العمل الشرطي في مثل هذا النوع من القضايا ويتقاطع معها احيانا دون قصد من الناس او اكتراث شغفهم وولعهم بالتفاصيل.
• قطع صوت حديثنا جلبة حدثت في السرداق…اجتمعت العشيرة في دائرة وتوجهت انظار كل من كان بالمكان صوبها ليستجلي ما يحدث.
• لم يلتفت الامام…اكتفى بالاشارة نحوهم بيدهم وقال لي ” هؤلاء اهلنا و عشيرتنا وكما تراهم بلغ منهم الصبر مبلغا واظنهم يتشاورون في امر ما في ما بينهم”
• عدت ببصري ناحيته لاساله ” الاولاد كيف”؟
• خلع نظارته ومسح بكم جلبابه على عينيه فاستغليت السانحة لارى ملامح هذا الصمود المتخفي خلف هذه العدسات الزجاجية الشفافة ولم ارى ساعتها سوى انكسار اب لا يملك ان يقدم لابناءه اجابة شافية على سؤال ” امي وين؟” وما اقساه من انكسار.
• كانت اقسي لحظات جلوسي معه…بدا صوته واهنا جدا متعبا هذه المرة وهو يجيب بحشرجة واضحة “حالتهم حالة وتعبانين خالص وعاوزين امهم وبسالوا عليها”.
• تداخل معنا بالحديث شاب مهذب شاركنا الجلسة عارضا على ان التقيهم اذا رغبت في ذلك فقاطعته بسرعة “لا لا…خليهم”..لم اكن مستعدا لخوض غمار اختبار قاسي كهذا وبدا ذهني مرعوبا من فكرة ماذا اذا ما باغتنى احدهم بالسؤال عن اين امي الان؟
• تركت الامام مستغلا سانحة قيامه للترحاب بزوار قادمين للسرداق ووداع اخرين ذاهبين على امل ان يعودوا مع عودة اديبة وطلبت من محدثي ان ياخذنا صوب المنزل تحت التشيد المجاور للفرن وما ان عبرنا خارج الصيوان الا ولحق بنا مجددا الزوج المفجوع ليلح علينا قائلا” عليكم الله ما تمشو الا تقعدو تتغدو”
• يا للهول ! اي رجل هذا الذي يتذكر واجبا سودانيا اصيلا في عز فاجعته هذه! اي رجل !
• شددت على يده بقوة واعجاب واعتذرت له بشدة عن عدم قدرتنا على البقاء فصاح احدهم من الجالسين امام بوابة المنزل “يا اخوانا اقعدوا والا حيحلف عليكم طلاق…طلاق !! وتذكرت ساعتها اديبة ومضيت.
• ذهبنا نحو الفرن الذي بدا على النحو الذي ذكرناه بعد ان مررنا علي المنزل تحت التشييد والذي عدنا اليه مرة اخري ودلفنا لداخله بعد ان لحظت ان الشرطة لم تفرض عليه قيدا او طوقا امنيا بحيث لا يسمح بالعبور وواجهته مفتوحة دون حائط خارجي او باب في حين تكفل مرافقينا بسرد خط سير الكلب البوليسي والبحث الذي اجرته الشرطة على ارضية المنزل الخلفية الترابية ثم اتجاه الكلب بغد ذلك صوب…..النيل!
• شئ ما اعادني مرة اخرى للسرداق لوداع العم الامام..ثمة الفة نشات بيني وبينه دفعت بي للعودة لوداعه ومؤازرته مرة اخري مع رغبة في احتضانه لافساح المجال لهذه الاعين المجهدة للبكاء لكن جلده ورباطة جاشه وقف حائط سد عنيد بينه وبين ذلك.
• صافحني بامتنان ..قدم شكره الجزيل على الزيارة ثم اشاح بوجهه بعيدا عنا… بعيدا .. شرقا صوب الشمس حيث حتما ستسطع يوما شمس الحقيقة… وغربا صوب….. البحر !!
“انتهى”
بقلم
طلال مدثر
قولوا يا جامع يا رقيب
اللهم يا واحد يا احد يا فرد يا صمد اجمعها مع ذويها ارجعها سالمة..
رائع يا اخ طلال وكفى …المجال لا يسمح بالاشادة والمدح…
مقال ممل ممل الى درجة السخافه رقم اهمية الموضوع ….ياخى لاداعى لسرد التفاصيل بهذه الصوره القبيحه والممله فى نفس الوقت نحن فى زمن المختصر المفيد وانت لم تأتى بجديد غير سرد حركات وسكون المكلومين
اللهم رد اديبه الى اهلها …فصبر جميل…
مفروض يكون البحث بالطائرات مابحضروا افلام امريكيه ل fbiحتي كان مادربوهم مفروض الحيش يحرك طايرات هليكوبتر بدل قاعده ساي ركنت زاته دي اسي مهمه جاده مجرمين هاربين يبحثو عنهم بال
اكثروا من قول لا حول ولا قوة الا بالله
مرة اخرى للسرداق لوداع
وهل اسمه السرداق ولا السرادق
اين تعليقي يا جماعة ليه مايظهر ولا يظهر انه تتم مراجعت